'تمكين التونسيات في الوسط الريفي حق قانوني وشرعي'

تعمل جمعية دعم المبادرات في القطاع الفلاحي، منذ سنوات على أهمية تمليك التونسيات للأرض الفلاحية لاسيما في الوسط الريفي، حيث تعمل أغلبهن بها بأجر زهيد ولا تستطعن امتلاكها.

 

زهور المشرقي

تونس ـ أكدت رئيسة جمعية دعم المبادرات في القطاع الفلاحي سلوى كنو السبيعي، أن الهدف الأساسي لعمل الجمعية هو دعم وصول النساء خاصة في الوسط الريفي للحصول على حقهن في ملكية الأراضي، معتبرةً أن هذه المهمة واجب أن تتشارك فيه الجمعيات والدولة لضمان وصولها للنساء.

قدمت جمعية دعم المبادرات في القطاع الفلاحي في ندوة صحفية أمس الثلاثاء 22 تشرين الأول/أكتوبر، مشروعها الذي عملت من أجل تحقيقه لسنوات، ويتمثل في تكوين 30 امرأة لتكن وسيطات بين النساء في الوسط الريفي وأسرهن لامتلاك الأرض.

وأطلقت جمعية دعم المبادرات في القطاع الفلاحي، العمل على أحد توصيات الدراسة التي قامت بها منذ عام 2020 تحت عنوان "من أجل ضمان حق النساء في الوصول إلى الإرث في الوسط الريفي" وهي اعتماد "الوساطة" لتمكين النساء من الحصول على الأرض وعلى أرثهن دون اللجوء إلى القضاء وجاء فيها "التشجيع على استعمال الوساطة، على أن يتولاها كل من يؤمن بحقوق النساء في الإرث رجالاً كانوا أو نساء، حفاظاً على العلاقات العائلية، وسرعة إيصال الحقوق إلى أصحابها، وتفادياً لطول إجراءات التقاضي".

وقامت الجمعية بتوفير دورات تكوينية لنحو 30 امرأة في "الوساطة" من أجل مساعدة النساء للوصول إلى إرثهن أو إلى ملكية الأرض دون اللجوء للتقاضي وأشرفت الوسيطات منذ بداية عام 2024 وإلى غاية الآن على 12 ورشة عمل استهدفت الواحدة بين الـ 15 ـ 25 امرأة معنية بمسألة ملكية المرأة للأرض.

ويعتبر الهدف الأساسي من عمل الوسيطات وورشات العمل تغيير العقلية وجعل النساء مالكات للأراضي ودفعهن نحو الاستثمار في القطاع الفلاحي، وإنجاح تجربة أو أكثر في مناطق التدخل بما يجعل منها عنصر إشعاع في منطقتها يحفز النساء على مجاراتها.

كما مكنت الورشات التي تم تنظيمها من تعرية، حجم معاناة النساء من الخصاصة والفقر جراء حرمانهن من الولوج للإرث والأرض، وشملت هذه الورشات مناطق سيدي بوزيد قفصة وقبلي والقصرين ولاية سوسة والقيروان وبنزرت ونابل وباجة، وكانت فرصة لاكتساب النساء ثقة أكثر في أنفسهن، ولتبادل التجارب الناجحة فيما بينهن، ولتحفيزهن على المطالبة بالأرض والوصول إلى أرثهن والانتفاع بالمنح والقروض التي تمكنهن من الاستثمار في القطاع الفلاحي وتمكنهن من تحسين وضعهن المادي ووضع عائلتها المصغرة وحتى الواسعة.

وبعد الندوة تم تقديم فيلم وهو عبارة عن لمحة لمشكلة ولوج النساء إلى ملكية الأرض، كما تم عرض مجموعة من الرسائل تعكس وتصور أهمية وصول النساء لملكية الأرض والدور الذي يمكن أن يكون له دخل لعائلتها بفضل الاستثمار فيها.

وقالت رئيسة جمعية دعم المبادرات في القطاع الفلاحي سلوى كنو السبيعي، إن هناك وعي من الجنسين في الوسط الريفي فيما يتعلق بملكية الأرض من طرف النساء وفهم قدرتهن على الاستفادة منها للإنتاج الفلاحي عبر مشاريع متنوعة، معتبرةً أنه برغم هذا الوعي النسبي لازال الطريق معبّداً حين توجد حالة عادية لتوريث المرأة بعد وفاة الوالدين لتكون قسمة عادلة بين الجنسين بعيداً عن التتبعات القضائية.

وأكدت أنه من حق النساء أن تملكن الأرض الفلاحية لخدمتهن وأن تتمتعن بقطعة أرض صالحة للزراعة وبها مقومات افتتاح مشروع فلاحي من توفر المياه وغيره من الأساسيات، لافتة الى أن الجمعية وشركائها يعملون من أجل هذه الحقوق عبر تغيير العقليات والسلوكيات لتصبح مؤمنة بأهمية تمكين النساء في الوسط الريفي والحصول على حقهن في ملكية الأرض.

وأشارت إلى ضرورة العمل على توعية النساء لكسر حاجز الخوف والمطالبة بحقوقهن القانونية والشرعية، مؤكدةً إن النساء تمثلن نسبة 5% فقط من مجموع رؤساء المستغلات الفلاحية، وأن النساء الفلاحات تملكن أقل من 8% من جملة الأراضي الفلاحية، والأمر عميق الصلة بمسألة الميراث، فنسبة النساء المقصيات تماماً من الإرث في الأراضي الفلاحية أو المتنازلات عن منابتهن لفائدة الورثة الذكور تمثل نسبة 58% وعلى الرغم من عمل النساء في الممتلكات العائلية، وممارستهن للنشاط الفلاحي إما كأجيرات أو كُمعينات، ومساهمتهن الاساسية في تحقيق الأمن الغذائي، وتوفير الغذاء على المستوى الأسري والوطني، فإن نحو 22 % من النساء الريفيات تواجهن الجوع وسوء التغذية.

ولإقناع الأهالي في الأرياف بأهمية تمكين بناتهن من الأرث، اعتبرت سلوى كنو السبيعي أن الجمعية كونت30 امرأة في الوساطة لتمكين النساء من الحصول على الأرض دون اللجوء إلى القضاء، ويتولى المشروع المؤمنات بحق النساء في الإرث، مؤكدة أنه مشروع سيشجع الأسر على القسمة العادلة دون قضاء.

وتطرقت إلى أهمية ملكية الأرض للنساء لتتمكّن من التمتع بقروض فلاحية وزراعية خاصة وأنها تشترط تملك الأرض كشرط أساسي حتى تتمكن اقتصادياً، مشددةً على ضرورة مشاركة قصص النساء اللواتي تتمتعن بالإرث حتى تكون ملهمة للبقية للمطالبة بحقوقهن، معتبرةً أن هذه المهمة وجب أن تتشارك فيه الجمعيات والدولة لضمان وصولها للنساء.

 

 

بدورها قالت الخبيرة في الاقتصاد الزراعي وعضوة في جمعية دعم المبادرات في القطاع الفلاحي منانة زيتوني، إن المرأة في الوسط الريفي تعترضها العديد من الصعوبات التي لا تمكنها من الوصول إلى حقّها في الأرض، معتبرةً أن التقاضي يتطلب إمكانيات كبيرة ومدة طويلة وهو ما يعطلهن لنيل حقوقهن علاوة على أن النساء في المجتمع الريفي تخجلن من طلب حقهن خوفاً من النظرة المجتمعية والتصرف العائلي الذي قد ينفرها بسبب موقفها.

وتطرقت إلى أهمية إيجاد وساطة من أجل دفع تمكين النساء من ملكية الأرض ما دفع الجمعية إلى تكوين نساء تقمن بهذه المهمة في مختلف الجهات التي ركزت عليها، لافتةً إلى أن الوساطة مهمة بالنسبة للريفيات اللواتي تعملن في الأرض ولا تتمتعن بها "الوسيطة ستكون الرابط بين النساء وأسرهن لإقناعهم بأهمية إعطاء بناتهن حقوقهن وتمليكهن الأرض لتستثمرن فيها".