القربة... أداة قديمة لخض اللبن لا تزال تستخدمها نساء دير الزور
مثل عجوز معمرة ما زالت (القربة) تحافظ على مكانتها في ريف دير الزور الشرقي بشمال وشرق سوريا، فبعد عدة مراحل من صناعتها تصبح جاهزة لخض اللبن واستخراج الزبدة
زينب خليف
دير الزور ـ .
قبل سنوات درج استخدام خضاضة اللبن الكهربائية وغزت منازل العديد من العائلات الريفية لكنها لم تستطع انهاء حضور القربة، ورغم المتاعب التي ترافق صناعتها واستخدامها إلا أنها المفضلة للنساء الريفيات. فبعد ذبح الشاة أو الماعز يؤخذ جلدها ويجهز لتصنع منه القربة، بعد أن يزال عنه الصوف والوبر وتتم دباغته بنوع خاص فتصبح جاهزة للاستخدام.
استخراج الزبدة يحتاج لوقت وجهد هذا ما تقوله عائشة الحسن (50) عاماً، وهي من أهالي بلدة أبو حمام، والتي ما زالت تحافظ على تراثها وعاداتها القديمة التي تعلمتها من والدتها.
عن كيفية صنع القربة وطريقة خض اللبن فيها تقول "لدينا طريقة خاصة لتنظيف الجلد من الصوف والوبر حيث نلفه بقماش ونتركه على الأرض بعد أن نملحه أي نضيف كمية كبيرة نسبياً من الملح عليه"، وتبين "يترك لمدة يومين أو ثلاثة وفي هذا الوقت يبدأ الصوف بالزوال وبعدها يسهل علينا تنظيفه ثم نغسله بالماء ودبغه بصبغة خاصة".
يصبغ الجلد باللون الأسود أو الأحمر القاني كما تقول عائشة الحسن وتضيف "بعد الدباغة تصبح القربة جاهزة للاستخدام".
وعن طريقة خض اللبن قالت "نضع القربة على قطعة قماش نظيفة على الأرض ونحضر اللبن الرائب ونبدأ بوضعه داخل القربة، وبعدها أبدأ بإدخال الهواء من خلال نفخها حتى تمتلئ".
بعد أن تصبح القربة جاهزة تبدأ بتحريكها للأمام والخلف بقوة من ساعة لساعة ونصف وهذا يعتمد على قوة يديها في الخض ودرجة حرارة الطقس "إذا كان الجو حاراً لا يحتاج اللبن لوقت طويل أما إذا كان الجو بارداً فنحتاج لأكثر من ساعة ونصف".
وحتى تتأكد من أن الزبدة جاهزة تتفحصها من فتحة القربة "أفصل اللبن عن الزبدة التي أضعها في ماء بارد حتى تتجمع مع بعضها البعض وتتماسك ومن ثم أضعها في المزبدة وهي شبيهة بالقربة".
تترافق عملية الخض مع ترديد الأهازيج التراثية كما تقول "تساعدني ابنتي في الخض ونردد بعض الأهازيج التي توارثناها عن الأمهات والجدات والخاصة بهذا العمل".
تشتكي عائشة الحسن من آلام في يديها وقدميها من العمل على خض اللبن وتقول إنه متعب "انتشرت الخضاضة الكهربائية في السنوات الأخيرة قبل الحرب وكانت مريحة بالنسبة لنا إلا أنها لم تعد مفيدة جراء الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي"، لتؤكد أنه "يبقى طعم اللبن والزبدة مختلفاً في القربة".