السيول والفيضانات في السودان... معاناة تتفاقم يوماً بعد آخر

جثث مفقودة، عشرات القتلى، وممتلكات جرفتها السيول المندفعة من انهيار سد أربعات في ولاية البحر الأحمر شرقي السودان، والذي رسم ملامح كارثة أطلت بوجهها على الولاية التي باتت مهددة بالعطش خلال السنوات القليلة القادمة.

ميرفت عبد القادر

السودان ـ تتفاقم الأزمات بالسودان يوماً بعد آخر، ففي ظل ما تشهده من حرب مستمرة منذ أكثر من عام، نزح على إثرها الآلاف، تسبب التطرف المناخي بتدمير البنية التحتية، وفقدان العشرات لحياتهم.

يقع سد أربعات الذي تم إنشاءه في عام 2003 بمنطقة القنب وأوليب على بعد 40 كيلومتراً من مدينة بورتسودان ويعتبر السد المغذي الرئيسي لولاية البحر الأحمر بالمياه العذبة، وبانهياره باتت بورتسودان مهددة بالعطش.

وتسببت الأمطار الغزيرة التي هطلت على ولاية البحر الأحمر في انهيار سد أربعات والذي أدى إلى مسح عدد من القرى الصغيرة بالكامل، ومقتل عدد من الأهالي وفقدان أكثر من 100 آخرين لم يتم العثور عليهم حتى الآن، كما أسفر الانهيار عن تلف خطوط المياه الرئيسة في المنطقة والتي كانت تغذي عدة آبار وقرى.

ويمثل انهيار سد أربعات بولاية البحر الأحمر كارثة حقيقية، تتمثل بصعوبة في الوصول إلى المياه العذبة، مما أدى إلى مخاوف من فقدان ما كان يأتي إلى الولاية ومناطقها من إمداد مائي، خاصةً بعد تعرض السد لأضرار هيكلية في بنيته التحتية بسبب الفيضانات والسيول التي شهدتها الولاية، حيث تم تأكيد حدوث أضرار جسيمة ومؤثرة في خط الأنابيب الناقلة للمياه العذبة الذي يزود مدينة بورتسودان بالمياه.

وأكد خبراء البيئة على هشاشة الأوضاع بالسودان وعدم استعداد السلطات لخريف العام الجاري، بسبب ما تركت الحرب المستمرة من تداعيات على البنى التحتية للبلاد، إضافة إلى التغيرات المناخية التي أثرت بشكل سلبي على مواعيد سقوط الأمطار، إلى جانب التنبؤ بهطول أمطار غزيرة هذا الموسم.

وحول هذا الموضوع قالت خبيرة البيئة نسرين الصائم، إن النساء في السودان تتأثرن بشكل أكبر بالسيول والفيضانات لعدم خبرتهن في السباحة حيث تمنع الأعراف والتقاليد والعادات في كثير من المناطق تعلم النساء للسباحة، إضافة إلى معاناتهم من صعوبة الوصول للمراكز الصحية للحصول على الرعاية وعلى احتياجاتهن الخاصة بمناطق السيول والفيضانات.

وأكدت على تفاقم معاناة النازحين بعد غمر مياه السيول خيامهم ودور الإيواء التي يتواجدون بها، مشيرةً إلى أن أعداد النازحين بسبب السيول والفيضانات وصلت 150 ألف نازح حتى الآن، ويتوقع أن يتضاعف العدد بشكل أكبر مع استمرار هطول الأمطار الغزيرة.

وكشفت عن احتمالية حدوث جفاف في السودان خلال السنوات القليلة القادمة، بسبب التغير المناخي الذي تأثرت به البلاد، وانهيار عدة جسور في ولاية دارفور غرب البلاد، مما أدى إلى إعاقة وصول المساعدات الإنسانية للنازحين بمعسكرات دارفور.

وتسببت السيول والفيضانات في قطع عدة طرق رئيسية شمال السودان، ما أسفر عن وجود عدد من الضحايا، ويشهد السودان هذا العام فيضانات غير مسبوقة، أدت إلى انهيار ومسح تام لعدد من المناطق بولايات البلاد المختلفة.

وكشفت الإحصائيات الحكومية انهيار كلي لـ 920 منزل، وانهيار جزئي لـ 2.876 بسبب الأمطار والسيول بولايات شمال السودان، إضافة إلى انهيار أكثر من 200 منزل شرق البلاد، في وقت لا تزال هيئة الأرصاد السودانية تحذر من أمطار غزيرة متوقعة.

 

 

بدورها قالت عضوة الإدارة المبكرة بهيئة الأرصاد الجوية دلال بابكر، إن الحرب أثرت بشكل كبير على البلاد وأصبحت البنى التحتية والمجتمعات هشة جداً، وأكثر من يعاني من فئات المجتمع هن النساء والأطفال حيث تأثروا بالأمطار والسيول، كما تأثروا من تعدد المخاطر المحيطة من حروب ونزوح جاءت عليها الأمطار والسيول والفيضانات.

وأشارت إلى أن هناك مخاطر أخرى تلاحق النساء وهي خروج الثعابين والعقارب من باطن الأرض بشكل كبير في عدة مناطق بشمال السودان، لافتةً إلى أن هناك مخاطر أخرى أظهرتها الفيضانات وهي التعدين بمناطق شمال البلاد التي قد يمتد أثرها للمدى البعيد وكذلك النفايات المتراكمة التي جرفتها السيول والمخاطر التي تسببها من أمراض ووبائيات وغيرها.

ويشهد السودان في كل عام أمطاراً غزيرة تتسبب بحدوث سيول وفيضانات بين شهري أيار/مايو، وتشرين الثاني/أكتوبر، ما يلحق أضراراً بالبنى التحتية والمحاصيل الزراعية، كما يتسبب بنزوح عائلات بأكملها، وانتشار الأمراض والأوبئة إلى جانب ظهور عدد من الأمراض الأخرى.