تونس... تأسيس جبهة المساواة وحقوق النساء

أعلنت جمعيات حقوقية ونسوية وناشطات في مجال حقوق الإنسان عن تأسيس جبهة المساواة وحقوق النساء من أجل توحيد الجهود في مواجهة التهديدات والتحديات التي تواجهها المرأة في تونس.

نزيهة بوسعيدي

تونس ـ تزايدت مخاوف المرأة في تونس من تراجع مكتسباتها بصفة خاصة والحريات وحقوق الإنسان بصفة عامة بعد 25 تموز/يوليو، الأمر الذي دفع الجمعيات النسوية والناشطات والحقوقيات والمجتمع المدني الذي يناصر قضايا المرأة ويدافع عن الحريات إلى التنظيم في هيكل واحد يحمل اسم جبهة المساواة وحقوق النساء.

حول جبهة المساواة وحقوق النساء، قالت منسقة الجبهة نجاة عرعاري لوكالتنا إن هذه الجبهة هي شبكة تضم جملة من الجمعيات والأفراد، وهذه الجمعيات متنوعة تتضمن جمعيات تعمل على حقوق الإنسان وجمعيات تعمل في المجال التنموي لكن تعمل على تمكين النساء وجمعيات مختلفة تدافع عن حقوق النساء ومسألة المساواة.

وأوضحت أن هذه الجبهة جاءت نتيجة عمل انطلق في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي بمناسبة 16 يوماً لمناهضة العنف ضد النساء، وذلك إثر انعقاد ورشة "تفكير استراتيجي" بمشاركة أكثر من 25 ممثل عن الجمعيات.

وأشارت إلى أن "الوضع الذي نعيشه والأزمة الاقتصادية والاجتماعية أصبحت تهدد أولاً الحراك النسوي والناشطات في مجال حقوق المرأة وحقوق الإنسان باعتبار أنهن في الصف الأول في مجابهة المجتمع، في مجابهة الوضع السياسي ومجابهة الوضع الاقتصادي، وأيضاً تهدد حقوق النساء باعتبارهن الفئة الأكثر هشاشة والأكثر عرضة للإقصاء والتهميش".

وأضافت "هذا الأمر جعلنا نفكر في تعزيز الحراك النسوي وتوحيد صفوفنا والقوى التي تساندنا حتى يكون عملنا وحراكنا الجماعي أكثر فعالية"، مؤكدة على أن الجبهة ستعمل على أهداف معينة منها تعزيز الحراك النسوي من خلال التدريب وتبادل الخبرات والتجارب وتوحيد المطالب خاصةً أن الجبهة لديها تمثيلية في الجهات عن طريق الجمعيات المتواجدة بستة أقاليم، ومن ناحية أخرى ستهتم بجانب التثقيف في مجال المقاربة النسوية، المقاربة الحقوقية، مقاربة النوع الاجتماعي هذا على مستوى داخلي.

ولفتت إلى أن الجبهة ستعمل على التشبيك أكثر بين الجمعيات ومن ناحية أخرى التثقيف في مجال حقوق النساء "نعود دائماً في هذا المجال إلى الذهنية الذكورية والمقاومة الاجتماعية الموجودة والتي رغم المعطيات الإحصائية التي تتحدث عن خروج المرأة إلى العمل ورغم إثباتها لكفاءتها ورغم التعليم الذي تحظى به، إلا أنه لا تزال الذهنية الذكورية مسيطرة، لذلك التربية على ثقافة واحترام حقوق النساء واحدة من المحاور الهامة التي اخترنا العمل عليها من خلال القيام بجملة من الشراكات مع مؤسسات التعليم العالي ومع المؤسسات التربوية".

ومن المحاور التي صدرت عن ورشة "التفكير الاستراتيجي" أيضاً دعم الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للنساء وهو مفتاح يغير حياة المرأة تماماً لأنه كلما كانت مستقلة اقتصادياً كلما كانت حقوقها الاقتصادية والاجتماعية مضمونة وكان لديها فرصة لتدافع عن نفسها وتخرج من حلقة العنف، ولتكون فاعلة في المجتمع وناشطة سياسياً وناشطة في الحياة العامة، لذلك تم الإعلان عن الجبهة في 27 نيسان/أبريل الفائت، لإيصال رسالة من هذا الإعلان أنه سيتم الدفاع والنضال من أجل الحصول على حقوق النساء، بحسب ما أوضحته نجاة عرعار.

ومن جانبها قالت النائبة الأولى للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق النساء نجاة الزموري إن جبهة المساواة وحقوق النساء (FEDF)، هي شبكة تجمع جمعيات من المجتمع المدني ومناضلات وناشطات للدفاع عن حقوق النساء والمساواة، وهي فضاء مستقل للتفكير بشكل جماعي واتخاذ قرارات الأنشطة التي تدعم الحركة النسوية في تونس وتقويها وتناضل ضد النظام الأبوي واضطهاد النساء واستغلالهن ودعم التغييرات التي يطمحون إليها في المجتمع.

وأشارت إلى أن الجبهة تسعى إلى توحيد وتعزيز جهودها وخبراتها من أجل دعم المساواة والدفاع عن حقوق النساء ضد كل التهديدات وأشكال التمييز وتنمية الثقافة النسوية في المجتمع بشكل عام، مضيفةً "تستند الجبهة في عملها على المرجعيات الدولية والأفريقية ومنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، اتفاقية مناهضة كافة أشكال التمييز ضد النساء، النضال ضد كافة أشكال العنف (اتفاقية إسطنبول)، المناهضة ضد العنف والتحرش في فضاءات العمل (الاتفاقية 190)، بالإضافة إلى القوانين التي تكرس المساواة وحماية النساء والفتيات وتدافع عن مكتسباتهن.

وحول الهدف من تأسيس الجبهة، لفتت إلى أنه في السنوات الأخيرة ازدادت أوجه عدم المساواة بين الجنسين واكتسب الفقر صفة التأنيث وأثر هذا الوضع على النساء أكثر من الرجال.

وأكدت أنه على الرغم من التزام البلاد بتحقيق المساواة بين الجنسين في جميع المجالات وفقاً لدستور عام 2014 والمعاهدات الدولية التي تمت الموافقة والمصادقة عليها، إلا أن تونس صنفت ضمن الدول الأخيرة وفق التقرير العالمي للمساواة بين الجنسين.

وذكرت أن هذا الأخير الذي يقيم الـ 156 بلداً وفقاً لكيفية توزيع الموارد وتكافؤ الفرص بين الجنسين صنف تونس في المرتبة 126 وفيما يتعلق بالمشاركة والفرص الاقتصادية صنفت في المرتبة 144، لافتةً إلى أنه بالنسبة للحقوق السياسية فقد تم التراجع عن مكتسبات المرأة من خلال التخلي على مبدأ التناصف في القائمات الانتخابية.

وأوضحت أن "جاء قرار تأسيس جبهة المساواة وحقوق النساء لنكون جزءاً من التفكير النقدي الشامل حيث تجمعنا حول مقاربة نسوية للقضايا التي تمسنا من أجل فهم أوجه عدم المساواة والتحديات المتعلقة بالسلطة وتعزيز الدفاع عن حقوق النساء".

وسيتم المناقشة على المحاور المقترحة مثل الحق في الحصول على عمل دون تمييز، القضاء على البطالة، الحماية الاجتماعية، العنف والتحرش الجنسي في مكان العمل، الوصول إلى مراكز صنع القرار: تأنيث وظائف الإدارة، تحسين ظروف العمل ونظام الحماية الاجتماعية، بحسب ما أكدته نجاة الزموري.

ووفقاً لبيان الجبهة، أنها تسعى إلى خلق ودعم الروابط بين الجمعيات وعضوات الجبهة المدافعات عن حقوق النساء من خلال تطوير الثقافة النسوية والتربية على المساواة، تطوير العلاقات بين الأجيال وضمان الانتقال وتمرير القيم والمبادئ، الانفتاح على الجمعيات النسوية الحديثة وعلى الشابات والشبان في الجهات وفي الأحياء المهمشة، تقاسم التجارب الجيدة بين الجمعيات الأعضاء في الجبهة.

كما تهدف إلى توسيع ديناميكية الجبهة من خلال تطوير التعاون بين الجمعيات، وتوسيع الفضاء المدني للمدافعات عن الحق في المساواة وللحركات النسوية، مضاعفة الاتصال ونشر المعلومات حول حقوق النساء، وحماية وتوسيع المكتسبات عبر دعوة السلطات العمومية من خلال أنشطة مناصرة متفق حولها من أجل التأثير على الأجندة السياسية، والنضال ضد كافة أشكال التمييز الجنسي وتفكيك الصور النمطية، والنضال ضد اللامساواة والفقر وهشاشة النساء.

كما تسعى إلى تدعيم الحركات النسوية والحركات من أجل حقوق النساء عبر تطوير أنشطة التضامن والتعاون الإقليمي (أفريقيا جنوب الصحراء، المغرب العربي، الشرق الأوسط وشمال إفريقيا)، والمتوسطي والدولي.

والجدير بالذكر أن الجبهة تتكون من الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، جمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية، جمعية مجموعة توحيدة بالشيخ، جمعية رؤية حرة، النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، الرابطة التونسية للدفاع على حقوق الانسان، جمعية أصوات نساء، الجمعية التونسية لمناهضة التعذيب، الائتلاف التونسي ضد عقوبة الإعدام، جمعية متطوعون، جمعية رائدات المرأة الريفية، جمعية النساء من أجل المواطنة والتنمية، جمعية تيقار، جمعية أم الزين، جمعية الكرامة تونس، جمعية النساء أولاً، درة محفوظ ، علياء شماري، نجاة عرعاري.