تعتيم رسمي لجرائم قتل النساء في إقليم كردستان... أزمة تتفاقم بصمت
تتصاعد جرائم قتل النساء في إقليم كردستان وسط تعتيم رسمي متعمد ومنع نشر الإحصاءات، ما يعكس أزمة بنيوية في الثقافة الذكورية وتواطؤ مؤسساتي يعيق العدالة. واستمرار هذه الجرائم يتطلب القضاء على العقلية الأبوية وبناء منظومة تحترم حقوق المرأة وتحميها.
هيرو علي
مركز الأخبار ـ لأكثر من أربع سنوات، امتنعت الجهات المعنية في ملف العنف ضد النساء، وخاصة جرائم القتل، عن نشر الإحصاءات الرسمية المتعلقة بهذه الظاهرة، رغم تصاعدها المقلق. إذ تُمنع هذه البيانات من الوصول إلى وسائل الإعلام، في محاولة واضحة لمنع المجتمع من مناقشة القضية، ووضع استراتيجيات فعالة للحد منها أو القضاء عليها.
التعتيم في ملف العنف ضد النساء، خاصة جرائم القتل لا يهدف إلى معالجة الظاهرة، بل يُعد محاولة ممنهجة لطمس القضية وإطالة أمدها داخل المجتمع. وفي خطوة تعكس هذا التوجه، أصدرت وزارة العدل بإقليم كردستان في 24 آذار/مارس الماضي قراراً يقضي بمنع نشر تقارير جرائم القتل في وسائل الإعلام.
يُعدّ قتل النساء من أخطر انتهاكات حقوق الإنسان، ويُنظر إليه في إقليم كردستان كأزمة متجذرة في الثقافة التقليدية والعقلية الذكورية. ففي كثير من الحالات، تُرتكب هذه الجرائم على يد الأب أو الأخ أو الزوج، تحت ذريعة "الشرف"، بينما تكون دوافعها الحقيقية مرتبطة بقرارات شخصية اتخذتها المرأة، مثل اختيار الشريك، الانفصال، أسلوب اللباس، أو طبيعة العلاقات الاجتماعية.
هذه الجرائم لا تنبع من دوافع فردية فحسب، بل تعكس بنية اجتماعية قائمة على التمييز، حيث تُستخدم مفاهيم الشرف لتبرير العنف، وتُسلب النساء حقهن في اتخاذ قراراتهن بحرية. إن استمرار هذه الظاهرة يشير إلى الحاجة الملحة لتفكيك العقلية الذكورية السائدة، وبناء ثقافة تحترم كرامة المرأة وتضمن حقها في الحياة الآمنة والمستقلة.
وفقاً للإحصائيات التي جمعتها وكالتنا، فقد شهدت الفترة الممتدة من تشرين الثاني/نوفمبر 2024 حتى تشرين الثاني/نوفمبر 2025 مقتل 42 امرأة، ووفاة 19 امرأة في ظروف غامضة، إضافة إلى خمس محاولات قتل، وحالة انتحار واحدة وقعت تحت الإكراه.
ففي 7 تشرين الثاني/نوفمبر 2024، أطلق شاب النار على ثلاث شقيقات في مدينة كركوك، ما أدى إلى مقتل إحداهن تبلغ من العمر 15 عاماً، وإصابة الأخريات بجروح، وتتراوح أعمارهن بين 10 و20 عاماً، وقد تم اعتقال الجاني لاحقاً.
في 12 تشرين الثاني/نوفمبر 2024، غرقت فتاة تُدعى لافا صدر الدين، تبلغ من العمر 16 عاماً، في نهر الزاب الصغير في ظروف غامضة، وعُثر على جثتها بعد يوم، وبعد يومين أقدم شاب في شارع بكرجو بمدينة السليمانية على قتل شقيقتيه عمداً، المولودتين عامي 2002 و2005.
في 8 كانون أول/ديسمبر 2024، عُثر على جثة امرأة وهي أم لثلاثة أطفال في بلدة حاجياوا، ونُقلت إلى الطب الشرطي في رانيا، حيث أكدت شرطة رابرين مقتلها.
في 4 كانون الثاني/يناير الماضي، أنهت طالبة في الصف العاشر من مدرسة رازي للبنات في السليمانية، وتبلغ من العمر 16 عاماً، حياتها باستخدام سلاح والدها، وبعد أسبوع قُتلت امرأة على يد شقيقها في مدينة دهوك (أربيل)، في 15 من الشهر ذاته قُتلت امرأة تُدعى ت. ج، من سكان حي علي سافرا بناحية بنجوين، على يد زوجها بطريقة وحشية، حيث تم تشويه جثتها ونقلها لاحقاً إلى شرق كردستان، قبل أن يُلقى القبض عليه، وفي اليوم التالي قُتلت امرأة في العقد الثالث من عمرها في شارع الموظفين بمدينة دهوك على يد شقيقها باستخدام سكين، وبعد فترة سلّم الجاني نفسه للسلطات الأمنية.
في ليلة 31 كانون الثاني/يناير الماضي، عُثر على جثة امرأة مقتولة في أحد المجمعات السكنية قرب شارع كردسات بمدينة السليمانية.
في ليلة 2 شباط/فبراير الماضي، عُثر على جثة امرأة تبلغ من العمر 24 عاماً قرب مسجد الرحمن في حي كاني كردي بالسليمانية، وقد وُجدت آثار رصاص على جسدها، وتم اعتقال القاتل لاحقاً، وفي اليوم التالي، قُتلت شابة من مواليد 1991 على يد خالها في حي رزكاري بمدينة جمجمال، وتم اعتقال الجاني.
في مساء 22 شباط/فبراير الماضي، عُثر على جثة امرأة تبلغ من العمر 29 عاماً من سكان أربيل في النهر الكبير على الجسر بين خبات وكلكة، وقد فارقت الحياة في ظروف غامضة، بعد خمسة أيام، قُتلت امرأة في ناحية في بلدة بنصلاوة بأربيل، على يد زوجها بسبع رصاصات.
وفي 4 آذار/مارس، توفيت معلمة تدعى آوات محمد كريم من برادوست بعد إصابتها بحروق شديدة.
وفي 13 آذار/مارس الماضي، عُثر على جثة امرأة في النهر الكبير بقرية زنكال، وكانت مربوطة بأسلاك وغارقة في الماء، وفي ذات اليوم، أقدم طبيب من أربيل على قتل زوجته، وشقيقتها، ووالدتها بإطلاق النار، وتم اعتقاله، وبعد ستة أيام، أقدم ب. ش، من قرية كريزي التابعة لقضاء سيد صادق، على قتل خمسة من أفراد عائلته، بينهم ثلاث نساء.
في 2 نيسان/أبريل الماضي، توفيت الشابة زیار محمد (25 عاماً) من سید صادق في منزلها في ظروف غامضة. وبعد يومين، قُتلت فتاة (21 عاماً) في مخمور على يد شقيقها. وبعد يومين أيضاً، قُتلت امرأة (24 عاماً) من ڕوفیان على يد زوجها.
وفي التاسع من الشهر ذاته، عُثر على جثة امرأة تُدعى "ش. ن. م" في شارع سراي بحلبجة، وقد أُصيبت بطلق ناري، وبعد أسبوعين، توفيت الشابة آشنا فرهاد من سوران بأربيل بعد يومين من دخولها مستشفى الحروق، في ظروف غامضة.
وفي 3 أيار/مايو الماضي، أقدم شاب يبلغ 18 عاماً في أربيل على قتل شقيقته ذات الـ 17 عاماً بـ 11 رصاصة، وتم اعتقاله، وفي 20 من الشهر ذاته، تعرضت امرأة 29 عاماً لمحاولة قتل في مدينة دهوك، وبعد ثلاث أيام، قُتلت شابة تبلغ من العمر 22 عاماً في قرية بيراشي بمحافظة أربيل على يد شقيقها.
وفي 28 أيار/مايو، عُثر على جثة الشابة خرمان شمس الدين في أربيل، وقد فارقت الحياة في ظروف غامضة، وبعد ثلاث أيام، أطلق رجل النار داخل منزل في حي قندیل بناحية تشاورقورنه، ما أدى إلى مقتل امرأة ذات الـ 40 عاماً، وهي والدة زوجته، في اليوم نفسه، قُتلت امرأة أمام مشروع "دريم سيتي" في أربيل على يد مسلح بـ 10 رصاصات.
وفي 2 حزيران/يونيو الماضي، توفيت الطالبة سارا فریدون طالبة، في شارع بنصلاوة بأربيل، في ظروف غامضة. وبعد أربع أيام، قُتلت شابة تبلغ من العمر 26 عاماً، تُدعى "ن.أ.ع" في مركز إدارة زاخو على يد زوجها بإطلاق النار.
وفي 22 من الشهر ذات، توفيت الطالبة أشنا خسرو من إدارة سوران بأربيل، بعد تعرضها لحروق شديدة في حادثة غامضة.
وفي 3 تموز/يوليو الماضي، أنهت امرأة تُدعى "هـ. ر" حياتها في قضاء تشاوارقورنه في ظروف غير واضحة، وبعد يومين، توفيت مريم سيرافدل في العقد الرابع من عمرها، على سطح منزلها في حادثة غامضة.
وفي 12 من الشهر ذاته، قُتلت فريشتا سعدي على يد زوجها بعد تعذيبها وإطلاق أكثر من 9 رصاصات عليها، وتم التخلص من جثتها في منطقة شاويس بأربيل، وبعد يومين، توفيت امرأة تُدعى "ز. ع" (66 عاماً) في قضاء رزكاري بكلار في ظروف غامضة.
وفي 2 آب/أغسطس، قُتلت امرأة (45 عاماً) أمام منزلها في حي شيخاني بالسليمانية على يد شقيقها، وتم اعتقاله، وبعد ثلاث أيام، توفيت امرأة من بيري مارغا في ظروف غامضة بمنطقة مامند آوا التابعة لقضاء دوكان بمحافظة السليمانية.
وفي السابع من الشهر ذاته، عُثر على جثة أستاذة جامعية متقاعدة تُدعى كيزنج كامل مجيد، من مواليد 1954، في الحي 99 بجامعة أربيل، وفي اليوم التالي، عُثر على جثة شابة (25 عامًا) في منزلها في ناحية تشاوارقورنة التابعة لإدارة رابرين.
وفي 11 آب/أغسطس الماضي أيضاً، هاجم رجل منزل والد زوجته بمسدس، وقتل زوجته، ثم حاول الانتحار، وبعد أسبوع، عُثر على جثة امرأة (72 عاماً) في زاخو وقد توفيت في ظروف غامضة، وفي اليوم نفسه، عُثر على جثة موظفة من مواليد 1988 داخل منزل في شارع رزكاري بالسليمانية بعد اختفائها لعشرة أيام، وفي 27 من الشهر ذاته، قُتلت امرأة تبلغ من العمر 25 عاماً برصاص زوجها في حي رابرين بالسليمانية.
وفي 5 سبتمبر/أيلول الماضي، قُتلت امرأة تُدعى تشاوان حسن على يد زوجها في بلدة دربنديخان بمحافظة السليمانية، وفي اليوم التالي، عُثر على جثتي أم وابنتها ج. ف. س، 54 عاماً، ح. ح. أ، 17 عاماً، في منزلهما بمحافظة حلبجة.
وفي 8 من الشهر ذاته، توفيت امرأة تبلغ من العمر 21 عاماً متأثرة بإصاباتها الخطيرة في شجار بالسكاكين في بلدة كفري.
وفي 25 أيلول/سبتمبر، توفيت امرأة تُدعى إيفين صالح متأثرة بحروق في ناحية رانية، وفي اليوم التالي، قُتلت امرأة تبلغ من العمر 23 عاماً برصاص شقيقها الذي أطلق عليها 14 رصاصة في كركوك. وفي اليوم التالي، عُثر على جثة امرأة مقتولة في منزلها بحي قرغا في السليمانية.
وفي 7 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، قُتلت امرأة على يد زوجها في حي كاريزوشكي بالسليمانية، وبعد ستة أيام، عُثر على جثة امرأة تبلغ من العمر 41 عاماً غارقة في منزلها بحي مامايارا بمحافظة السليمانية.
في 15 تشرين الأول/أكتوبر، قُتلت امرأة (32 عاماً) رمياً بالرصاص داخل منزلها في حي عدن بمحافظة كركوك، وبعد أسبوع، قُتلت امرأة (46 عاماً) على يد زوجها في حي دوميزي بمحافظة كركوك.
وفي 5 تشرين الثاني/نوفمبر، سقطت امرأة (55 عاماً) من الطابق 25 في ظروف غامضة، وفقدت حياتها على إثرها.
لم تنشر أي إحصائيات رسمية عن جرائم قتل النساء والعنف ضد المرأة منذ عام 2022، بينما كان يتم الإعلان عنها سابقاً في نهاية كل عام، لأن رئيس الوزراء مسرور بارزاني منذ بداية الحكومة التاسعة في عام 2019 بذل قصارى جهده لمنع انتشار الإحصائيات.
إخفاء إحصائيات جرائم قتل النساء لم يؤثر على انخفاض جرائم قتلهن ولا يُنظر إليه إلا على أنه انتكاسة واسعة في قضايا المرأة. بشكل عام، أدى ذلك إلى قتل النساء بسبب العقلية الأبوية وإيواء القتلة من قبل السلطات وانعدام سيادة القانون والتدخل في عمل المحاكم وعدم التوصل إلى نتيجة في قضايا النساء.