تونس... مائدة مستديرة تسلط الضوء على أوضاع العاملات

نظمت الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، مائدة مستديرة، لتسليط الضوء على أوضاع النساء في مواجهة التهميش والفقر والحقوق المسلوبة.

نزيهة بوسعيدي

تونس ـ أكدت المشاركات في المائدة المستديرة، أن النساء تحرمن من حقوقهن في الدارسة، وتتعرضن للتهميش والعنف في مجال عملهن وتلزمن الصمت، في ظل غياب الإدارة السياسية اللازمة.

شارك في عقد المائدة المستديرة أمس الجمعة 18 كانون الثاني/يناير، كل من جمعية بيتي والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية وجمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية، وتمت مناقشة مجموعة من المواضيع من بينها عمل النساء في القطاع الفلاحي بين الواقع والقوانين، والهشاشة واللامساواة، بين النساء والرجال في عالم العمل وجملة من القضايا التي تهدد النساء بشكل مباشر، وتم طرح تساؤلات حول السياسات العامة التي يمكن وضعها والمبادرات المدنية والمواطنية التي يمكن القيام بها من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية والنسوية.

وقالت النقابية والناشطة النسوية بختة جمور "في الحقيقة نتكلم اليوم عن النساء اللواتي بالرغم من أنهن حتى في المناطق التي تعاني من الفقر والتهميش تشجعن بناتهن على التعليم والحصول على الشهادة العليا، لكنهن تواجهن شبح البطالة بعد التخرج، مشيرةً إلى أنه بالرغم من كل القوانين الموجودة، لا تقوم الحكومة بواجباتها تجاه النساء لذا تكون المرأة هي التي تعاني من الجهود المضاعفة بين العمل والأعمال المنزلية وتربية الأبناء، بتحمل مسؤولية أي خلل يحدث في العائلة أو فشل أحد الأبناء.

وأكدت أنه من أسباب تهميش سيطرة العقلية الذكورية الأبوية في المجتمع التي تحول دون حصول المرأة على نفس الامتيازات كالرجل في العديد من المجالات هي اختلاف في مستوى الصفة التي تحملها في بطاقة الهوية "أزداد التهميش خلال السنوات الاخيرة بسبب الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد، لعدم وجود تطور في العقليات ولا زالت النظرة الدونية تلازم النساء".

 

 

ومن جانبها أوضحت الناشطة في جمعية النساء الديمقراطيات آمال الدخيلي أنها قدمت خلال المائدة المستديرة مداخلة حول علاقة تهميش النساء بالأمية، لافتةً إلى أن الحكومة قدمت إحصائية رسمية تفيد بأن 25% من النساء في تونس أميات.

واعتبرت أن هذه الأرقام المفزعة الموجودة في تونس التي ناضلت من أجل التعليم، فضلاً عن ترسانة القوانين الموجودة، لأنه يوجد هشاشة اقتصادية بالجهة، ولأن النساء هن الحلقة الأضعف إذ يواصل الذكر التعليم لأنه يحمل اسم العائلة وتنقطع الفتاة عن التعليم لتقوم بالأعمال الفلاحية أو لتعمل كمعينة منزلية وتتحول إلى مورد رزق للعائلة إلى فتاة تتعرض لجميع أشكال العنف الاجتماعي والاقتصادي والجنسي.

وشددت على أنه عند الحديث عن الهشاشة يجب العودة إلى عوامل التسرب المدرسي وإلى نقطة الأساس المتمثلة في التعليم، مشيرةً إلى أن معالجتها تبدأ بمعالجة تلك الظاهرة والحد من الأمية في صفوف النساء .

 

 

وقالت الصحفية والباحثة في مجال العلوم السياسية هيفاء ذويب "قمت بصفتي كباحثة بجمعية النساء الديمقراطيات بتحليل بيانات لملفات العنف الاقتصادي التي تلقتها الجمعية بفرعيها بتونس وصفاقس، حيث صنعنا أكثر من 35 ملفاً تلقتهم الجمعية لفهم الظاهرة"، منوهةً إلى أنه من أهم ما تم التوصل إليه في هذه المحاولة البحثية هي أهمية العمل على التعريف بالعنف الاقتصادي، حيث أن 70 % من النساء الضحايا مستواهن جامعي، وأكثر من 92 % من العاملات.

وأوضحت أن دراسة الحالات أدت إلى استنتاج أن من تقدمن بالملفات لسن الوحيدات بل هن فقط من تمكن من التبليغ، مضيفةً أن هذه الملاحظات تقاطعت مع 42% ممن تتراجعن عن التبليغ بعد المرحلة الأولى.

وأشارت إلى أن "ما اكتشفنه كذلك هو أن ضحايا العنف الاقتصادي تحديداً ليس لديهن الإمكانيات للتقاضي أي أنهن تعشن هشاشة في العمل مع خدمات غير متوفرة وتمرن عبر مؤسسات عديدة لتحصلن على حقهن فتخترن التخلي عنه، كما حللنا خلال المحور الثاني آثر العنف الاقتصادي على النساء خاصة على الاستقلالية المالية لهن، فالتي تحرم من الميراث أو من التحكم في الأجر أو العمل دون تغطية صحية من المؤكد أنها ليس لديها أي مورد من الموارد".

وأضافت أن المحور الثاني تناول الأثر النفسي لهذا النوع من العنف التي تصل حدّ الاكتئاب، وتطرق المحور الثالث إلى الجانب القانوني، حيث هناك قوانين توجب مراجعتها "من غير المنطقي أن نأكل من أيادي نساء اللاتي تعشن مهمشات بامتياز".

 

 

وقالت عضوة بالجماعة العامة للفلاحة سهير السديري "نحن من أكثر القطاعات المعرضة للتهميش واللامساواة الاجتماعية، واليوم سوف أتناول الموضوع من خلال العاملات في القطاع الفلاحي اللواتي ترزحن بين التهميش والفقر والحقوق المسلوبة رغم دورهن في إنتاج الثروة".

وذكرت أنهن خارج اهتمام الحكومة حيث تعيش أكثر من مليون و700 الف امرأة وفتاة في الأرياف، واللاتي تشكلن 32% من مجمل النساء في تونس كما يمثلن 62% بالمائة من اليد العاملة في القطاع الفلاحي، وأنه رغم ذلك فهن تتعرضن إلى العنف الاقتصادي والعنف الاجتماعي والعنف الجنسي، وعدم المساواة في الأجور بين المرأة والرجل رغم قيامهن بنفس العمل ونفس الجهود.

ولفتت إلى أن 98% من النساء يتقاضين دون الأجر المضمون باعتبار خصم معلوم النقل، وأن عدد ساعات عملهن 9 مقارنة في 8 ساعات في القطاع الصناعي "لا أدري لماذا رغم أن عاملات الفلاحة يعملن تحت المطر وحر الشمس ويواجهن التغيرات المناخية والتطرف المناخي"، مضيفةً أن الفلاح لا يعوضهن ساعات العمل الإضافية، ولا يعطيهن إلا 12 يوماً كراحة سنوية، رغم أن العامل بالقطاع الصناعي يأخذ راحة سنوية لمدة شهر كامل.

وأكدت أن الفلاحات تعشن ظروف نقل لا إنسانية وأنها لاحظت في إحدى المسالك الفلاحية بمنطقة ريفية بمحافظة جندوبة نساء تمتطين شاحنات وقوفاً وتضعن على رؤوسهن أكياساً بلاستيكية للحماية من الأمطار تحت درجة حرارة تتراوح بين 3ـ 5 درجات.

وقالت إنه عار على الدولة أن تكون المرأة التونسية في عام 2025 بمثل هذه الوضعية، مشيرةً إلى أنهن تتعرضن للعنف الجنسي من طرف المؤجر والناقل والزميل في العمل الفلاحي وتلزمن الصمت، في ظل غياب الإدارة السياسية اللازمة لتفعيل القانون عدد 51 لعام 2019 المتعلق بتنظيم النقل البري.