فتيات القرى تسعين لتأمين استقلالهن المادي
لتأمين اكتفائهن الذاتي تعمل العديد من الفتيات في قرى شرق كردستان، بالأعمال اليدوية من بينها نسج السجاد يدوياً، وهناك العديد منهن من تنظمن وقتهن ما بين العمل والدراسة.
أسرا عزيزي
بيساران ـ تعرف الفتيات في القرى أنه يتعين عليهن الوقوف أمام العادات والتقاليد البالية، حتى يتسنى لهن العمل وكسر المحظورات، كما تسعين للحصول على أتعابهن مقابل العمل الذي تقمن به، وهو ذات العمل الذي لم تتقاضى نساء الجيل القديم أجراً مقابل القيام به، ومن هنا يبدأ الاستقلال المالي.
يرفض الجيل الجديد من القرية الأنماط القديمة ويعتبر أسلوب حياة أمهاتهم غير كافٍ، لذلك يحاولون تحديث قواعد القرية من خلال كسر المحرمات. وفي بعض الأحيان، يتبع البيئة، ويتعاون في العمل الزراعي والمهام الروتينية في القرية. لكن معظمهم يعلم أنه لا ينبغي لهم أن يتوقعوا الدعم المالي من الأسرة، ولهذا السبب في قرية مثل بيساران، يمكنك رؤية السجاد في كل منزل حيث تجلس عليه عدة فتيات ويعملن.
إن الاهتمام وحب العمل لا يؤدي بالضرورة إلى الجلوس والحياكة لساعات طويلة، بل الحاجة إلى الاستقلال مادياً وفكرياً، وهو ما يدفع نساء الجيل الجديد إلى الانخراط في هذه الوظائف، وربما ليس لديهن خيار آخر في الوقت الحالي، بينما عليهن القيام بذلك حتى يصلوا إلى مبتغاهن، فهن تكسبن المال وتستمررن في دراستهن أيضاً.
عندما يبدأ العمل في القرية، ونظراً لصغر حجم البيئة، وقلة التنوع، تنخرط الكثير من النساء في مجال العمل بالحرف اليدوية، على سبيل المثال، تضم كل منطقة في هورامان نوعاً من الحرف اليدوية مثل نسج السلال والكلش والبساط وغيرها. والآن، في قرية "بيساران" بمدينة سنه شرق كردستان، هناك سجاد منسوج بالخرائط منذ حوالي خمسة عشر عاماً.
وتباع هذه السجادات بسعر مرتفع وعادة ما تصل إلى النساجين بأقل مما ينبغي. إن النساء لا تخصصن لهذا العمل سوى جزء من يومهن ويعتبر عملاً ثانوياً بالنسبة لهن إلى جانب مسؤوليات القرية والمدرسة الأخرى. يتم توزيع هذه السجادات على الآخرين من قبل إحدى النساء وفي نهاية العمل تأخذها كلها وتعيدها إلى الشخص الذي وقعت معه العقد وتدفع الرواتب للعاملات.
تقول سنا عليرمايي وهي شابة في مقتبل عمرها، من قرية بيساران "سمعت من جدتي وجدي، إن الناس هنا كانوا دائماً نشيطين. أنا أعمل في نسج السجاد لتأمين مصدر دخل لنفسي، إنني أنسج السجاد منذ ثلاث أو أربع سنوات. تعمل نساء بيساران على نسج السجاد منذ ما يقارب من عشرة إلى خمسة عشر عاماً. هنا تعمل النساء بجد مثل الرجال ويتعاونون دائماً".
ولفتت إلى أن قريتهم كبيرة مقارنة بالقرى الأخرى، وعلى الرغم من قلة الاهتمام بتوفير العمل للنساء، إلا أن معظمهن تنسجن السجاد والكلش، حيث تعمل ما يقارب من خمسين امرأة في نسج السجاد. أعمل في الصيف والربيع لكسب ما يكفي من المال للمدرسة. لدينا العديد من الأولاد والبنات المتعلمين هنا، ويقومون بالعديد من الأشياء المختلفة إلى جانب دراستهم، وأحياناً يأتون إلى المدرسة من السهول ومن العمل الزراعي. لكن عدد الفتيات المتعلمات أكثر وهن ذكيات للغاية".
وبصرف النظر عن مطالب الفتيات، فإن توقعات المجتمع الريفي تدفعهن أيضاً نحو الاستقلال بطريقة ما، ففي القرية تقل الحاجة إلى الدعم من الأسرة وتبدأ التوقعات منها، مما يؤدي إلى ظهور نساء قادرات على إدارة شؤون القرية ولعب دورها كامرأة في المجتمع.