التقاطع بين التمكين الاقتصادي للنساء والحماية أبرز أولويات "أبعاد" لعام 2022

لم تسلم منظمة "أبعاد" كغيرها من الجمعيات من تأثير الأزمات التي يعيشها لبنان منذ نهاية عام 2019، على نشاطاتها وخططها المستقبلية

. إذ واجهت المنظمة عدداً من الصعوبات ولكنها استطاعت أن تستكمل رسالتها الانقاذية وحققت إنجازات أبرزها حث المرأة المعنفة على التبليغ ورفض العنف من خلال "دايماً وقتها".
 
كارولين بزي
بيروت ـ أكدت مؤسسة ورئيسة منظمة "أبعاد" غيدا عناني، على أن التقاطع بين ملفي الحماية والتمكين الاقتصادي للنساء وتعزيز الحماية للنساء خلال حملة "دايماً وقتها"، من أولويات منظمتهم.
 
"محدودية الموارد أبرز تحديات 2021"
عن الصعوبات التي واجهت المنظمة خلال عام 2021، تقول مؤسسة ورئيسة منظمة "أبعاد" غيدا عناني لوكالتنا "أكثر الصعوبات التي واجهتنا خلال العام الماضي في ظل الظروف والتغيرات المستمرة هي عدم قدرتنا على التخطيط حتى على المدى القصير، كل ما هو يتعلق بالتخطيط كان تحدياً من جهة، ومن جهة أخرى كان هناك محدودية للموارد في لبنان".
وأوضحت أن "عدم وجود أشخاص من ذوي الكفاءة والخبرة أو متخصصين في مجالات معينة للتنسيق والقيام بمهام معينة أو تنفيذ مشاريع خاصةً بطبيعة عمل المنظمة، كتخصص بموضوع العنف أو الجندر أو النوع الاجتماعي بشكل عام، واجهنا صعوبة في محاولة إيجاد كفاءات بشكل مستمر، وهذا كان من أبرز التحديات التي واجهتنا بالإضافة إلى مغادرة بعض أفراد فريق العمل الذين لديهم طموحات أخرى تتعلق بالسفر خارج البلاد أو الهجرة مع العائلة أو أحياناً المغادرة بسبب أوضاع صحية صعبة يعاني منها أحد أفراد العائلة. باختصار، هذا التغيير المستمر وصعوبة سد هذه الفجوة مع صعوبة التخطيط بشكل عام مع كل التعقيدات التي واجهها اللبنانيون ونحن من بينهم، المصرفية والمالية، كان تحدياً بالنسبة لنا".
وأضافت "الواقع بحد ذاته كان تحدياً، إذ زادت حالات العنف بشكل كبير مما استوجب منا تأهباً واستنفاراً بشكل مستمر حتى في ظل انتشار جائحة كورونا، بقينا على أهبة الاستعداد وحاولنا ألا يكون هناك انقطاعاً للخدمة لوصول النساء سواء إلى مراكز الايواء أو للمراكز المفتوحة، وحرصنا ألا نتوقف عن تقديم الخدمات المنقذة للحياة، هذه كانت من المسؤوليات التي أثقلت كاهلنا كي نستطيع أن نتكيف مع الواقع الحالي ونستمر بتأدية رسالتنا كما يجب بالتميز والنوعية اللذين نطمح إليهما".
وتعلق على مشكلة عدم وجود متخصصين في مجال الجندر قائلةً "هناك محدودية من المتخصصين في مجال الجندر والعنف المبني على النوع الاجتماعي، لذلك غالبية الذين يتمتعون بالخبرات كان لديهم فرص للهجرة أو مغادرة لبنان للعمل خارج البلاد، بالمقابل يوجد الخريجون الجدد الذين لا يملكون خبرة يحتاج إليها العمل في المنظمة. كما أن هناك توجه لدى ذوي الخبرة والكفاءة إلى بعض القطاعات التي تتميز بالاستمرارية أكثر أو براتب أكبر أو الحصول على "فريش دولار" بطريقة أسرع، أي إطار يؤمن استقرار ومداخيل سريعة".
 
"التبليغات تراجعت مع اشتداد الأزمة الاقتصادية"
إلى جانب الصعوبات، تسلط غيدا عناني الضوء على الإنجازات التي حققتها "أبعاد" خلال العام المنصرم، وتقول "خلال العام الماضي، كان هدفنا أن نحافظ على استدامة الخدمات المنقذة لحياة النساء، أعتبرها من الإنجازات التي حافظنا عليها سواء مراكز الايواء أو توسيع نطاق مساحات المراكز المجتمعية المحلية والمراكز الآمنة التي تقدم خدمات متخصصة للنساء". 
وأضافت "من المواضيع التي نعتز بها وأطلقناها العام الماضي والتي سنستمر في العمل عليها هي حملة "دايماً وقتها" التي انبثقت من الحاجة إليها، هذه الحملة كانت استجابة لملاحظة في تراجع تبليغات النساء، إذ بدأنا نلحظ أن هناك العديد من القضايا التي تضغط على النساء في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة، وبالتالي لم تعد النساء المعنفات يبلغن عن تعرضهن للعنف على اعتبار أن العنف ليس أولوية أمام الأولويات المعيشية الأخرى، كما كان هناك معوقات لوجستية أمام النساء في القدرة على الاتصال من ناحية كلفة الاتصال أو التنقل، لذلك أطلقنا الحملة في محاولة لتذكير النساء بضرورة اعتبار موضوع الحماية الذاتية من الأولويات".
ولفتت إلى أن التبليغات بدأت مع انتشار وباء كورونا بالارتفاع ولكن مع اشتداد الأزمة الاقتصادية تراجع عدد التبليغات للأسباب المذكورة آنفاً. مشيرةً إلى أن التبليغات تراجعت كثيراً من منتصف شباط/فبراير الماضي إلى حزيران/يونيو وتموز/يوليو من العام 2021، ربما كان هناك تبليغات لدى القوى الأمنية ولاسيما عندما يكون هناك تهديد لسلامة المرأة أو أحد أفراد أسرتها، أما بالنسبة للمنظمات أو الخطوط الآمنة فشهدنا تراجعاً كبيراً في التبليغات، بالإضافة إلى صعوبة زيارة المراكز من قبل الذين يتعرضون للعنف". 
وتتابع "ساهمت حملة "دايماً وقتها" على تشجيع النساء على التبليغ وحركت الأولوية حول ملف العنف بحد ذاته، بالنسبة لنا كانت الحملة نوعاً من بناء جسر ما بين إعادة النقاش العام والأولوية حول ملف العنف القائم على النوع الاجتماعي وتحديداً الحماية من العنف الزوجي والعنف الأسري، ومن ناحية ثانية تساهم الحملة بالتحرك باتجاه الإصلاح التشريعي".
وتضيف "الحملة كانت نوع من الاستراتيجية لإعادة تصويب البوصلة حول العنف المبني على النوع الاجتماعي".
 
التقاطع بين ملفي التمكين الاقتصادي والحماية
فيما يتعلق بالخطط التي تعمل عليها "أبعاد" مع انطلاق العام الجديد، تستكمل المنظمة العمل على حملة "دايماً وقتها"، وتوضح غيدا عناني "إحدى أولوياتنا هي المناصرة والإصلاح السياسي على اعتبار أنه من الممكن أن يتحسن الوضع العام في البلد، كما من أولوياتنا أيضاً موضوع التقاطع بين ملفي الحماية والتمكين الاقتصادي للنساء نظراً لارتباط الملفين ببعضهما البعض، أي العمل على برامج تعزز الاستقلالية المالية والتمكين الاقتصادي للنساء كحيز أساسي من موضوع تعزيز الحماية. التوسع بنقل المعرفة والتدريب وتبادل الخبرات بين لبنان والمنطقة العربية هي واحدة من الأولويات، والتوسع أيضاً في المنطقة العربية حتى دولياً، وأن نستطيع استعادة التركيز على الدعم للبنان باتجاه كل البرامج التي تعتمد على حماية النساء والأطفال والأسرة وتعزيز الخدمات المنقذة للحياة".
 
تعليق مشاريع بسبب الأزمة
وبعيداً عن أهداف المنظمة، تلفت غيدا أناني إلى أنه بعد انتشار وباء كورونا ولاسيما الفترة التي تلت انفجار مرفأ بيروت، زادت الاتصالات التي تلقتها المنظمة سواءً على الخط الآمن أو عبر البريد الالكتروني بهدف الحصول على الدعم المالي أو المواد الغذائية، ولاسيما أن لدى المتصلين ثقة بالمنظمة نظراً لمصداقيتها، وتتابع "كنا نقيّم بعض الحالات عبر الفريق المتخصص في أبعاد لمعرفة إن كان هناك تأثير على أفراد العائلة بسبب الأزمة، وفي غالب الأحيان كنا نقوم بإحالة بعض الحالات إلى الجمعيات التي تقدم المساعدات المادية كل حسب مكان سكنه".
وعن المشاريع التي تم تعليقها في الوقت الحالي، تقول "إحدى المشاريع التي كنا نعمل عليها، إنشاء مجمع نموذجي وهو مركز إيوائي متخصص بحالات النساء المعرضات للعنف واللواتي يعانين من مشاكل صحة نفسية، وهو مشروع بدأنا به بالتعاون مع الحكومة الهولندية وبالشراكة مع وزارة الصحة العامة ووزارة الشؤون الاجتماعية، ولكن التخطيط المالي والأموال التي رُصدت للمشروع وكان يمكن أن نبدأ بها ذهبت في المصارف أو فقدت قيمتها. هذا مشروع كبير وضخم وكان من المشاريع التي لم نستطع أن نخطو فيها أي خطوة في الأعوام السابقة ولاسيما في العامين 2020 و2021"، وتؤكد أن "هذا المشروع لا يزال من الأولويات ولكن هناك صعوبة في العمل عليه في العام 2022، ربما سنقوم بجمع تبرعات أكثر لكي نستطيع أن نعمل عليه في العام 2023، علماً أنه حاجة ملحة وفجوة للبنان".