وسط الحرمان والحصار مهجرات عفرين يلجأن لزراعة الخضروات
في ظل استمرار حصار النظام السوري وصعوبة تأمين الاحتياجات اليومية وسط الحرمان والتهجير القسري لجأت نساء عفرين المهجرات في مقاطعة الشهباء بشمال وشرق سوريا لزراعة بساتين صغيرة ومتفرقة يؤمنَّ بها طعام عائلاتهنَّ
فيدان عبد الله
الشهباء - .
هجر أهالي عفرين في 18 آذار/مارس 2018 نتيجة للمجازر والانتهاكات التي ارتكبت بحقهم من قبل تركيا ومرتزقتها، واتجهوا صوب مقاطعة الشهباء، التي عانت هي الأخرى لأكثر من أربع سنوات من الويلات التي جرتها عليها مرتزقة داعش قبل أن تتحرر في عام 2016، من قبل قوات سوريا الديمقراطية.
ومع استمرار تركيا ومرتزقتها بالسيطرة على عفرين، ودون وجود أي حلول للعودة في الوقت القريب حولت المهجرات مخيماتهنَّ لعفرين مصغرة. وكانت خطوتهنَّ الأولى بعدما رممنَّ المنازل المدمرة التي أصبحت مسكنهنَّ هي زراعة المساحات أمامها بأنواع مختلفة من الخضراوات والزهور والأشجار.
وقالت هيفاء علي (50) عاماً وهي من حي الأشرفية في عفرين وتعيش اليوم في ناحية فافين "مهجري عفرين في الشهباء يعانون الكثير من الضغوطات والظلم المفروض عليهم من جهة استمرار قصف الاحتلال التركي المدنيين ومن جهة أخرى فرض الحصار الخانق من قبل النظام السوري".
وبينت أن الغاية من الزراعة ليست اقتصادية فقط "بعد هذه السياسات والكثير من الحرمان الذي عانينا منه ومن شدة تعلقنا وارتباطنا بالزراعة التي كانت من أولى اهتماماتنا ويعرف بها أهالي عفرين لجأنا لزراعة بعضٍ من الخضروات والزهور أمام المنازل المدمرة التي نقطنها في الشهباء واعتمدنا عليها في تأمين متطلبات حياتنا اليومية أيضاً".
ووصفت هيفاء علي معاناتها والصعوبات التي تواجهها "توفى زوجي بعد تهجيرنا قسراً من أرضنا وازدادت مأساتنا أنال وابني، وبعد ثلاث سنوات من التهجير بات هذا البستان الصغير والبسيط مصدر لقمة عيشي وملجأي للترويح عن نفسي".
وأضافت "على مدار ثلاثة أشهر متواصلة كنت أنظف، أرتب وأعيد تهيئة هذا المنزل المدمر للعيش فالحياة فيه كانت مفقودة، وبدأت بالزراعة شيئاً فشيئاً حيث أنني زرعت بعضاً من الملوخية، والكوسا، والبامية، وعباد الشمس، وكذلك أشجار التين الرمان وغيرها من الأزهار والنباتات".
واشتكت هيفاء علي من الحصار الخانق المفروض عليهم من قبل النظام السوري حيث أنهم يعانون بذلك من نقص في منسوب المياه لعدم سماحه بدخول مادة المازوت للمنطقة وهذا ما يؤدي إلى ذبول الكثير من خضروات بستانها.
وناشدت هيفاء علي في ختام حديثها جميع المنظمات الإنسانية والحقوقية بالقول "أي دين وأي حقوق تقبل هذا الظلم بحق شعبٍ مهجر من دياره وأرضه. على الجهات المعنية والتي تدعي حماية حقوق الإنسان والمهجرين التدخل وفك الحصار عن المنطقة وتأمين جميع متطلبات النازحين في الشهباء ومحاسبة تركيا".
وقالت فاطمة هورو (41) عاماً، من أهالي ناحية بلبلة بعفرين وتقطن اليوم في مخيم برخودان "بعد خروجنا قسراً من عفرين نحو الشهباء واجهنا الحرمان وفقدان أبسط متطلبات الحياة اليومية التي لم نكن قد مررنا بها من قبل، بعد أن تركنا خلفنا جميع ممتلكاتنا وخيرات أرضنا وخرجنا فقط بالملابس التي علينا فقط".
وعن اتجاهها صوب الشهباء قالت "اخترنا المخيمات لاستمرار مقاومتنا والبقاء بالقرب من أرضنا عفرين، وزرعنا ما حولنا لنستنشق هواءً نقياً بعيداً عن رائحة الأشلاء والدمار ولتبقى عفرين حية في عيوننا".
تزرع فاطمة هورو االباذنجان، والفليفلة، والبامية والفاصوليا الخضراء وتقول "من خيرات هذا البستان الصغير والمتواضع نتمكن من تأمين طعامنا اليومي في ظل عدم وجود أي عمل بسبب الحصار"، وأضافت "لا نملك المال ولا حتى أي شيء. لقد ازدادت معاناتنا بعد فرض النظام البعثي حصاراً خانقاً على الشهباء ويصعب تأمين أبسط الاحتياجات وحتى إن تم تأمينها لا يمكننا شراءها فهي مرتفعة الثمن بشكل لا يصدق".
واختتمت فاطمة هورو حديثها بالقول "نشكر الإدارة الذاتية الديمقراطية لما تقدمه من مواد غذائية شهرياً ومتطلبات الحياة من ماء، وكهرباء وغيره من الاحتياجات ونأمل أن نعود بأقرب وقتٍ ممكن إلى ديارنا وأرضنا عفرين حتى لا نحتاج لأي جهة أو أي منظمة".
ومنذ نهاية العام الماضي فرض النظام السوري حصاراً خانقاً على مقاطعة الشهباء التي يعيش فيها مهجري عفرين في خمسة خيم هي "سردم وعفرين والعودة والشهباء وبرخدان"، وفرض مبالغ باهظة لدخول أي شاحنة إلى المقاطعة، ما أدى لتدهور الحياة الاقتصادية والصحية والاجتماعية وتدني مستوى المعيشة.