2022 عام شجاعة المرأة الأفغانية

لم يكن عام 2022 عاماً جيداً لشعب أفغانستان، لكن مقاومة الأفغان نساءً ورجالاً ضد طالبان وقراراتهم المناهضة للنسوية كانت مثيرة للإعجاب.

بهران لهيب

كابول ـ على الرغم من أن عام 2022 كان الأسوأ بالنسبة لشعب أفغانستان، وخاصة النساء، إلا أنه كان عاماً مليئاً بالنضال والمقاومة.

 

أفغانستان واحدة من أكثر البلدان بؤساً في العالم

أعلنت منظمة "صندوق حماية الأطفال" أن عدد الجياع في أفغانستان هذا العام بلغ 6.6 مليون شخص، مشيرةً إلى أن أفغانستان تتصدر قائمة الدول التي تعاني من أسوأ الظروف المعيشية.

وفي تقريره السنوي لعام 2022، أكدت مكتب "داعم للإعلام الحر في أفغانستان" أن الصحفيين يتعرضن للعديد من التهديدات والعنف والاعتقال القسري والقتل والإخفاء، فيما أعلنت منظمة مراسلون بلا حدود أن أفغانستان تتصدر قائمة الأماكن الأكثر خطورة على الصحفيين.

من جانبها كشفت "اللجنة الوطنية الباكستانية لحقوق الإنسان" في تقريرها السنوي أن ما لا يقل عن 139 امرأة و165 طفلاً فقدوا حياتهم في سجن النساء في كراتشي.

وأكد "تقرير السعادة العالمية" في بحثه السنوي على أن أفغانستان الدولة الأكثر تعاسة من بين 146 دولة حول العالم.

فيما لفت التقرير السنوي لـ "NPR" أن معظم القوى العاملة في مناجم الفحم في أفغانستان هم من الأطفال. وبحسب التقرير أصدرت وزارة المناجم والبترول التابعة لحركة طالبان خلال عام 2022، نحو 10 آلاف طن من الفحم يومياً، لافتاً إلى أن عدد الأطفال العاملين في أفغانستان قد ارتفع بنسبة 21% مقارنة بالعام الذي سبقه.

 

الكوارث الطبيعية في أفغانستان

بالإضافة إلى الوضع الأمني ​​السيئ، تسببت الكوارث الطبيعية في أفغانستان في مقتل آلاف الأشخاص، في زلزال خوست وبكتيكا وأصيب وقتل أكثر من ألف شخص، ودمرت جميع منازل الأهالي.

وتسببت الفيضانات في معظم المقاطعات منها ولاية ننكرهار، بنقشير، خوست، بكتيكا، باكتيا، لوجار، غزنة، كونار، لَغمـان، ولاية وردك، بروان، تخار، باميان، وبغلان، سمنكان، بلخ، سار إي بول، أُرُزجان، قندهار، نيمروز، فراه، في خسائر فادحة في الأرواح.

من جانب آخر شكل الجفاف أيضاً مشكلة لشعب أفغانستان مع سيطرة طالبان للسلطة، حيث عاد معظم الأشخاص الذين فقدوا وظائفهم إلى عمل الفلاحين والزراعة، لكن لم تكن لها نتائج جيدة، وكان أحد الأسباب الرئيسية لذلك هو نقص المياه.

يواجه المزارعون الأفغان الذين يشكلون شريحة كبيرة من سكان البلاد، دائماً مشكلة في بيع المنتجات بسعر جيد بسبب عدم التخطيط من قبل السلطات في البلاد، كل عام تزرع بعض الخضراوات بكثرة وهذا يسبب زيادتها في السوق ويضطر المزارع لبيعها بسعر زهيد جداً وبكميات قليلة.

 

وضع السجناء تحت حكم طالبان

عندما استولت طالبان على السلطة فتحت أبواب السجون الخاصة بالرجال من اليوم الأول، لتخرج عناصرها من المعتقلات، إلا أن النساء والأطفال ما زالوا مسجونين، من بين الأسرى المفرج عنهم، تم إطلاق سراح سجناء الجرائم الخطيرة، وداعش وطالبان.

وبحسب مدير عام سجون طالبان، هناك أكثر من 12 ألف شخص في السجون الأفغانية بينهم 800 امرأة، مشيراً إلى أن جميع من في السجناء مرتكبي الجرائم ولا يوجد لديهم سجناء سياسيين.

بينما أفادت وسائل إعلام بأن ناشطات ونشطاء مدنيين ومعارضين سياسيين لطالبان وصحفيين ونشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي محتجزون لدى طالبان، ويحتجز هؤلاء السجناء في 40 مقراً لمخابرات طالبان ويتعرضون للتعذيب، وليس لدى عائلاتهم أي معلومات عنهم.

وقد تم نشر آراء وتقارير مختلفة، تفيد بأن كافة أنواع التعذيب تستخدم بحق سجناء مديرية المخابرات الأربعين التابعة لطالبان، مثل شد المسامير والصعق بالصدمات الكهربائية والضرب، حيث يفقد الكثير منهم وعيهم أو يموتون، كما أن العديد من السجناء رجالاً كانوا أو نساءً تعرضوا للجلد في العلانية بتهمتي "السرقة والفساد الأخلاقي".

 

الحالة الصحية

لم تكن الخدمات الصحية في أفغانستان في حالة جيدة قبل حكم طالبان، لكن مع حكمهم، غادر مئات الأطباء البلاد، لا يلقى الأفغان في غالبية القرى والمقاطعات وحتى المدن سوى القليل من الخدمات الصحية، وبحسب التقرير السنوي لوزارة الصحة التابعة لطالبان، توفيت أكثر من 500 امرأة أثناء الولادة خلال عام 2022.

يتوجه العديد من المرضى إلى دول الجوار للعلاج، خاصة إلى إيران وباكستان اللتان تواجهان العديد من المشاكل في الحدود والوثائق القانونية. هذه الرحلات تكلف الكثير حتى لا يتمكنوا من العودة إلى الطبيب مرة أخرى.

 

الأطفال والنساء ضحايا التفجيرات

بالإضافة إلى الكوارث الطبيعية وعمليات الخطف والقتل المستهدف والفقر والبطالة وغيرها من المشاكل، وقعت عشرات التفجيرات وحالات الانتحار في أفغانستان العام الماضي، ووقعت هذه التفجيرات في المساجد والأماكن العامة وبين منظمي احتفالات عاشوراء والمدارس والدورات التعليمية والطرق. رغم أن طالبان حاولت عدم السماح لوسائل الإعلام المحلية والأجنبية بتغطية هذه الأحداث. لكن مع ذلك، تم نشر إحصائيات وأرقام عن الضحايا والجرحى، والتي تزيد عن مئات الأشخاص. كان من بين الضحايا رجال ونساء، صغاراً وكباراً، وأطفالاً.

 

التمييز ضد الأقليات الدينية

وفقاً للإحصاءات الرسمية فإن 99% من سكان أفغانستان مسلمون منهم 80 ـ 89% من السنة و 10 ـ 19% من الشيعة. ويشمل الباقون المسيحيين واليهود والهندوس والسيخ والمسلمين الأحمدية. تعرضت معظم هذه الجماعات الدينية للإهانة والإذلال وأجبرت على الهجرة. المسيحيون واليهود ليسوا مستعدين حتى للكشف عن هويتهم. بعد حكم طالبان، زاد التمييز ضدهم ولم يعد بإمكان الهندوس والسيخ في أفغانستان إقامة احتفالاتهم الدينية علناً لأنهم تعرضوا للتهديد والمضايقة مرات عديدة. قالت الأقليات الدينية "اعتدنا على مغادرة البلاد بسبب الوضع الاقتصادي السيئ الذي مررنا به، ولكن علينا الآن مغادرة أفغانستان لإنقاذ حياتنا".

الشيعة يواجهون المزيد من التمييز والهجمات في ظل حكومة طالبان. في العام الفائت بالإضافة إلى كونهم ضحايا لهجمات انتحارية قاتلة، أجبرتهم حركة طالبان على المغادرة. تم إخراجهم قسراً من منازلهم وأراضيهم ومراعي ماشيتهم.

 

احصاءات قتل النساء في أفغانستان

في عام 2022، فقدت العديد من النساء حياتهن في أفغانستان، لقد قُتلن لأسباب مختلفة، فمنهن فقدن حياتهن بسبب عنف طالبان، وبعضهن قتلن على أيدي أفراد أسرهن، وبعضهن انتحرن.

 

وضع المرأة في ظل حكم طالبان خلال عام واحد

بعد سيطرة طالبان على الحكم لم تسمح أبداً للفتيات فوق الصف السادس بالذهاب إلى المدرسة. وفي الأيام الأخيرة من عام 2022، أغلقوا أبواب الجامعات والمراكز التعليمية أمام النساء والفتيات وأمروا جميع المؤسسات بطرد الموظفات.

لم يكن عام 2022 عاماً جيداً لشعب أفغانستان، لكن مقاومة الأفغان نساءً ورجالاً ضد طالبان وقراراتهم المناهضة للنسوية كانت مثيرة للإعجاب. لقد شهدت البلاد موجة كبيرة من الاحتجاج على قرار طالبان الأخير بإغلاق الجامعات أمام الفتيات في جميع أنحاء أفغانستان. كانت نقطة التحول في هذه الاحتجاجات هي رد فعل الرجال على نطاق واسع ضد طالبان، فقد استقال العشرات من الأساتذة من جامعات البلاد، وقاطع الطلاب الجامعة بدون حتى حضور فتيات.

على الرغم من أن أفغانستان تتصدر قائمة الدول الأكثر بؤساً في العالم من جميع النواحي، فقد وصفت صحيفة الغارديان عام 2022 بأنه عام الشجاعة لأفغانستان إلى جانب إيران وأوكرانيا.