حرائق وآفات وغزو الجراد... غابات زاغروس في مواجهة تحديات بيئية
تعاني غابات زاغروس من تدمير بسبب عوامل منها الحرائق الواسعة التي تمت بشكل متعمد، وقطع الأشجار الجائر، وانتشار آفة لورينتوس. كما تواجه تهديداً إضافياً يتمثل بهجوم لعُث أكل أوراق البلوط، مما يعرض أجزاء من بيئة زاغروس للخطر.

مركز الأخبار - في الوقت الذي تعاني فيه إيران من أزمات بيئية عديدة مثل الجفاف وتآكل التربة وتلوث الهواء وتناقص موارد المياه، تموت غابات زاغروس لأسباب عديدة مثل الحرائق الواسعة النطاق والمتعمدة وقطع الأشجار ووجود آفة لورينتوس، ومن أحد أخطر التهديدات البيئية في السنوات الأخيرة هو الهجوم الواسع النطاق لعث آكل أوراق البلوط وإسراب الجراد الضخمة على النظم البيئية الطبيعية خاصة على غابات زاغروس، لتتحول إلى كارثة منتشرة بسبب إهمال وسوء إدارة المؤسسات المسؤولة في الجمهورية الإسلامية.
الفراشات آكلة أوراق البلوط موت صامت لزاغروس
تغزو عثة آكلة أوراق البلوط (Lymantria dispar)، المعروفة باسم "عثة قاتلة البلوط" غابات زاغروس منذ سنوات، وفي الربيع تتجمع وتلتهم أوراق أشجار البلوط في فترة قصيرة من الزمن، وتؤدي هذه العملية إلى انخفاض حاد في عملية التمثيل الضوئي، وإضعاف الجهاز المناعي للشجرة، وفي نهاية المطاف موتها التدريجي.
وفي حين حذر خبراء البيئة من هذه الآفة لسنوات، فإن مديري الموارد الطبيعية في إيران خاصة منظمة الغابات والمراعي، لم يكن لديهم خطة وقائية ولم يظهروا استجابة فعالة، ورغم أن الرش البيولوجي في المراحل المبكرة من حياة هذه الفراشات يمكن أن يوقف دورة حياتها، إلا أن هذه الفرص ضاعت بسبب نقص التمويل ونقص المعدات، والنظرة الأمنية تجاه الناشطين البيئيين.
غزو الجراد تهديد للأمن الغذائي
من ناحية أخرى، استهدفت هجمات غير مسبوقة من الجراد الصحراوي (Schistocerca gregaria)، الذي هاجر إلى إيران من شبه الجزيرة العربية، أجزاء كبيرة من البلاد في السنوات الأخيرة، يلتهم هذه الجراد الحقول والمراعي والغابات في فترة قصيرة من الزمن، مما يسبب أضرارا لا يمكن إصلاحها لموارد الغذاء في إيران.
ورغم توقعات منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) وتحذيرات الخبراء، لم تكن هناك استجابة مناسبة من الحكومة فحسب، بل واجه العديد من المزارعين المحليين هذه الآفة بأيدٍ فارغة ومعدات أساسية، في حين كان من المتوقع أن تمتلك مؤسسات مثل وزارة الجهاد الزراعي ومنظمة الدفاع السلبي خطة أكثر شمولاً لمكافحتها من خلال تعبئة الموارد.
عدم المسؤولية وسوء الإدارة
ومن بين الأسباب الرئيسية لانتشار هذه التهديدات سوء الإدارة، والميزانيات غير الفعالة، والمنظور الأمني للأزمات البيئية، في حين تعتبر مكافحة آفات الغابات أولوية وطنية في البلدان المتقدمة، فإن حماية البيئة في إيران أصبحت ضحية للتهور والفساد الهيكلي والتركيز المفرط على القضايا السياسية والعسكرية.
وبالإضافة إلى ذلك تعرضت أنشطة الحماية العامة لضغوطات، وواجهت المنظمات غير الحكومية البيئية قيوداً قانونية أو واجه أعضاؤها صدامات أمنية، وفي ظل هذه الظروف لم يعد هناك أي دعم لمتابعة الأزمات الطبيعية على نحو جدي.
زاغروس تموت
ولا تشكل غابات البلوط في زاغروس جزءاً من الهوية الأصلية والبيولوجية لكردستان وجنوب إيران فحسب، بل تلعب دوراً حيوياً في إنتاج الأكسجين ومنع تآكل التربة والحفاظ على الموارد المائية والتنوع البيولوجي، إن تدمير النظام البيئي يعني الدخول في حلقة مميتة من التصحر، والهجرة البيئية، وتهديد الأمن الغذائي لملايين البشر.
إن الأزمات مثل هذه ليست نتيجة لعوامل طبيعية فحسب، بل نتيجة للضعف الهيكلي وسوء الإدارة المزمن، والنظرة غير العلمية للبيئة في إيران، وإذا لم تقم المؤسسات المسؤولة بإعادة النظر في سياساتها وتوفير الموارد، والتفاعل مع المجتمع العلمي والمدني في أقرب وقت ممكن، فإننا سنواجه كارثة بيئية لا يمكن إصلاحها في المستقبل غير البعيد.