وضع المرأة في الجامعات الإيرانية واقع جديد أم لعبة أرقام؟

تشير الإحصاءات الرسمية في إيران إلى أن النساء تشكلن 52% من موظفي الجامعة و32% من أعضاء هيئة التدريس، وتُقدم هذه الأرقام باعتبارها "إنجازاً للثورة الإسلامية" ولكن عملية دخول الشباب إلى الجامعة تروي قصة مختلفة.

مركز الأخبار ـ أوضح وزير العلوم الإيراني في وقت سابق، أن هناك زيادة بعدد النساء في الجامعات، وأن أكثر من نصف الطلاب هم من النساء كما أن 32 % من أعضاء هيئة التدريس نساء، وتقدم هذه الإحصائية في البيانات الرسمية كدليل على الدور المتنامي للمرأة في المجالات العلمية، ولكن هل يعكس هذا الحضور تقدماً حقيقياً؟

أفاد رئيس معهد البحوث والتخطيط للتعليم العالي في إيران، إن العديد من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 ـ 24عاماً لم يعودوا مهتمين بالدخول إلى الجامعة في السنوات الأخيرة، حتى الطلاب المسجلين بدوام كامل يعتبرون فعلياً دافعين للرسوم الدراسية لأنهم يواجهون التزامات العمل والالتزامات المالية بعد التخرج، وقد أدت هذه الظروف إلى فقدان العديد من الطلاب شغفهم في مواصلة تعليمهم بعد دخول سوق العمل.

وفي الوقت نفسه أصبحت أولوية الحصول على وظيفة بالتعليم الجامعي أكثر بروزاً خاصة بين الطلاب والأسر، وفي هذا السياق، فإن زيادة عدد النساء في الجامعات مع انخفاض رغبتهن في الدراسة يرسم صورة متعددة الجوانب لحالة التعليم العالي في إيران، صورة تختبئ خلفها الأزمات الاقتصادية، والسياسات الجنسانية، ومستقبل الشباب.

وتعليقاً على التصريحات الأخيرة لوزير العلوم بشأن زيادة عدد النساء في الجامعات قالت الخبيرة في العلوم السياسية ليلى حسين منش "لقد كان نظام التعليم في إيران يتقدم دائماً في ظل سياسات عدم المساواة بين الجنسين والمشاكل الهيكلية، ومن خلال القيود المفروضة على اختيار النساء للتخصصات الدراسية إلى التكاليف الباهظة للتعليم وانعدام الأمن الوظيفي في المستقبل كل هذه التحديات واجهت الجنسين في طريقهم إلى الجامعة".

وأشارت إلى أنه بالنسبة للرجال تعتبر الجامعة جسراً لمستقبل وظيفي وطريقة لمنع الأزمات الاقتصادية، وتأمين مستقبل الأسرة وإيجاد مكان في المجتمع، ولكن عندما يواجه سوق العمل مشاكل هيكلية ولا يوجد مستقبل مهني مضمون ينتظرهم فإن الدافع للدراسة ينخفض ​​وتزداد الرغبة في سوق العمل، مضيفةً أن المرأة تدخل الجامعة على أمل اكتساب المعرفة، وتحاول إيجاد مكان لها في المجتمع وسوق العمل من خلال الحصول على المؤهلات التعليمية، ولكن على أرض الواقع لا تزال الهياكل الاقتصادية والإدارية في أيدي الرجال، كما أن القيود الواسعة النطاق المفروضة على النساء في مكان العمل هي انعكاس لمجتمع لا يزال محاصر في دائرة التفكير الأبوي.

وأكدت إنه على الرغم من هذه المشاكل، يقدم النظام الإحصائيات والأرقام المتعلقة بزيادة مشاركة النساء في الجامعات على أنها "إنجاز" لكن في الحقيقة هذه رواية لتشويه الرأي العام وإخفاء حقيقة النظام السياسي والإداري في إيران، وهروب خادع من الأزمات والواقع القائم، إن الزيادة التي بلغت 80% في هجرة الطلاب إلى الخارج خلال السنوات الأربع الماضية دليل على هذه الأزمة، كما إن الافتقار إلى الأمن الوظيفي وانخفاض الدخل وعدم وجود رؤية واضحة للمستقبل، دفع العديد من الطلاب خاصة النساء للسفر إلى أوروبا وأمريكا وآسيا للبحث عن مستقبل أفضل، في مجالات مثل العلوم الإنسانية والطب والفنون والهندسة والتدريب المهني.

وعن تقييمها للعوامل وراء هجرة الطلاب أوضحت أن الدراسات البحثية تظهر أن الظروف الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعليمية والجنسانية غير المواتية هي العوامل الرئيسية وراء هجرة الطلاب خاصة النساء من إيران "إن هذه الهجرة ليست مجرد خيار شخصي، بل هي رد فعل على بيئة حيث لم يعد التعليم الجامعي يمنح فرصاً أفضل، بل أصبح طريقاً مسدوداً يدفع الكثيرين نحو بوابات الخروج من البلاد".

وحملت ليلى حسين منش هيكل النظام الأبوي والرأسمالي في إيران المسؤولية عن ذلك "ما يتم الترويج له ظاهرياً على أنه زيادة حضور النساء في الجامعات هو في الواقع صورة دعائية تكمن جذورها في الأزمات العميقة للنظامين التعليمي والاقتصادي، والتي عملت على إدامة النظام الأبوي والرأسمالي، إن مستقبل التعليم العالي في إيران لن يتحدد بالإحصائيات، بل بالتغييرات الجذرية في البنية السياسية والأنظمة التعليمية والإدارية، وضمان تكافؤ الفرص، وإصلاح الهياكل التمييزية، وإلا فلن يتم حل مشاكل النظام التعليمي ولا المشاكل والقضايا الاجتماعية الحادة بهذه الأرقام".