نساء القصرين تبدعن في تحويل الحلفاء إلى تحف فنية

تعمل نساء مدينة القصرين في تونس على تحويل ألياف نبتة الحلفاء الخشنة إلى تحف فنية ومنتوجات متنوعة مصنوعة بإتقان وبجودة وألوان طبيعية.

إخلاص الحمروني

تونس ـ تعتبر صناعة منتجات الحلفاء من أقدم الصناعات التقليدية بمدينة القصرين، وتمثل مصدر رزق للكثير من النساء اللواتي تواجهن العديد من الصعوبات، فضلاً عن رحلتهن المحفوفة بالمخاطر بين هضاب المرتفعات الشاهقة أملاً في جنيها لتحويلها إلى العديد من المنتجات والحرف الفنية.

مع بداية كل يوم تبدأ سنية جدلي الحرفية في الألياف النباتية المعروفة باسم الحلفاء رحلتها نحو أعالي الجبال بمدينة القصرين لاقتلاع نبتة الحلفاء (من الفصيلة النجيلية ويبلغ طولها حوالي نصف متر) رفقة عشرات النساء، وتتسلقن سباسب المنطقة وتتحملن التعب وقساوة الطبيعة من أجل جلب الحلفاء وتطويع أليافها الخشنة لجعلها منتوجات متنوعة، من تحف فنية، وصالونات متنوعة من أجل توفير لقمة العيش.

وفيما بعد تبدأ سنية جدلي مع صديقاتها بمسك هذه السنابل بواسطة عود خشبي يعرف بـ "المقلاع" وتنتهي بحزمة من الحلفاء تربطها جيداً حول جسدها النحيل لتعود إلى البيت لممارسة حرفتها المفضلة.

وعن هذه الحرفة تقول سنية جدلي "عندما نقول حلفاء فنحن نتحدث عن مدينة القصرين، لأنها أرض هذه النبتة وكنساء هذه المنطقة نصنع منها منتجات حرفية متعددة ومختلفة"، مشيرةً إلى أنها تعلمت صناعة الحلفاء في عام 2010 بعد أن تلقت دورات تكوينية وأتقنت هذه الحرفة المتأصلة في نساء القصرين.

ولفتت إلى أن صناعة الحلفاء مصدر رزق لها ولكل امرأة تعمل بها وتنتج بواسطتها منتجات حرفية وفنية وتحف "تجتمع نساء المنطقة يومياً للحديث حول واقع حرفتهن ودراسة مستقبل مشاريعهن والبحث عن مسلك سياحي لبيع منتجاتهن من أجل ألا يقتصر نشاطهن التجاري على المعارض الموسمية".

وأوضحت أن النساء بعملهن في صناعة الحلفاء التقليدية توفرن مصدر دخل لهن وتنتجن بواسطتها كل ما تحتجنه من ديكورات وهدايا "شغفي وحبي لصناعتها جعلني أتفنن بصناعة إكسسوارات تتزين بها النساء في المناسبات وأضفت لها الفضة أيضاً وهي منتوجات طبيعية مصنوعة بجودة وإتقان وبألوان طبيعية".

 

 

من جهتها أوضحت بشرى عمري أنها تعلمت منذ صغرها صناعة بعض المنتجات على غرار الحصيرة والقفف إضافة إلى اتقان الغرزة الحلزونية حتى أصبحت حرفية مختصة في هذا المجال وشاركت في العديد من المعارض لبيع منتجاتها، لافتةً إلى أنها كحرفية تواجه بعض الصعوبات مثل الترويج والنقل "يجب إقامة معرض دائم وقرية حرفية من أجل عرض منتجاتنا لأنها مصدر رزق الكثير من النساء في الجهة".

وأشارت إلى أن موسم الحلفاء يبدأ في أيلول/سبتمبر وينتهي في آذار/مارس من كل عام من أجل ترك الحلفاء تنمو ليبدأ تقليع الحلفاء من جديد "يجب تجفيفها في الظل لتحافظ على لونها الأخضر أو الشمس لضمان لون مغاير".

 

 

أما الحرفية في الصناعات التقليدية وخاصة الحلفاء أسمهان العامري قالت إنها تنتج من هذه المادة تحف جميلة المنظر وكثيرة الاستعمال في كل منزل "إن تقليع الحلفاء صعب وهو نشاط محدد زمنياً لأن يتم خلال مدة شهرين من أجل أن تدوم هذه النبتة ويدوم معها نشاط النسوة"، لافتةً إلى أنها تصنع من هذه الألياف القفة والمزهرية والتحف وشاركت بعرض هذه المنتوجات في العديد من المعارض لكن مصاريف النقل الباهظة أحال دون مشاركتها.

وكغيرها من الحرفيات طالبت بفتح القرية الحرفية طوال أيام الأسبوع وتشجيع الحرفيات من أجل ترويج بضاعتهن ودعمهن، إضافةً إلى ضمان تكوين في هذا الاختصاص للفتيات اللواتي لم تواصلن دراستهن ولم تجدن عملاً من أجل بعث مشاريع صغيرة من أجل ضمان مستقبلهن واستقلالهن المادي "يجب على جميع فتيات المنطقة التشبث بهذه الحرفة وتطويرها".