الانتهاكات التركية تزيد من مخاطر التلوث البيئي وتهدد نظمه
من رحم روج آفا ولدت ثورة إيكولوجية تسعى خلالها مؤسسات شمال وشرق سوريا لإعادة بناء الطبيعة والحد من مخاطر التغير المناخي على المنطقة.
شيرين محمد
قامشلو ـ تعمل العديد من المؤسسات بإقليم شمال وشرق سوريا جاهدة على الحد من التلوث البيئي في ظل ما يمر به المناخ العالمي من تدهور في مستوياته من خلال المشاريع المتنوعة والإمكانيات البسيطة.
في ظل التغير المناخي وتدهور النظام البيئي الذي بات ملحوظاً في العالم بأكمله، تعمل الجهات المعنية والمنظمات المهتمة بالبيئة إلى إنشاء مشاريع لحماية البيئة والحد من مخاطر التغير المناخ على الإنسان والحيوان والنبات، وفي إطار المساعي الدولية والوطنية تسعى العديد من مؤسسات إقليم شمال وشرق سوريا المعنية بحماية البيئة للحد من التلوث البيئي في المنطقة، خاصة في ظل انتشار العديد من الأمراض والأوبئة وارتفاع درجات الحرارة عن معدلاتها.
وعن تأثير الحروب على بيئة المنطقة أوضحت العضوة في لجنة العلاقات والاتفاقيات الديمقراطية في مؤتمر ستار، والعضو في منصة البيئة في المؤتمر ريحان تمو "نعيش في بقعة جغرافية عانت من النزاعات حتى يومنا هذا، كما أن الهجمات تؤثر بشكل كبير على طبيعة المنطقة وبيئتها، القوى الرأسمالية التي لا تولي أهمية للبيئة وتستخدم الأسلحة بمختلف أنواعها خلال الحروب تتسبب في تدهور وتدمير الأنظمة البيئة في المنطقة والعالم بأكمله"، مؤكدة أن هذه الحروب تزيد بشكل أو بأخر من تفاقم قضايا التلوث البيئي لا سيما في ظل انخفاض الوعي البيئي "ما تسبب فيه هذه الحروب في الوقت الحاضر ستكون تبعاته وخيمة على المستقبل".
وأوضحت أن هجمات تركيا التي تشنها على المنطقة بشكل مستمر تلحق أضرار بالغة بالنظم البيئة "تتعمد طائرات الاحتلال التركي استهداف منشآت النفط بإقليم شمال وشرق سوريا، فقد دمرت صهاريج التخزين والخطوط والآلات مما تسبب في تسرب كميات كبيرة من النقط إلى الأراضي الزراعية والقرى المجاورة بالإضافة لانتشار الغازات الناجمة عن اشتعال هذه المحروقات، هذه الهجمات ألحقت ضرراً كبيراً بالبيئة"، مبينة أن إقليم شمال وشرق سوريا كان يسوده مناخ منتظم "كان الأهالي يتنعمون بمناخ معتدل وبيئة خالية من الملوثات خاصة المناطق المحاذية لنهري دجلة والفرات، لكن مع حبس تركيا لحصة الإقليم من مياه نهر الفرات تحاول جاهدة التأثير على مناخ المنطقة بأي شكل كان كما أن المرتزقة التابعين لها يتعمدون قطع الأشجار وجرف التربة في عفرين وغيرها من المناطق المحتلة".
ونوهت إلى أن "حرمان المنطقة من المياه هي جريمة حرب تنذر بكوارث كبيرة، فالممارسات التي تسببت بتغير مناخ المنطقة وألحقت ضرراً ببيئتها لن تتوقف عند هذا الحد بل ستخلق مناخات لمناطق مجاورة أيضاً، فحبس المياه من قبل تركيا تسبب في حدوث كارثة الزلزال المدمر الذي طالها مع مناطق عدة مجاورة، إلا أنها تستمر في عنجهيتها وسياستها البربرية في حرمان المنطقة من المياه وكذلك الهجمات المستمرة، فماذا سيجلب حبس المياه معه هذه المرة؟"، مؤكدة أن المنطقة تتجه نحو التصحر والتي تعتبر مشكلة كبيرة يجب الوقوف عندها بأسرع وقت.
وفي ختام حدثيها وجهت ريحان تمو رسالة للأهالي تحثهم فيها "علينا أن ندرك حجم المخاطر المترتبة من التغير المناخي ومدى تأثيره على بيئتنا وبالتالي على حياتنا ومستقبلنا، لذلك يجب علينا التعاون لحماية الأنظمة البيئة لمنطقتنا بإمكانياتنا حتى لو كانت بسيطة، فزراعة الأشجار ورعايتها هي أولى الخطوات في طريقنا الطويل لإعادة الحياة إلى بيئتنا".
في ذات السياق قالت العضو في مكتب الإعلام والتوعية لهيئة البيئة في مقاطعة الجزيرة بإقليم شمال وشرق سوريا حلا الأحمد "في ظل التغيرات التي يشهدها المناخ العالمي بسبب الاحتباس الحراري والتلوث الناجم عن المصانع والسيارات والنفايات وغيرها، ومن منطقة لأخرى تختلف مسببات التلوث ففي إقليم شمال وشرق سوريا نرى الكثير من مصادر التلوث كالحراقات والمولدات الكهربائية التي لا يمكن الاستغناء عنها خاصة في ظل الأزمة التي تعانيها المنطقة، إلا أن الجهات المعنية تحاول جاهدة التقليل من التلوث من خلال زراعة الأشجار وزيادة الغطاء النباتي".
وعن أبرز الصعوبات التي تواجه عمل الهيئة أكدت أن شح المياه هي من أكثر الصعوبات التي تعرقل مساعي الهيئة في الحد من التلوث، نظراً لحبس الاحتلال التركي لمياه نهر الفرات عن المنطقة منذ أكثر من أربعة أعوام "نقوم بزراعة الأشجار لكن نواجه مشكلة بتوفر المياه اللازمة لسقايتها لذلك أغلبها تذبل وتموت ونقوم باستبدالها بأشجار أخرى إلا أن الأمر لا يجدي، ونحاول جلب صهاريج المياه لسد الثغرة لكن ذلك أيضاً غير كافي".
وأوضحت أنه "إلى جانب المشاريع التي نقوم بها من زراعة الأشجار وتجهيز حدائق وفرز النفايات، نقوم أيضاً بإلقاء محاضرات توعوية عن حماية البيئة والمخاطر الناجمة عن التلوث البيئي، حيث تستهدف المحاضرات والحملات طلاب الجامعات والأطفال في المدارس بهدف بناء جيل مثقف بيئياً"، وطالبت حلا الأحمد أهالي المنطقة بتقديم الدعم والتفاعل مع الحملات التي تقوم بها الهيئة لحماية البيئة.
ومن جانبها بينت العضوة في لجنة الصحة التابعة لمؤتمر ستار في مدينة قامشلو أفين أوسو تأثير التلوث البيئي وخطورته على صحة الإنسان "أغلب الأمراض المنتشرة حالياً في المنطقة سببها الرئيسي تلوث الهواء والماء وظهور حشرات ضارة، كل ذلك يتسبب بانتشار أمراض عديدة وخطيرة منها الكوليرا واللشمانيا والتهاب القصبات والسرطانات وكذلك الربو، تصيب الكبير والصغير والرجل والمرأة والشاب والمسن"، مضيفة "يجب على المرأة أن توعي أطفالها حول أهمية الحفاظ على البيئة إلى جانب زراعة الأشجار والنباتات في حديقة المنازل، فهي بذلك تساعد على زيادة الغطاء النباتي وبالتالي حماية البيئة والتربة والهواء".