في يومه الدولي... التشهير ضد جرائم التعذيب ودعم وتكريم ضحاياه
التعذيب كان ولا يزال وسيلة الأنظمة القمعية لبسط سلطتها وتوسيع نفوذها، ويصنّف كواحد من أبشع الطرق التي تلجأ إليها الأطراف المعتدية لإضعاف الضحايا، وإهانتهم ويُعد من أخطر الانتهاكات التي يتعرّض لها الإنسان لما يمثّله من امتهان لكرامة الفرد، وأبشع صور العنف التي يمكن أن يُستخدم وهو انتهاك لأبسط قواعد الإنسانية
مركز الأخبار ـ .
اهتمام واسع من المجتمع الدولي بمناهضة التعذيب
التعذيب جريمة بموجب القانون الدولي وهو محظور تماماً وفق جميع الصكوك ذات الصلة، لا يمكن تبريره في ظل أي ظرف كان، وهو محظور يشكل في ظل القانون العرفي الدولي، ويعتبر التعذيب بكافة أنواعه منافياً للمبادئ العامة لحقوق الإنسان.
في عام 1948 ندد المجتمع الدولي بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة، واعتمدت أيضاً في عام 1975 إعلان حماية جميع الأشخاص من التعرّض للتعذيب وغيره من العقوبات القاسية أو المهينة، استجابة لنشاط حثيث من جانب المنظمات غير الحكومية.
وعلى ذلك أعلنت الجمعية العامة أنّ يوم 26 حزيران/يونيو يوماً دولياً للأمم المتحدة لمساندة ضحايا التعذيب، وفقاً لقرارها (149/52)، المؤرّخ 12 كانون الأول/ديسمبر 1997.
ويهدف اليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب، إلى القضاء التام على العنف والأعمال البغيضة التي تتحدى الإنسانية، وحثّ جميع الدول على وضع حد لإفلات مرتكبي أعمال التعذيب من العقاب، وتكريم العديد من ضحاياه حول العالم والتأكيد على أنّ كل ضحية ستحصل يوماً ما على حقها في الاعتراف والعدالة.
كما ويعد هذا اليوم تحقيقاً لاتفاقية مناهضة التعذيب التي أقرّتها الأمم المتحدة في 26 حزيران/يونيو 1987، المرافق للقرار (46/39)، وتنص الفقرة الأولى من المادة 14 منها والذي صدّقت عليه حتى الآن 192 دولة، على أنّه "يجب أن تضمن الدول في نظامها القانوني حصول ضحايا التعذيب على الإنصاف، والحق في تعويض عادل ومناسب بما في ذلك الوسائل التي تضمن لهم الحد الأمثل الممكن من إعادة التأهيل، سواء كانوا كباراً أم أطفالاً".
هذا التذكير جاء ثمرة اهتمام واسع وجهود مثابرة من المجتمع الدولي في مناهضة التعذيب ومساندة ضحاياه وتأهيلهم، وذلك من خلال العديد من المواثيق والاتفاقيات الدولية التي حظّرت ممارسة التعذيب حظراً مطلقاً، واعتبرته انتهاكاً خطيراً لحقوق الإنسان وامتهاناً للكرامة الإنسانية، وقد بات حظر التعذيب جزءاً من القانون الدولي العرفي الملزم للمجتمع الدولي بأسره، ويذكّر هذا اليوم أيضاً بالمحنة المستمرّة لعشرات الآلاف من الضحايا الذين هم بحاجة ماسّة إلى المساعدة وتقديم الدعم لهم.
النضال من أجل تحقيق العدالة لضحايا التعذيب
اهتم ميثاق الأمم المتحدة بمسألة حقوق الإنسان ومنها حقه في عدم التعرّض للتعذيب، كما تعمل منظمة العفو الدولية التي تتمثّل رؤيتها بأن يتمتع جميع البشر بجميع حقوق الإنسان المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وغيره من المعايير الدولية، بتوثيق انتهاكات جسيمة كالتعذيب الذي يقع سراً في السجون وفي غُرف التحقيق منذ أكثر من 50 عاماً.
وتؤكّد المنظمة على أنّ الحكومات التي تمارس التعذيب لا يمكنها الإفلات من المساءلة القانونية، بالإضافة إلى ذلك تنفّذ إجراءات لحماية الناس من التعذيب، وتشمل هذه الإجراءات عمليات تفتيش مستقلّة لمراكز الاحتجاز ومراقبة عمليات الاستجواب، والاتصال الفوري بالمحامين والمحاكم والزيارات والتواصل مع أفراد الأسرة والتحقيقات الشاملة والفعّالة في مزاعم التعذيب، وتقوم بحملات من أجل تنظيم دولي مماثل لحظر تصنيع وبيع المعدّات التعسفية وتنظيم التجارة في البضائع التي يمكن أن يساء استخدامها، كما أنّها ساهمت في إصدار قانون ملزم في العالم للسيطرة على التجارة بـ "أدوات التعذيب".
تتعدد المفاهيم والنتيجة واحدة
لا تختلف مفاهيم التعذيب وعناصره الأساسية التي تتفق مع الطبيعة العامة، والتي تتصف بها آلام الإنسان سواء كانت جسدية أو معنوية، والتي تنشأ إثر تعرّضه للتعذيب كواقع مادّي صادر عن جهة ترى أنّ اللجوء إلى استعماله هو أمر مادّي تقتضيه مصلحتها العُليا دون النظر لمشروعيته.
يعرّف "التعذيب" كما جاء في اتفاقية "مناهضة التعذيب"، أنّه أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد جسدّياً كان أم عقلياً، يلحق عمداً بشخص ما بقصد الحصول على معلومات أو اعتراف أو معاقبته على عمل ارتكبه أو يشتبه بأنّه ارتكبه هو أو شخص آخر، وتخويفه لأي سبب كان، ويقوم على التمييز أيّاً كان نوعه، أو يحرّض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه.
فيما وضع النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في المادة (7/2/هـ) تعريف آخر للتعذيب، وهو تعمّد إلحاق شديد أو معاناة شديدة سواء بدنياً أو عقلياً بشخص موجود تحت إشراف المتّهم أو سيطرته، ولكن لا يشمل التعذيب أي ألم أو معاناة ينجمان فحسب عن عقوبات قانونية؛ بل يكونان جزءاً منها أو نتيجة لها.
كما ورد تعريف آخر في الاتفاقية الأمريكية لمناهضة التعذيب في المادة الثانية منها، والتي عرّفت التعذيب بأنّه فعل يُرتكب عمداً لإنزال الألم البدني أو العقلي أو المعاناة بأي شخص لأغراض التحقيق كوسيلة للتخويف أو كعقوبة شخصية أو كإجراء وقائي أو لأي غرض آخر.
تنوّع أشكال التعذيب الوحشي
مورس التعذيب بأساليبه المختلفة عبر العصور القديمة ولا زال يمارس حتى الآن، إلا أن أشكاله وأنواعه تختلف حول العالم، يمكن أن تكون الأداة المستخدمة في التعذيب ذات طبيعة جسدية مثل سترات الصدمات الكهربائية، وأصفاد الأقدام ومكبّلات الأيادي، بالإضافة إلى التجويع والإيهام بالغرق، وإزالة كل المؤثرات الحسية بوضع عصابة على العينين وصم الاذنين، وكذلك تشويه الجسم بنزع الشعر أو خلع الأظافر، وتندرج الجرائم الجنسية أيضاً ضمن ممارسات التعذيب كالاغتصاب أو الإهانة الجنسية، وينتج في معظم الأحيان عن التعذيب فقدان الضحية لحياته، أو يتم قتله عن عمد تحت التعذيب والتمثيل بجثثهم.
ومن ممارسات التعذيب ذات الطبيعة النفسية، حرمان الضحية من النوم أو الحبس الانفرادي لفترات طويلة، مشاهدة تعذيب الآخرين، الإذلال والمنع من تلقي العلاج الطبي، بالإضافة إلى التنويم المغناطيسي، واستخدام جهاز كشف الكذب، ومصل الحقيقة التي تمارس بأشكال مختلفة بحق الأسرى والمعتقلين في السجون بصورة وحشية عند اعتقالهم.
ويعاني معظم الناجين من التعذيب إن لم نقل جميعهم، من أعراض نفسية على المدى الطويل والتي تعد من أخطر الآثار التي يعاني منها الضحية، تشمل اضطرابات ما بعد الصدمة ورؤية الكوابيس والاكتئاب بعد مروره بمرحلة التعذيب وفقدان الثقة بنفسه أو في الآخرين، وعدم القدرة على تغيير الواقع والخضوع للمتغيرات وانعدام الأمل بالمستقبل وفقدان الكبرياء، بالإضافة إلى فقدان الذاكرة القصيرة الأمد والتي قد تؤدي إلى فقدان الذاكرة بعيدة الأمد، أو فقدان التركيز والإحساس الدائم بالخوف والقلق، وفي معظم الأحيان يؤدي ممارسة التعذيب إلى إصابة الضحية بالجنون.
ضحايا التعذيب يواجهون مجموعة من العواقب المدمّرة طويلة الأمد، إذ تخلّف مشاكل جسدية ونفسية واجتماعية واقتصادية، ويمكن أن يؤدي الألم البدني الذي يحدثه التعذيب إلى إعاقات مزمنة وآلام عضوية في أعضاء عديدة من الجسم والتي تكون على مستوى الرأس والقلب والجهاز الهضمي والأعضاء الجنسية، والتي على إثرها يتعذّر على الكثيرين الاستمرار في العمل وكسب لقمة العيش، وبالتالي يجدون أنفسهم عالة على عائلاتهم.
ولهذا السبب يجب أن يحصل الأشخاص الذين تعرضوا للتعذيب على سبل الانصاف، وأن يتم تقديم مرتكبي التعذيب إلى العدالة.
اختلاف الآراء حول تحديد مسببات ممارسة التعذيب
التعذيب جريمة امتهنتها العديد من الدول رغم توقيعها وتصديقها على مواثيق دولية تحرّمه وتجرمه، وقد اختلفت الآراء حول تحديد مسببات ممارسته وتجد أن غاياته تتسع وتتنوع.
يتمثّل النوع الأول من ممارسات التعذيب بكسر وتحطيم الشخصية الإنسانية للضحيّة، فالضحية القادرة على التحكم في حياتها وتستطيع العمل من أجل الآخرين مهما كان وضعه الاجتماعي فإنّه بعد التعذيب يصاب بالتعب والإحباط، ويقع في الهم والقلق وضيق الصدر؛ فيؤثر كل ذلك على حياته ولا يستطيع ممارستها بصفة طبيعية، كما يؤثر أيضاً على أسرته التي تشاركه هذه المعاناة.
ويعتبر البعض أنّ التعذيب لديه وجوهاً متعددة ومن ضمن أسبابه محو الفرد، إجبار السجناء على أن يصبحوا مخبرين سريين للحكومة، والتطهير العرقي للمواطنين الذين لا يمثّلون بالضرورة آراء سياسية معادية فيتعرّضون لتعذيب وحشي وقتل من أجل ترهيبهم وإجبارهم على مغادرة منازلهم وبلادهم، أو تقوم بإيقافهم بصفة تعسفية.
ويرى البعض الآخر أنّ للتعذيب أهدافاً تكتيكية وأخرى نهائية، فالأهداف التكتيكية هي الأهداف المباشرة الراسخة في ذهن القائم بالتعذيب، وتتمثّل في تحقيق القسر أو الإكراه للحصول على المعلومات أو الاعترافات، أو غير ذلك من التصريحات المفيدة سياسياً أو أمنياً أو لتخويف الضحية أو شخص آخر.
أمّا الأهداف النهائية هي النتيجة التابعة للأهداف التكتيكية وتتمثّل في حفظ النظام السياسي أو النفوذ السياسي لمجموعة خاصة أو للسيطرة وتفادي التهديد بالضرر المحتمل من أي نوع وإثبات الولاء والتبعية للنظام بممارسة التعذيب ضد المعارضين.
التعذيب يشمل مختلف الاختصاصات والمهن
لا يمكن اعتبار أي شخص محصّناً ضدّ التعذيب، فقد يتعرّض بعضهم للتعذيب خلال رحلات العمل إلى الخارج أو أثناء تمضية العطلات، فيما يقع آخرون ضحايا القمع السياسي أو النزاعات الدائرة في بلادهم ومنهم من يكون متواجداً في المكان الخطأ في الوقت الخطأ.
وغالباً ما تنتشر أنماط العنف كعقاب تفرضه الحكومات على مجموعات خاصة كالسياسية، أو الدينية أو الاثنية أو الأقلّية، تضم فئة من الأشخاص الذين من الشائع أن يخضعوا للتعذيب كالناشطين السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان وأسرهم، والمدنيين المستهدفين في النزاعات المسلحة بمن فيهم النساء أو الأطفال المجنّدون والأفراد المشتبه بارتكابهم الجرائم والذين يخضعون للتعذيب من أجل الاعتراف بفعلتهم ما يساعد في فك ألغاز الجرائم، والأشخاص المنتمين إلى الفئات المحرومة اجتماعياً بمن فيهم الأقلّيات أو المهاجرون والأشخاص قيد الاحتجاز.
يحظر التعذيب باللّغة الأشد صرامة في القانون الدولي حتى في أوقات الحرب أو الطوارئ وممارسته غير مشروعة في معظم الدول ومع ذلك يبقى منتشراً إلى حد كبير ولا يقتصر على الأنظمة القمعية فحسب، ففي الفترة ما بين كانون الثاني/يناير 2009 وأيار/مايو2013 تلقت منظمة العفو الدولية تقارير عن ممارسات تعذيب ومعاملة سيئة ارتكبها المسؤولون العموميون في 141 دولة من جميع أنحاء العالم.
التحرش والاغتصاب من أبرز أساليب تعذيب المرأة
يشكّل التعذيب ضدّ النساء والفتيات أحد الانتهاكات تفشياً لحقوق الإنسان التي تتمتع بها المرأة، وهي مشكلة مستدامة وكبيرة من مشاكل الصحة العامة، ولا يتوقف التعذيب الممارس ضدهن على الأذى الجسدي بل أحياناً كثيرة تصل إلى وفاة الضحية.
ويعد التعذيب نوع من أنواع العنف ضد المرأة، فيعرّف التعذيب الممارس ضدهن بأنّه "أي فعل عنيف تدفع إليه عصبيّة الجنس ويترتّب عليه أو يرجّح أن يترتب عليه أذى أو معاناة للمرأة سواء من الناحية الجسمانية أو الجنسية أو النفسية"، بحسب منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو".
ومن ضمن تلك الأساليب الضرب بأشياء مختلفة من بينها العصي الخشبية والجزء المسطح من المناجل على جميع أنحاء الجسم، بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو الحرمان التعسفي من الحرية سواء حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة، والكثيرات منهنّ لا يجدن جهة تتكفل بمساعدتهنّ وحمايتهنّ وغالباً ما لا يجدنّ إلا عون بعض المعارف المقربين.
لطالما حذّرت منظمات حقوق الإنسان من الفظاعات التي تُرتكب ضد النساء المعتقلات على خلفيات سياسية، على رأسها الاعتداء والتحرش والعنف الجنسي كأداة حرب لقمع الثورة وكسر إرادة النساء وقهرهم وإهانتهم، واستمرار المعاناة بعد الإفراج عنهنّ من الانغلاق وعدم التقبّل والتشدّد حيال التقاليد المتعلّقة بالمرأة حتى إن كانت ضحية عنف إجباري قد مورس عليها، ففي كثير من الأحيان يصطدمنَ بواقع أنّ عائلاتهنّ غير مرحّبات بهنّ، ما يحوّل حياتهنّ لجحيم.
ويستخدم التعذيب في جميع أنحاء العالم بشكل اعتيادي لانتزاع الاعترافات والمعلومات، فستعترف الضحية بما يريد جلّاده سماعه، بجرائم ربما ارتكبها وربما لا، فقط ليتخلص من التعذيب الذي يتعرض له.
المعاملة الغير إنسانية مع الأطفال
يحدث في كثير من البلدان أن يدخل الأطفال إلى السجون والمؤسسات الإصلاحية تحت ظروف مختلفة وهناك يتعرّض الأطفال الأحداث السجناء إلى معاملات غير إنسانية كاعتداءات متكررة وتعذيب من قبل السجناء ممن يكبرونهم سناً وكذلك من قبل رجال الأمن الذين يتولّون إدارة السجون.
وبناءً على القواعد القانونية الدولية في التعامل مع الأطفال الأحداث، وضرورة عدم إيداعهم السجون والمؤسسات الإصلاحية إلا للضرورة القصوى التي تراعي أوضاع الأطفال الأحداث، ولاسيما عدم التعرّض لهم بالتعذيب والإهانة وغيرها من الأفعال التي تُرتكب، أصدرت مجموعة من التوصيات منها إلزام المؤسسات الأمنية والإصلاحية التعامل مع الأطفال على أساس أنّهم فئة خاصة، ولهم قوانين وقواعد خاصة للتعامل معهم.
وشددت التوصيات على أن الأسرة تشكل البيئة الطبيعية لنمو ورفاه جميع أفرادها وبخاصّة الأطفال مما يعتبر اعترافاً بأنّ الأسرة تملك القدر الأكبر على إمكانية توفير الحماية للأطفال والوفاء بمتطلبات سلامتهم الجسدية والعاطفية، وتعتبر خصوصية الأسرة واستقلالها من القيم المصونة في جميع المجتمعات، وتكفل الصكوك الدولية لحقوق الإنسان الحق في الحصول على الخصوصية والحياة الأسرية والمأوى والتوافق الاجتماعي، وربما يشكل القضاء على العنف والتعذيب ضد الأطفال واتخاذ إجراءات بشأنه أكبر التحدّيات في سياق الأسرة، إذ يعتبره معظم الناس الأمر الأشد خصوصية.
وانتشر التعذيب ضد الأطفال من خلال وسائل تعنيف متعددة كالتعذيب الجسدي أو الجنسي أو النفسي، علاوة على الإهمال المتعمّد من الوالدين، وتدني مستويات التعليم وتعرّض الطفل لإساءة المعاملة منذ الصغر، فيكون الأطفال ابتداءً من طفولتهم وحتى سن 18 عرضةً لأشكال مختلفة من التعذيب والتعنيف داخل منازلهم، ومعظم حالات التعذيب الذي يمارس ضدهم في الأسرة غير مميتة إلا أنّ بعض أشكال العنف التي تمارس تؤدي إلى حدوث أضرار أو إعاقات دائمة، ويقدّر عدد الأطفال الذين يتعرّضون للتعذيب سنوياً على نطاق العالم بما يتراوح بين (133 ـ 275) مليون طفل.
الانتهاكات المسجّلة بحق الصحفيين
لا يخلو طريق الصحفيين وسائر الإعلاميين الذي يتقصون الحقائق على نحو مستقل وإعلام العامة بها، لمساعدة جمهورهم للوصول إلى المعلومات حول المواضيع والقضايا المختلفة، من مخاطر التعرّض للتعذيب والعنف التي قد تمنعهم من القيام بأعمالهم، واعتماد الرقابة الذاتية على المواضيع الحساسة التي تمنع وصول المجتمع إلى المعلومات.
معظم الصحفيين الاستقصائيين واعين للمخاطر المحتملة التي يواجهونها، وعلى ذلك فثمّة منظمات عدّة تقدّم الدعم والمساعدة للصحفيين المعرّضين للخطر كلجنة حماية الصحفيين ومبادرة الدفاع القانوني في وسائل الإعلام.
وتشمل ممارسات تعذيب الصحفيين والإعلاميين المضايقة والترهيب وتهديد عائلاتهم والطرد والاعتقال والاحتجاز التعسفي أو غير المشروع والخطف والتعذيب والعنف الجنسي وحتى القتل.
وتزداد الانتهاكات المسجلة بحق الصحفيين ويعود السبب إلى استمرار الانتهاكات بمناطق النزاع المسلح وسياسة الإفلات من العقاب، ومواجهتهم مباشرة مع الأنظمة الديكتاتورية، فالصحافة بطبيعتها مهنة تعرّض من يزاولها للصدمات.
سبل جبر الضرر لضحايا التعذيب
كافة الدول ملزمة بموجب القانون الدولي بمنع ومكافحة التعذيب ومن المهم بالقدر نفسه أنّ الدول ملزمة أيضاً بتوفير سبل جبر الضرر لضحايا التعذيب بما في ذلك إعادة تأهيلهم، وتأسيس رابطات ومستشفيات ومراكز المساعدة القانونية ومكاتب المحاماة المدافعة عن المصالح العامة، الخاصة بضحايا التعذيب.
فجاء صندوق الأمم المتحدة للتبرعات لضحايا التعذيب التابع لمفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، الذي أنشأته الجمعية العامة في عام 1981، استجابة لمحنة آلاف الضحايا الذين لولا ذلك لظلوا بلا رعاية ومهمّشين، ويعتمد العمل الذي يؤديه الصندوق على التبرعات الضخمة والمتواصلة من الدول والجهات المانحة من قبل القطاع الخاص، وقدّم منحاً إلى أكثر من 620 منظمة ومركزاً على النطاق العالمي تصل بخدماتها إلى أكثر من 50000 ضحيّة كل عام.