مؤتمر ستار... من النّشاط السّري إلى العمل الميداني (1)
مؤتمر ستار أقوى وأكبر تنظيم نسائي في شمال وشرق سوريا، قطع شوطاً كبيراً من النّضال ليصل إلى كافة نساء العالم
رهف يوسف
قامشلو ـ ، ولا سيما في الشّرق الأوسط، فضم تحت جناحه 12 لجنة تمارس مهامها من أجل الارتقاء بواقع المرأة في شتى المجالات، وهو اليوم يتطلع بقوة لدعم النساء في الشّرق الأوسط منطلقاً من شعار "قضيتنا واحدة لا تُجزأ".
رغم وجود العديد من المؤسسات والمُنظمات النّسوية في شمال وشرق سوريا، إلا أنها لم تحمل الفعالية التي أبداها مؤتمر ستار للوصول إلى كافة النساء، وإخراجهنّ من بين جدران النّمطية والعمل على تحطيم سلاسل العبودية التي ترتدي قناع العيب والحرام، وما يزال يواصل المسيرة الطّويلة التي بدأها قبل اندلاع الحرب السورية عام 2011.
تأسيس مؤتمر ستار... نتاج نضال المرأة ورغبتها بالتّحرر
عضو منسقية مؤتمر ستار وليدة بوطي، بينت أن مؤتمر ستار بدأ باسم "اتحاد ستار" في 15 كانون الثَّاني/يناير 2005، وعقد مؤتمره الأول خارج سوريا، نتيجة ظروف متعددة أبرزها سياسيَّة.
تقول عن تلك الفترة "مررنا بمراحل صعبة، فالمرأة السّوريّة عانت من تأطير دورها وإلغاء وجودها، ولم يفتح لها المجال لتُنظم وتوعي نفسها، مما أثر عليها بشكل كبير". وأضافت "أسس اتحاد ستار ليلبي احتياجات تلك المرحلة ونتيجة طبيعية لنضال المرأة في المنطقة ومحاولات التَّحرر التي قامت بها، ولا سيما في ثورة 12 آذار/مارس2004، كرد فعل على الضّغوطات التي تعرضت لها المرأة، بريادة النَّساء الكرديات".
وعن النَّقلة النّوعية من "اتحاد" إلى "مؤتمر"، تذكر "بين هاتين الكلمتين مررنا بعدة مراحل، وعقدنا العديد من المؤتمرات، وأخيراً غيرنا الاسم في المؤتمر السّادس الذي عقد عام 2016، مع العلم أن المؤتمر كان ينعقد كل عامين. وبعد انضواء العديد من التَّنظيمات والمؤسسات النَّسويَّة تحت مظلة مؤتمر ستار، غيرنا النّظام لكونفدرالي يحتضن جميع هذه التّنظيمات".
وعن تطور عمل مؤتمر ستار بينت أنه "من خلال النَّشاطات التّوعوية والمُجتمعية التي كانت تقوم بها المرأة المُنظمة، وتصديها للظروف الصّعبة كحالات العنف والقتل لا سيما بذريعة الشّرف، نرى نجاحنا عبر التفاف النساء حولنا رغم أنَّ نشاطاتنا كانت سرية بالبداية، ووصلنا اليوم لمرحلة ترفع فيها المرأة صوتها لتُطالب بحقوقها، وهذا ثمرة جهدنا لأعوام، والنساء لم يكتفين بذلك إنما انخرطن في المجال السياسي، وأخذن دورهن في مواقع صنع القرار، والمجالات العسكريَّة، والاقتصاديّة، والثَّقافيّة وغيرها".
وعن أبرز الصّعوبات التي واجهت مؤتمر ستار في رحلة تحريره للمرأة قالت "كان من الصعب تغيير ذهنية المجتمع المقيدة بالعادات والتَّقاليد الباليّة التي تتحكم بالمرأة، ونحن هنا نتحدث فقط عن تلك التي تحط من شأن المجتمع بشخص المرأة".
وبالنسبة للحقوق التي تُمنح للعضوات ومسؤولياتهنَّ وآلية العمل، تُحدد ضمن النّظام الدّاخلي ومنها "حق التّرشيح للمشاركة في النَّشاطات والعمل ضمن لجان الفعاليات، والاستفادة من الإمكانيات الموجودة والحصول على التّدريب"، أما الواجبات فتشمل "النضال وتنشيط العمل من أجل حرية المرأة، وتطوير نظامنا، وكل ذلك لخدمة جميع النساء على اختلاف أديانهنّ وقومياتهنّ وأثنياتهنّ، وأهم شرط أن تقبل العضوات ميثاق مؤتمر ستار، ويكن نزيهات وفعالات، ومؤمنات بحرية المرأة والقدرة على التّغيير الفعال".
ولعل أبرز الأعمال التي قمنَّ بها على مدار السّنوات الماضية مساعدة المرأة لتصبح قادرة على أن تُفعل دورها، من خلال التوعية والتّدريب، والتّغيير الجذري في شخصيتها ومنحها الثّقة الكافية، ودفعها للعمل في مجالات لم تكن تدخلها في السّابق، كما أن للمؤتمر مجالس على مستوى شمال وشرق سوريا، فيها نشاطات لمتابعة نجاحات المرأة، ولها ممثليات على مستوى العالم.
ويستند المؤتمر على أربع ركائز أساسية، وهي المجالس والكومينات، اللجان وعددها 12 لجنة، والأكاديميات والجمعيات التّعاونيّة، وكل قسم منها يرتبط مع الآخر، فمثلاً لكل لجنة مجلس ولكل مجلس لجان، ولكل لجنة أكاديميات.
"مؤتمر ستار يضم جيشاً من النّساء"
عضو منسقية مؤتمر ستار منى يوسف، تحدثت عن اللجان وقالت "جميع اللجان تعمل بشكل منفرد، ومعاً تشكل منسقية، فمن خلال مناقشة أعمالنا في الاجتماعات، وجدنا أننا كنا منقطعين عن المجتمع، ولم نستطع أن نصل لكل امرأة، لذا عدلنا الهيكلية التّنظيمية على شكل منسقيات ولجان؛ لنستطيع أن نواكب متطلبات جميع النساء، كما في لجنة الصّحة التي تُلاحق واقع المرأة الصّحي، كأسباب زيادة العمليات القيصرية والأمراض المُستفحلة، وهكذا نستطيع إيجاد الحلول ونقوم بإحصائيات تساعد على ذلك".
ولعل أصعب اللجان وأكثرها نشاطاً هي الاقتصاد، ويرجع السَّبب إلى ارتباط اقتصاد المرأة بالرجل "إن ما تبحث عنه لجنة الاقتصاد معرفة أسباب عدم القدرة على فصل اقتصاد المرأة عن الرجل، ومن خلال هذه اللجنة نعمل على تغيير الواقع الاقتصادي لها عبر إقامة جمعيات خاصة بالمرأة، وبهذا يزداد الوعي لديها وتبدأ بالبحث عن المشاكل المُستعصية وحلها".
وتشيد منى يوسف باللجنة الدّبلوماسية "لولا اللجنة الدّبلوماسية لما استطعنا الوصول إلى نساء العالم، وإقامة علاقات مع عدد كبير من التّنظيمات النسائية". مؤكدة أن "مؤتمر ستار يضم اليوم جيشاً من النساء، ويحتضن كل امرأة تناضل من أجل حقوقها، وتطرح قضاياها وتعمل على مناصرة النساء".
وأما عن أبرز الأهداف لمؤتمر ستار فهي "بناء مجتمع ديمقراطي تصل المرأة فيه إلى كامل حقوقها، وتلعب دورها السّياسي، كما نسعى للارتقاء بها وتوعيتها، والهدف القريب هو اتخاذ مواقف جادة وصارمة للخلاص من الاحتلال وتحرير القائد عبد الله أوجلان الذي منحنا فكر الحرية الحقيقية"، مضيفةً "في عملنا نسعى للتّجديد المستمر، بما يتناسب مع المرحلة التي نعيشها".
لجنة العدالة الاجتماعية بين محاولة فض الخلاف ودعم المرأة قانونياً
قالت ممثلة لجنة العدالة الاجتماعية في مؤتمر ستار نفوسة حسو، أن مجلس المرأة للعدالة الاجتماعية يتكون من دار المرأة، ولجان الصّلح، ودواوين العدالة على مستوى إقليم الجّزيرة. ويقوم عمله على إعادة دراسة الدّعاوى الخاصة بالمرأة التي تستنفذ جميع طرق الحل "في كل كومين لجان صلح ترتبط مع البلدات والنواحي، وفي إقليم الجزيرة إدارة مجلس عدالة الإقليم، ومجلس عدالة المرأة هو جزء من مجلس العدالة العام".
وأضافت عن تسلسل العمل "المشاكل الخاصة بالمرأة تبدأ من الكومين، وتنتقل لدار المرأة التي تحاول بدورها مناقشة المشكلة وفهمها وحلها، كونها مكان لتوعية المرأة وتدريبها لاكتساب مهارات شخصيّة، وفي حال تعذر الحل بالتراضي أو قانونياً، تحال القضية للمحكمة".
ورغم أن مناطق شمال وشرق سوريا تعد الأفضل اقتصادياً وأمنياً مقارنة ببقية المناطق السورية إلا أن الحالة الاقتصادية الضعيفة لعدد من الأسر تؤثر سلباً على العلاقة الزّوجية وتؤدي لنشوب الخلافات وبالتالي طلب الطّلاق، وبعض النساء يصل الأمر بهن إلى الانتحار، وهنا يقع على مؤتمر ستار الجزء الأكبر من المسؤولية في دعم المرأة من النواحي النَّفسية والمعنوية والاقتصادية وتعليمها المهارات والحِرف عبر مشاريع صغيرة في الكومينات، وتوعيتها لحل مشكلاتها.
وبالنسبة للجنة الصّلح قالت إنها "تشرف على القضية من بدايتها، وهي الجهة التي باستطاعتها الحصول على المعلومات الموثقة لوضع المرأة المُشتكية بالتنسيق مع الكومين وتحاول فض الخلاف والوقوف إلى جانب المرأة وتعريفها بحقوقها".
وترى أن المرأة هي الوحيدة القادرة على سماع مشكلة امرأة أخرى "تكون المرأة أكثر ارتياحاً لقول خصوصياتها مع قاضية، وفي هذه المرحلة تعطى فترة شهر لإمكانية الإصلاح بين الطرفين في دعاوى الخلافات الزّوجية وبعدها يبدأ تحديد موعد الجّلسات".
وفي حال عدم وجود إمكانية للصلح تتابع المحكمة سماع الطّرفين والشّهود، وجمع الأدلة، واتخاذ الإجراءات اللازمة، مع إبقاء مجال الصّلح مفتوحاً "بعد انتهاء المحاكمة يصدر قرار درجة أولى قابل للاستئناف والتّمييز، ومع إعادة المحاكمة يصدر قرار درجة ثانية مبرم لا يوجد فيه استئناف، ولكن فيه تظلم، فيطعن بالقرار ويحال إلى التّفتيش القضائي، للوقوف على وجود خطوات لم تنفذ أو خروقات بالقوانين أو سهو، وبهذا يصدر قرار قاطع مبرم من المجلس، يأتي في طور التنفيذ".