وسط تحديات كبيرة تعملن بالزراعة معتمدات على ذواتهن
يرتكز العمل في الزراعة على النساء، فهن الوحيدات القادرات على تحمل ظروف عمله المضنية والشاقة، تحت أشعة الشمس الحارقة، وحتى أيام الصقيع.
سيبيلييا الإبراهيم
منبج ـ تعرضت المحاصيل الزراعية في مناطق شمال وشرق سوريا في السنوات الأخيرة للعديد من الأزمات منها انخفاض مستوى منسوب مياه نهر الفرات، إضافة لأسوأ موجة جفاف تضرب المنطقة منذ حوالي 70 عاماً، نتيجة التغير المناخي وقلة الأمطار وارتفاع درجات الحرارة.
رغم تراجع الزراعة في مناطق شمال وشرق سوريا إلا أنها تبقى إحدى أساسيات الحياة والمعيشة للعديد من الأسر، وما زالت الزراعة تأخذ شكلاً تقليدي ففي الوقت يتم فيه ابتكار وسائل متطورة لمنح الإنسان أكبر قسط من الراحة ما تزال النساء تعملن على نفس الوتيرة منذ آلاف السنوات، ولا تريحهن سوى بعض الآليات الحديثة التي خففت عن كاهلهن العمل الشاق.
تقول نورا سمعان من قرية قلعة نجم جنوب شرق مدينة منبج بشمال وشرق سوريا (30) عاماً "شكلت ورشة عمل تضم 29 امرأة منذ ثلاثة أشهر تقريباً، للعمل ضمن الأراضي الزراعية والحصاد وتنظيف البساتين والأشجار من الأعشاب الضارة، في سبيل الاعتماد على الذات"، موضحةً أنه "حينما يبدأ الموسم الزراعي نبدأ نحن بالعمل في كافة الأعمال الزراعية، إذا لم نعمل لن نعيش". وعن العمل الذي يقع على عاتق النساء في الزارعة والفلاحة قالت نورا سمعان "الزراعة تعتمد على المرأة بشكل أساسي، فالمرأة هي من تقوم بالزراعة وتنظيف البساتين والاعتناء بالنباتات كما تعتني بأطفالها، فهنالك ارتباط وثيق بين المرأة والزراعة منذ القدم، أما عمل الرجل بالزراعة فيقتصر على السقاية، وفي كثير من الأحيان تقوم النساء بسقاية الموسم والبساتين لوحدهن دون طلب المساعدة من أحد، فالعمل بالزراعة جزء من حياة المرأة الريفية".
وأشارت إلى الأعمال التي يقومون بها الآن "نعمل حالياً بحصاد القمح والشعير بالمناجل اليدوية، كذلك نحرث الأرض حول أشجار الزيتون، وفي الأيام القليلة القادمة سنعمل في البساتين وحصاد السمسم وقطف الزيتون"، مبينةً أن العمل يستمر طيلة أيام السنة ما عدا أيام الصقيع أو ما يعرف بـ "أربعينية الشتاء".
وتفخر نورا سمعان بتأسيسها مجموعة من النساء للعمل "أعتمد على ذاتي وكذلك أساعد النساء لتجدن فرصة عمل، وتحصلن على أجورهن دون أن يبخسهن إياها المزارعين".
من جهتها قالت زهية خلف (44) عاماً أنه "بدأنا بالعمل بالزراعة منذُ قرابة الثلاثة أشهر من تحويض أشجار الزيتون وغيرها من الأشجار، وتقليمها، وزراعة البساتين"، مضيفةً أنه "مع دخول فصل الصيف نعمل في كافة الأعمال الزراعية دون ملل في سبيل الاعتماد على الذات، ولكيلا نمد أيدينا لطلب الصدقة من أحد".
وطالبت زهية خلف بافتتاح مشاريع خاصة بالنساء ودعم اقتصاد المرأة والمجتمع ومساعدة النساء اللواتي تتحملن مسؤولية أسرهن في ظل وضع اقتصادي صعب "نتمنى أن تفتتح الجهات المعنية مشاريع خاص بنا كالخياطة وغيرها، فعملنا في الزراعة صعب وشاق للغاية لكننا راضيات لأن لدينا مصدر رزق". مبينةً أنه "لا فرق بين المرأة والرجل فالاعتماد على الذات يجعلك محررة اقتصادياً".
أما براءة العثمان (30) عاماً فهي أم لثلاثة أبناء وخمسة فتيات، تقول "إذا لم نعمل لا نستطيع تأمين لقمة عيش أبنائنا فعمل زوجي كعامل بالمياومة لا يستطيع لوحده تأمين مستلزمات المنزل وحاجات أبنائنا، لذا لجئت للعمل في سبيل مساعدته على تحمل أعباء المنزل".
وأشارت إلى أنه "إذا لم نتعب لن نستطيع تأمين لقمة العيش، فنحن مجبرين على العمل في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة"، مناشدةً الجهات المعنية لفتح مشاريع خاصة بالمرأة لتسطيع العمل بالقرب من أطفالها.
فيما تبين نبيهة عبد الجاسم (37) وهي معيلة لأسرتها أنها تعمل لتؤمن لهم حياة كريمة "نعيش في وضع اقتصادي صعب مما دفعني للتوجه للعمل بالزراعة، فزوجي لا يستطيع لوحده تأمين حاجيات الأسرة في ظل الغلاء"، موضحةً أن أعمال المنزل تقع على كاهلها أيضاً "بعد أن أنهي عملي في الأراضي أجد أمامي العديد من المسؤوليات في المنزل". مشيرةً إلى أن "الوقت يمر بسرعة رغم قساوة العمل، فلدينا أحاديث كثيرة لكل يوم".
أما منى إبراهيم (35) عاماً بينت أنها بدأت العمل منذ ثلاثة أشهر بعد أن ساء وضعهم الاقتصادي نتيجة الارتفاع الكبير في الأسعار، "نتعب كثيراً لكن إذا لم يتعب المرء لا يستطيع العيش"، وشكت من أجور العمل معتبرةً أنها قليلة مقارنة بالجهد.
وأشارت إلى أن "عملنا ضمن ورشة واحدة جعلنا كعائلة واحدة فإذا غابت أحد العاملات نفتقدها"، مطالبةً بافتتاح مشاريع خاصة بالنساء.