تنسيقية نسائية تطالب بقانون أسري يناهض التمييز والحيف

تأمل الحركات النسائية المغربية، أن يتم إقرار قانون أسري حداثي عصري يضمن الحقوق الكاملة على أساس المساواة بين الجنسين، ويقطع مع كل الإشكاليات التمييزية.

حنان حارت

المغرب ـ تحت شعار "مدونة الأسرة: أي تغيير ننتظر؟"، نظمت التنسيقية النسائية للتغيير الشامل والعميق لمدونة الأسرة، أمس الثلاثاء 8 تشرين الأول/أكتوبر مائدة مستديرة في العاصمة الرباط، للتأكيد على مطالب الحركات النسائية فيما يتعلق بالتعديلات المرتقبة في مدونة الأسرة المغربية.

سلطت الناشطات الحقوقيات خلال المائدة المستديرة، الضوء على معالجة التحديات التي أفرزها التطبيق العملي للمدونة منذ إقرارها في عام 2004، خاصة فيما يتعلق بحقوق المرأة والطفل والمساواة بين الجنسين، وإلغاء كل البنود التي تتناقض مع مبدأ المساواة، مع التركيز على تعزيز الدور الاجتماعي والقانوني للمرأة داخل الأسرة.

وشددت المشاركات على أهمية الاعتراف بالتدبير المالي للنساء داخل البيت، على اعتبار أن المرأة اليوم تساهم بشكل كبير في الاقتصاد الأسري، سواء من خلال العمل خارج المنزل أو إدارة الموارد المالية بشكل فعال، وأكدن على أن المدونة الجديدة يجب أن تعكس هذا الواقع وتعطي للنساء مكانتهن القانونية التي تستحقها.

وعلى هامش المائدة المستديرة، قالت رئيسة فدرالية رابطة حقوق النساء سميرة موحيا وهي عضوة التنسيقية النسائية للتغيير الشامل والعميق لمدونة الأسرة، إن تنظيم المائدة المستديرة جاء في خضم النقاش المطروح والمتعلق بورش تعديل مدونة الأسرة المغربية.

وأكدت على أن مطالب الحركات النسائية تؤكد على ضرورة إعادة النظر في عدة نقاط "الواقع يفرض علينا اليوم أن يكون لدينا قانون أسري مبني على المساواة والعدل ويأخذ بعين الاعتبار المصلحة الفضلى للأطفال ويقطع مع المفاهيم التي تؤسس للسلطة الذكورية والقوامة الغير مبنية على قاعدة المسؤولية المشتركة".

وشددت على ضرورة إخراج قانون يضمن حقوق النساء والأطفال والرجال، بصياغة قانونية وحقوقية واضحة تضمن كرامة النساء والأطفال، وتضمن الولوج للحقوق الإنسانية للنساء الواردة في الفصل 19 من الدستور المغربي وعلى رأسها الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.

وترى أن منظومة المواريث الحالية مبنية على التمييز بسبب الجنس والعقيدة وتحرم الكثير من النساء من الإرث، داعية في هذا الصدد إلى ضرورة مراجعتها، وضرورة تبني اجتهاد فقهي متنور يأخذ بعين الاعتبار مبدأ المساواة في الإرث والعدل والمصلحة الفضلى للطفل حتى لا تظل منظومة الإرث تحمل أي تمييز بسبب الجنس والعقيدة.

وأكدت على إلغاء التعصب والمساواة في توزيع الثروة بين الأقارب من نفس الدرجة، وتجريم الحرمان من الإرث. مطالبة بعدم إدخال بيت الزوجية في التركة وأن تبقى للزوجة أو الزوج الذي يبقى على قيد الحياة رفقة الأطفال "مطلب الحركات النسائية هو وجود قانون أسري يساير الواقع وفي نفس الوقت يكون رافعة لتغيير العقليات والتربية على المساواة".

 

 

وبدورها قالت المحامية عائشة الحيان رئيسة اتحاد العمل النسائي ومنسقة التنسيقية النسائية من أجل تغيير شامل وعميق لمدونة الأسرة، إن الهدف من تنظيم المائدة المستديرة هو التأكيد على التغييرات التي تنادي بها الحركات النسائية فيما يتعلق بمدونة الأسرة، مشيرة إلى أن المطالب تهم كل مقتضيات مدونة الأسرة من أول فصل إلى آخر فصل فيها "المدونة الجديدة التي تنتظرها النساء المغربيات يجب أن تكون حاملة للمساواة والعدل والإنصاف في كل مراحل حياة المرأة".

وأوضحت أن المدونة الحالية تمثل عائقاً أمام النساء لولوج مجموعة من الحقوق سواء الاقتصادية أو السياسة والاجتماعية "إذا لم يكن هناك قرار إيجابي وجدي للتغيير من أجل تغيير القانون وإعادة بناء نص أسري جديد يتلاءم مع ما يفرضه واقع النساء المغربيات وكذلك التحديات المطروحة على المغرب سواء وطنياً أو دولياً فستبقى مظاهر التمييز متجلية في المجتمع المغربي".

وأكدت أن المدونة الجديدة يجب أن تستجيب للاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي صادق عليها المغرب "آن الأوان لاتخاذ قرار شمولي لإنصاف النساء، لأن كل مظاهر التمييز الموجودة في المدونة الحالية هي من العوائق التي تقف حائلاً أمام النساء وعدم تحقيق المساواة وعدم تمتعهن بالحقوق الإنسانية المكفولة لهن بمقتضى الدستور المغربي والاتفاقيات الدولية".

وبينت أنه بعد دستور 2011 أصبح مفروضاً في كل القوانين أن تتلاءم مع الواقع ومحاربة كل أشكال التمييز، وخاصة الفصل 19 وما ينص عليه من مساواة ومناصفة، لافتة إلى ضرورة ملاءمة النصوص القانونية الوطنية مع الاتفاقيات الدولية.

وعبرت عن أملها في أن تستجيب المدونة المنتظرة ليس فقط لمطالب الحركات النسائية وإنما لكل المواطنات والمواطنين من أجل تحقيق العدل والإنصاف والمساواة الشاملة في المجتمع المغربي.

يذكر أن المغرب منذ استقلاله عام 1956 شهد محطتين أساسيتين في تطور موضوع الأسرة والقوانين الناظمة لشؤونها، ففي سنة 1958 تم إقرار "قانون الأحوال الشخصية"، وعام 2004 تم تغيير هذا القانون وأطلق عليه اسم قانون مدونة الأسرة، وبعد 20 عاماً نظمت المغرب ورشاً جديدة لتعديل هذا القانون الذي ينتظر الإفصاح عنه في الأسابيع المقبلة.