مشاتل الزهور... مصدر رزق وترويح عن النفس لنازحات في إدلب
تجتمع فوائد زراعة مشاتل الورد في ريف إدلب ما بين متعة الناظر وتحصيل لقمة العيش، لكنها تحتاج لجهد كبير أثناء العمل في المشتل.
هديل العمر
إدلب ـ لم تمنع ظروف الحرب والنزوح أهالي إدلب من الاهتمام بزراعة الزهور والأشجار رغم الصعوبات وانشغالهم بتدبير أمور حياتهم المعيشية، لتبقى الزهور المتنفس الوحيد لحياتهم التي بات يخيم عليها الحزن والمآسي.
تحتوي ما تسمى المشاتل على مخزون من النباتات المختلفة كالشجيرات ونباتات الزينة والورود والأزهار والأشجار الصغيرة والكبيرة.
تتقن النازحة براءة المحمد (43 عاماً) فن التعامل مع الزهور منذ الطفولة حين تعلمت تلك الزراعة من والدتها، تقول أنها كانت تهتم بزراعة شتى أنواع الزهور في حديقة منزلها الواقعة في ريف إدلب الجنوبي قبل نزوحها إلى مخيمات كفريحمول مع عائلتها المؤلفة من أطفالها الأربعة وزوجها إبان العمليات العسكرية الأخيرة.
وأضافت أنها وبعد ثلاثة أعوام من التنقل والتشرد قررت الاستفادة من خبرتها والاستفادة من مساحة الأرض الواقعة أمام خيمتها وبدأت بمشروعها الصغير بزراعة أنواع الزهور المتنوعة للاستفادة من عائداتها في الإنفاق على أسرتها.
وعن أنواع الزهور التي تهتم براءة المحمد بزراعتها والتي تشهد إقبالاً على شرائها من أهالي إدلب هي الحبق، إكليل الجبل، الورد الجوري بأنواعه، الياسمين، عطر الليل، الغاردينيا، النرجس، القرنفل، الفل، إضافة لبعض الأشجار المثمرة كالتين والزيتون والمشمش والكرز.
تبدأ براءة المحمد بجمع التراب وخلطه بالأسمدة، ثم وضعه بوعاء أو أكياس زراعية ضمن مساكب خاصة بكل نوع وتبدأ عملية الزراعة بداية شهر فبراير/شباط، لتستمر عملية نمو الزهور حوالي ثلاثة أشهر لتبدأ بمرحلة بيعها للأهالي والمزارعين وفي الأسواق.
من جهتها تتعاون منال البرهوم (33) عاماً مع زوجها في زراعة الورد في بيوت بلاستيكية منذ أشهر الشتاء لتنمو بشكل أسرع مع بداية فصل الربيع، وتقول إنه من خلال هذه البيوت يتم ضبط عوامل الجو إذ أن الورود تحتاج إلى درجة حرارة معينة، ويتم زراعة الورد في تربة مخصصة داخل البيوت البلاستكية وهذه التربة يتوفر فيها الغذاء اللازم ليضمن بقاء تلك الورود على قيد الحياة.
اعتادت منال البرهوم العمل في المشتل وزراعة شتى أنواع الشجيرات والزهور منذ نزوحها عن بلدة الجبين بريف حماه الشمالي واستقرارها في قرية حربنوش شمال غرب إدلب.
وعن الصعوبات التي تواجهها في عملها أوضحت أن عدم القدرة في الحصول على المواد الأولية اللازمة مثل تأمين المياه والأسمدة والأدوية التي تستخدم في القضاء على الأمراض وعدم القدرة على تصريف المنتج بسبب انشغال الناس في تأمين قوتها اليومي وتدبير الأوضاع المعيشية وارتفاع الأسعار من أكثر التحديات التي تواجه مشروعها الصغير.
سارة العدنان (38) عاماً أرادت كسر النمط الجامد في مخيمها المنسي، تلك المنطقة القاحلة الجبلية التي تخلو من أي مظاهر خضراء، وتقول "شغفي وحبي للزهور دفعني لزراعتها حتى في مكان كهذا، أردت إضفاء نوع من الحياة لخيمتي، وهو ما حدث فعلاً حين امتلأ المكان بالبهجة والجمال رغم بشاعته".
وأكدت أن فوائد الزهور ليست فقط جمالية وراحة نفسية، بل أيضاً تستفيد منها في تيبيس بعضها لغليها واستخدامها لعلاج بعض أمراض الزكام والسعال والمغص كالمليسة والنعناع والورد الجوري.