باحثة مغربية في علم النيازك والكواكب تساهم في إبراز أهمية التراث الجيولوجي
تعتبر الباحثة في مجال علم النيازك والكواكب حسناء الشناوي واحدة من الكفاءات النسائية العلمية المغربية التي استطاعت أن تبرز التراث الجيولوجي، كما كونت جيلاً من الباحثين والمتخصصين في هذا المجال.
رجاء خيرات
المغرب ـ حسناء الشناوي الأستاذة بكلية العلوم في جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء ورئيسة مؤسسة "الطارق" لعلم النيازك والكواكب، واحدة من الوجوه البارزة في مجال البحث العلمي الذي يعنى بعلم النيازك والكواكب، فبفضل الدراسات والأبحاث العلمية التي أنجزتها تمكنت من نيل جائزة دولية رفيعة المستوى هي جائزة "هيباتيا" في إيطاليا.
دراسة علم النيازك
عن مجال علم النيازك والكواكب تقول حسناء الشناوي لوكالتنا "علم النيازك هو علم يتطرق لدراسة أحجاراً قادمة من خارج الأرض. هذه الأجسام تتساقط على سطح الأرض وكذلك على سطح كواكب أخرى مثل المريخ أو الزهرة، وتعتبر النيازك ذات أهمية قصوى نظراً لكونها تمدنا بمعلومات علمية مهمة، بحيث أنها تمكننا من معرفة تاريخ تكوين وتشكل الكون وكذلك تاريخ المجموعة الشمسية، بما فيها الأرض التي نعيش عليها، فضلاً عن ظهور وتكون الماء على سطح الأرض، ثم ظهور الكائنات عليها وانقراض بعضها، كما أن المغرب بلد غني بالنيازك".
ودرست حسناء الشناوي في البداية كيمياء الصخور الصهارية والغازات النادرة، حيث حصلت على شهادة الدكتوراه من جامعة "بيير وماري كوري" في باريس، وفي عام 2000 وبعد التحاقها كأستاذة في جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، فكرت في نيل الدكتوراه في بلدها، حيث التحقت مجدداً بمختبر في جامعة باريس التي كانت قد أدرجت تخصصاً في دراسة علم النيازك، خاصةً النيازك القادمة من المغرب، والتي أحرزت من خلاله مكانة علمية متميزة بفضل الأبحاث العلمية التي أنجزتها.
وعن السنوات التي قضتها في الدراسة تقول "اكتشفت عالماً عجيباً وغنياً ومنذ عام 2000 أصبحت متخصصة في علم النيازك، وأنجزت مجموعة من الأبحاث"، معتبرةً أن حصولها كأول باحثة على جائزة "هيباتيا" الدولية تعد خطوة مهمة، لكونها تُمنح لأشخاص ساهموا في تحسين المعرفة من جهة، ولكونها أول امرأة عربية أفريقية تحصل عليها من جهة أخرى.
وتمنح جائزة "هيباتيا" من قبل شبكة من المراكز الدولية للحفاظ على التراث في العديد من بلدان العالم، كنوع من الاعتراف بالعمل المهني للنساء والرجال الذين ساهموا بالتزامهم في مجال البحث والفنون والمهن في النهوض بالمعرفة العلمية وتحسين جودة الحياة.
مؤسسة "الطارق"
وأسست حسناء الشناوي مؤسسة "الطارق" التي تعنى بدراسة النيازك وعلم الكواكب في عام 2019، رغم أنها بدأت بالعمل في هذا المجال منذ تسع أعوام، لكنه كان يقتصر فقط على العمل الجامعي، وتضم المؤسسة الأساتذة الجامعيين والباحثين في المجال، وكذلك الأشخاص الذين لهم شغف بإبراز التراث الجيولوجي لبلدهم.
وأوضحت أن عمل المؤسسة يرتكز على 4 أهداف رئيسية أولاً تنمية البحث العلمي في علم النيازك والكواكب، وثم العمل على نشر العلوم، ومن ثم التثمين والمحافظة على التراث الجيولوجي كالنيازك والمستحاثات والبلورات، وأخيراً التنمية الجهوية، بحكم أن النيازك يمكنها المساهمة في تنمية الجهة عن تنظيم جولات سياحية.
وتعمل المؤسسة على تشجيع الطلاب لدراسة علم النيازك والكواكب، حيث تم إدراجها ضمن منهاج تعليمي يرتكز على أسس علمية وأبحاث ذات اعتراف دولي، وأشرفت حسناء الشناوي على تكوين مجموعة من الطلاب المتخصصين في المجال.
ودعت إلى إنشاء مركز علمي متخصص في الأبحاث والدراسات والعرض داخل الجامعة، يمكنه أن يقدم دراسات علمية في المجال، كما يمكن أن يكون معرضاً دائماً يعرض من خلاله التراث الجيولوجي المغربي، ويكون رهن إشارة الزوار والباحثين على حد سواء.
حضور نسائي بارز
وأوضحت أنها رفقة فريق عملها قاموا بتسمية وتصنيف كل النيازك المغربية، ومن بين الأبحاث العلمية المهمة التي أنجزت تلك التي تم نشرها في المجلة العلمية المتخصصة "Sciences"، وهي واحدة من أهم المجلات العلمية في العالم، وكانت حسناء الشناوي أول امرأة في علم النيازك تنشر بهذه المجلة، حيث شمل بحثها نيزك "تيسينت" وهو نيزك مريخي سقط بالمغرب في تموز/يوليو عام 2011، حيث أبرزت من خلال هذا النيزك أن سطح كوكب المريخ كان مبللاً أثناء سقوط النيزك.
وأكدت على أن هناك حضور نسائي بارز داخل مجال علوم النيازك والكواكب، مشيرةً إلى أن هناك إقبال من طرف الطالبات على دراسة هذا العلم، وأن نسبة الطالبات في دراسة الدكتوراه في هذا المجال تفوق نسبة الطلاب بكثير.
وأضافت "هناك بعض التخوفات التي تنتاب أولياء أمور الطالبات، خاصةً في الجانب المتعلق بالجولات الميدانية، لكن كل ذلك يندثر مع الاطلاع عن قرب على ظروف العمل والأساتذة المؤثرين الذين يرافقون الطالبات أثناء رحلات البحث التي يجرونها".
وعن الصعوبات والتحديات التي تواجهها تقول حسناء الشناوي أنه بحكم عملها كباحثة في الجيولوجيا فإن ذلك يتطلب منها القيام بجولات ميدانية، لافتةً إلى أنه "بفضل فريقي المنسجم استطعنا أن نتخطى كل الصعوبات وأن ننجز أبحاثاً في جو يسوده الاحترام والنزاهة العلمية والمصداقية".
وأشارت إلى أنه هناك ما يرتبط بالتحاليل التي تخضع لها الصخور، حيث تضطر لإرسال العينات إلى مختبرات في أوروبا وأمريكا تجمعها اتفاقيات تعاون وشراكة مع المغرب، حيث لازال يسجل الأخير نقصاً في التمويل فيما يتعلق بهذا المجال.