زينب جلاليان تصف معاناتها في ذكرى اعتقالها الـ 17
عبرت الناشطة والمعتقلة زينب جلاليان، عن معاناة أسرها في رسالة بمناسبة الذكرى السنوية لاعتقالها داعية الناس للاتحاد ضد الإعدام والسجن "سواءً أجبت أو بقيت صامتة التعذيب يبقى مستمراً لم أفهم عقولهم المريضة".

مركز الأخبار ـ يتعرض المعتقلين في السجون الإيرانية للتعذيب الجسدي والنفسي الشديد، وهذا التعذيب لا يرتبط فقط بمدة التحقيق بل يستمر طيلة سنوات الحبس مثلما يحدث مع الناشطة زينب جلاليان.
الناشطة والمعتقلة زينب جلاليان ولدت عام 1982 في قرية "ديم قشلاق عليا" في ماكو، وهي أكبر سجينة سياسية سناً والوحيدة التي تقضي حكماً بالسجن المؤبد في إيران، وقد احتجزت في 26 شباط/فبراير 2006، ، وحرمت من حق زيارة عائلتها على مدى أعوام الماضية، رغم معاناتها من أمراض عدة أثناء فترة اعتقالها حيث تم نقلها بشكل غير قانوني وعنيف بين سجون مختلفة عدة مرات.
وحكم عليها بالإعدام عام 2009 وقد خففت عقوبتها بالسجن مدى الحياة عام 2012، وتعرضت لتعذيب شديد خلال اعتقالها، وعلى الرغم من مرور 17 عاماً على سجنها إلا أن الأجهزة الأمنية لا تزال تعرضها للضغوط، كما أصبح حصولها على أي خدمات طبية وإرسالها في إجازة مرضية مشروطاً بتعبيرها عن ندمها.
وأكد محاميها مراراً وتكراراً أن استمرار سجن موكلته بموجب قانون العقوبات الإسلامي الجديد غير قانوني مشدداً على ضرورة الإفراج عنها على الفور.
وفي ذكرى اعتقالها وصفت زينب جلاليان، بعضاً من معاناة سبعة عشر عاماً من الأسر في رسالة من سجن يزد، تم نشرها اليوم الثلاثاء 25 شباط/فبراير، وجاء في نصها "يدي كانت تفوح برائحة الزهور، وادينت بقطف الزهور، لم يظن أحد أنني ربما زرعت زهرة. ترك الظلم جرحاً عميقاً في قلبي لن أنساه أبداً، فقد كنت زهرة الهندباء الصغيرة تحمل رسالة عظيمة عن الحرية والتحرر، وبدأت رحلتي في 26 شباط/فبراير عام 2006 في مدينة كرمانشاه الجميلة، لكن عملاء القمع اختطفوني في الطريق واقتادوني إلى مكان غريب وغير مألوف.
وكان للضباط ذوي الملابس السوداء عادات وتقاليد غريبة، وفي هذا المكان المرعب لا ينبغي لأحد أن يرى أي شخص آخر، فقد عصبوا عيني بعصابة سوداء وسألوني "ما اسمك؟" أجبت بـ "اسمي زينب" ضربوني وسألوني مرة أخرى "ما اسمك؟" أجيب بنفس الإجابة إلا أنهم كانوا يضربونني ويسألوني مراراً وتكراراً لم يهم سواءً أجبت أو بقيت صامتة التعذيب يبقى مستمراً لم أفهم عقولهم المريضة، ذلك المكان المظلم لم يكن هناك مجال للضوء، لأن عملاء القمع كالخفافيش كانوا خائفين من الضوء.
وبعد أشهر قليلة تم نقلي إلى السجن كان حراسه نساء، لكن سلوكهم أسوأ حتى من هؤلاء الرجال المجهولين، وكان ذلك مؤلماً جداً بالنسبة لي، وبعد أشهر من الانتظار المؤلم والمرهق وعدم اليقين، ذات يوم تم مناداة اسمي عبر مكبر الصوت في السجن بنبرة مليئة بالاستياء والكراهية.
قيدوني من يدي وأرجلي واقتادوني إلى محكمة الاستدعاء، تجادلت مع القاضي لمدة ثلاث دقائق حول لغتي الأم لم يعرفني، ولم يستمع إلي إذاً على ماذا استند في قراره وحكم علي بالإعدام؟ لا أعرف!
وبعد ذلك نفوني إلى طهران وقضيت ستة أشهر في زنزانات المعلومات، تحت ضغط هائل للاعتراف والمقابلات القسرية، وبعد سنوات أحضر العملاء والدتي إلى طهران تحت التهديد، وكان أنين أمي غير مفهوم ولا يمكن وصفه، ولا يزال من الصعب عليها أن تتحمل ألم فقدان ابنتها وحكم الإعدام عليها، فقد كانت معاناتها أكبر من صبرها لكنها لم تخضع للظلم والظالمين، كانت أمي مظهراً من مظاهر الحزن الشديد، أني متأكدة أن كلماتي غير كافية لوصف ذلك.
وبعد ستة أشهر أعادوني إلى كرمانشاه، بالرغم من طلبي نقلي لمدينتي مراراً وتكراراً نقلي، إلا أنني بقيت مسجونةً في سجن كرمانشاه لمدة سبع سنوات، وبعد ذلك تم نفيي إلى سجن الخوي، حيث قضيت أربع سنوات تحت الضغط النفسي.
وفي الليلة التي أعلنوا فيها حظر التجوال ساد السجن صمتٌ مميتٌ، وعاد العملاء الظالمون وقيدوني ونفوني إلى سجن قرتشك، واحتجزوني بشكل مؤقت وأصبت هناك بفيروس كورونا لم أتلق أي رعاية طبية، وتضررت رئتي بشدة، رغم مطالبتي بتحويلي لعدة مرات إلا أنه لم يكن هناك رد لمطالبي، فأجبرت على الإضراب عن الطعام.
وبعد أيام من الانتظار، وفي منتصف الليل، عندما كان السجناء نائمين ولم يكن يكسر الصمت إلا صوت سعالي، عاد العملاء الظالمون، ونفوني قسراً إلى مدينة كرمان، مقيدة ومكبلة، ولم تكن هناك عيون لتقرأ طلبي، ولا آذان لتسمع كلماتي، ولا قلب ليتعاطف معي.
وبعد أشهر من الوحدة والعزلة، والحرمان من الهاتف والزيارات وحتى بطاقة التسوق، في أمسية حزينة ومغبرة في كرمان، قام ضباط السجن، تحت قسم كاذب وبالقوة، بنفيي إلى كرمانشاه.
ومع ذلك بعد كل هذا التجوال القسري بجسد متعب ومريض، أغمضت عيني لالتقاط أنفاسي، لكن أصوات الحراس منعتني من الراحة، قيدوا يدي ورجلي وغطوا عيني ونفوني إلى مدينة يزد، ومرت سنوات في هذا الظلام، مع كل الصعوبات والمضايقات، دون مكالمات هاتفية أو زيارات، حيث أمضيت الآن أربع سنوات وأربعة أشهر في سجن يزد.
وفي ظلام السجن هذا، لا تزال الصورة الغامضة عن الحياة خارج السجن عالقة في ذهني، أني أفتقد حضن أمي الدافئ، ونظرة أبي المحبة، وضحكة أختي، وحتى عبس أخي، أفتقد شعب كردستان الدافئ والأغاني الكردية أفتقد رائحة التربة، والزنابق المقلوبة، وأشجار البلوط، أفتقد الينابيع الصافية، والأنهار المتدفقة، والجبال الشاهقة، والليالي المرصعة بالنجوم.
مع كل المعاناة والشوق مرت سبعة عشر عاماً... سبعة عشر عاماً!
أيها الشعب الإيراني النبيل!
مسؤولي هذا النظام يدمرون وطننا، يقتلون ويعدمون أو يرسلون شبابنا إلى السجن، لقد نهبوا ثرواتنا ومواردنا الطبيعية، ودمروا اقتصاد البلاد، الفقر والجوع متفشيان، إلى متى ستبقون صامتين في وجه هؤلاء المدمرين القساة؟! إلى متى تريدون أن تصارعوا الفقر والجوع؟! إلى متى تريدوا أن تشاهدوا تدمير بلادكم ومستقبل أولادكم دون البوح بأي كلمة؟! هل هذه الحياة المهينة من حقنا؟!
أيها الناس الجميلون في هذه الأرض! دعونا نتحد ونصرخ بصوت واحد، لا للقتل، لا للإعدام، لا للسجن، لا للفقر، لا للجوع".