تقرير: العالم على شفى كارثة مناخية
حذر خبراء المناخ في الأمم المتحدة من أن شح المياه والنزوح وسوء التغذية وانقراض أنواع من الحيوانات والنباتات، سيؤدي حتماً لتدمير الحياة في غضون ثلاثين عاماً أو حتى أقل
مركز الأخبار ـ .
بحسب ما أكدته الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيير المناخ في تقرير لها، فأنه مهما كانت وتيرة تخفيض انبعاثات غازات الدفيئة، فإن التأثيرات المدمرة للاحترار المناخي على الطبيعة والبشرية، ستتسارع.
وجاء في جزء من التقرير أن "الحياة على الأرض يمكن أن تتعافى من تغير مناخي كبير عبر الانتقال إلى أنواع جديدة وإقامة أنظمة بيئية جديدة"، وأضاف "أما البشرية فغير قادرة على ذلك".
وتعهد العالم في عام 2015 بعد توقيع اتفاق باريس حول المناح إلى حصر الاحترار المناخي بأقل من درجتين مئويتين أو حتى 1.5درجة مقارنة بحقبة ما قبل الثورة الصناعية.
وأشار التقرير بأنه منذ عشر سنوات، كانت عتبة الدرجتين تعتبر مقبولة، مع هامش أمان ضئيل كذلك، لكن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ تعتبر أن تجاوز 1.5 درجة مئوية قد يتسبب تدريجياً، بعواقب وخيمة، على مدى قرون، لا يمكن الرجوع عنها أحياناً".
وأشارت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية قبل فترة إلى وجود احتمال بنسبة 40% أن يتم تجاوز عتبة 1.5 درجة مئوية على أساس سنوي بحلول العام 2025.
وأوضحت الهيئة من خلال التقرير أن "الأسوأ آت وسيؤثر على حياة أبنائنا وأحفادنا أكثر مما يفعل على حياتنا"، في حين أن الوعي بالأزمة المناخية بات أكثر من أي وقت مضى.
وأضاف التقرير بأنه "مع ارتفاع حرارة الأرض 1.1 درجة مئوية منذ منتصف القرن التاسع عشر، باتت التداعيات خطرة من الآن، وستزداد حدة حتى لو لجمت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وسيكون الأطراف الذين يتحملون أقل قدر من المسؤولية عن هذه الانبعاثات، أكثر من يعانون".
وبدأت الثورة الصناعية خلال الفترة 1750 ـ 1850، وهي فترة ظهور تكنولوجيا جديدة وطرق مبتكرة لرؤية العالم والتعامل معه، والذي يقود إلى تغيير عميق في البعدين الاقتصادي والاجتماعي.
وأشار التقرير بأنه "حتى مع 1.5 درجة مئوية، ستتغير ظروف الحياة بما يتجاوز قدرة بعض الكائنات على التكيف"، حيث يرجح أنه قد يكون قد فات الأوان لبعض الحيوانات والنباتات، بما فيها الشعب المرجانية التي يعتمد عليها نصف مليار شخص، ومن بين الأصناف المهددة أيضاً، حيوانات القطب الشمال الذي ترتفع حرارته ثلاث مرات أسرع من المعدل الوسطي، ما قد يتسبب بالقضاء على نمط حياة الناس الذي يعيشون بارتباط وثيق بالجليد.
ولا تشكل الشعاب المرجانية سوى 0.5 بالمائة من مساحة قاع المحيطات، وهي هياكل معقدة ثلاثية الأبعاد بنيت على مدى آلاف السنين، نتيجة لترسيب هياكل كربونات الكالسيوم، وتعد بمثابة "الغابات المطيرة للبحار" ولها أهمية كبيرة.
ولفت التقرير أنه "في كل أنظمة الإنتاج الغذائي، من الزراعة وتربية الحيوانات إلى الصيد وتربية الأحياء المائية، الخسائر المباغتة تتزايد، فالتقلبات المناخية هي المحرك الرئيسي لها".
وحذرت الهيئة الحكومية من خلال تقريرها بأن "المستويات الحالية من التكيف ستكون غير كافية للاستجابة إلى المخاطر المناخية المستقبلية".
وبين التقرير بأنه "حتى مع حصر الاحترار المناخي بأقل من درجتين مئويتين، سيواجه ما يصل إلى 80 مليون شخص، إضافي الجوع بحلول العام 2025، فيما قد يغرق 130 مليون شخص إضافي في الفقر المدقع في غضون عشر سنوات، وفي العام 2050 سيكون مئات ملايين سكان المدن الساحلية معرضين للخطر بسبب ارتفاع مستوى مياه البحر، ما سيؤدي أيضاً إلى موجات نزوج كبيرة".
وأشار التقرير بأنه "مع حصر الاحترار المناخي بـ 1.5 درجة مئوية، سيواجه 350 مليون شخص إضافي من سكان المدن شحاً في المياه، ليرتفع العدد إلى 400 مليون شخص في ظل درجتين مئويتين، ومع النصف درجة الإضافية هذه سيكون 420 مليون شخص إضافي مهدداً بموجات حر شديدة".
وتوقع التقرير أن "تزيد نسبة التكيف بالنسبة لإفريقيا بعشرات مليارات الدولارات في العام مع تجاوز الدرجتين المئويتين، وينبغي أيضاً تأمين هذه الأموال".
ولفت التقرير من جهة أخرى إلى خطر الآثار المتتالية، قد تتعرض بعض المناطق (شرق البرازيل، جنوب شرق آسيا، ووسط الصين) وكل المناطق الساحلية لثلاث أو أربع كوراث مناخية متزامنة وحتى أكثر: موجات حر وجفاف وأعاصير وحرائق وفيضانات وأمراض يحملها البعوض.
وبحسب التقرير "يجب الأخذ بالاعتبار أيضاً الآثار المفاقمة لأنشطة مضرة أخرى للكوكب يقوم بها الإنسان هي: تدمير المواطن الطبيعية واستغلال الموارد البيئية والتلوث وتفشي الأمراض".
فهناك ثمة نقاط حاسمة وهي عناصر أساسية قد يؤدي تغييرها جوهرياً إلى تبدل جذري ولا رجعة عنه في النظام البيئي، وفي حال تخطى الاحترار المناخي الدرجتين المئويتين، قد يتجاوز على سبيل المثال ذوبان الصفائح الجليدية في غرينلاند وغرب القطب الجنوبي (اللذان يحتويان على كمية كافية من المياه لرفع مستوى مياه البحر 13 متراً)، نقطة تحول لا يمكن الرجوع عنها، بحسب أبحاث أجريت في الفترة الأخيرة.
وأكد التقرير بأنه لهذا السبب "كل جزء من درجة مئوية يهم"، في وقت قد تشهد فيه منطقة الأمازون ـ إحدى رئات كوكب الأرض إلى جانب المحيطات ـ نقطة تحول أخرى بعدما تضاءل عدد الأشجار فيها كثيراً".
ورغم التقييم الذي يحمل إلى القلق، إلا أن الهيئة أكدت أن التقرير يعطي بعض الأمل، فلا يزال بإمكان البشرية أن توجه مصيرها نحو مستقبل أفضل عبر اتخاذ تدابير حازمة فورية للحد من تسارع وتيرة التغير المناخي في النصف الثاني من القرن.
ويؤكد التقرير "أننا بحاحة إلى تحول جذري للآليات والسلوكيات على المستويات كلها: الأفراد والجماعات والشركات والهيئات والحكومات" ويشير في ختامه "ينبغي علينا إعادة تحديد نمط حياتنا واستهلاكنا".
وخصص تقرير التقييم الكامل في أربعة آلاف صفحة، وهو الأكثر تشاؤماً من التقرير السابق الصادر في عام 2014، توفير معلومات تؤخذ على ضوئها القرارات السياسية، لكنه لن ينشر قبل شباط/فبراير 2022، بعد موافقة الدول الأعضاء الـ 195 في الأمم المتحدة بالإجماع عليه، ويعتبر بعض العلماء أن هذا الموعد متأخر جداً بالنسبة إلى الاجتماعات الدولية الحاسمة حول المناخ والتنوع الحيوي التي ستعقد في أواخر عام 2021.