تمكين النساء على الصعيدين المهني والنقابي... أبرز توصيات ملتقى النقابيات الثاني

أن تسعى في مواجهة دونية مرتبطة بممارسات تمييزية أساسها النوع الاجتماعي كارثة تفوق كل الأزمات التي تعاني منها النساء

أسماء فتحي
القاهرة ـ ، فعليها العمل دائماً على إثبات أن كونها امرأة هذا لا يؤثر على عملها ولا ينتقص من نشاطها ولا يقلل من قدراتها ومهاراتها.
تعمل النساء جاهدات على اللحاق بركب الرجال الذين يعطيهم المجتمع الولاية والسيطرة والسلطة وإن كانوا أقل فيما يمتلكونه من مهارات والكثير منهم لا يدخر جهداً في تضليل المرأة وقهرها وإضعافها للاستحواذ عليها والحيلولة دون نجاحها، صراع من أجل السيطرة يبدأ من الأسرة ويمتد ليطال التمثيل بشكل عام لتصبح تلك التي تشارك في النقاشات والمؤتمرات وتتطلع للانتخابات أو العمل العام أقرب فيما تواجهه من صعوبات إلى من يحفرون في الصخر نظراً لأنهم يقفون عكس الرياح في مواجهة الأفكار النابعة عن عادات وتقاليد راسخة.
 
العمل النقابي وأهم أدواته
أدارت المحامية صباح هاشم، عضو وحدة الدعم القانوني في مؤسسة المحاميات المصريات تدريب حول العمل النقابي وتجارب النقابات المختلفة خلال الملتقى الثاني للنقابيات من أجل تفعيل المشاركة النسائية، وبدأت بتعريف النقابات وحثت المشاركات على الإدلاء بآرائهم حول تعريفاتهم ومفاهيمهم عن القضايا التي يتم طرحها.
وعرفت واحدة من النقابيات العمل النقابي بأنه تقديم للخدمات في الأزمات التي يتعرض لها أبناء النقابة الواحدة وأدرجته أخرى تحت مظلة العمل العام فيما اعتبرت ثالثة أن تشكيله يعتمد على وضع نظام هيكلي بين النقابة العامة والفرعية في المحافظات وأن العملية الانتخابية متشابهة إلى حد كبير في مختلف النقابات وتتم تحت إشراف قضائي، فيما رأت إحدى المشاركات أن التكتلات صاحبة التحكم الأكبر في العملية الانتخابية، ولها تأثير يعيق قدرة النساء في كثير من الأوقات على الوصول للمقاعد الانتخابية.
وعقبت صباح هاشم، في العرض الذي قدمته أنه لا يوجد قانون واحد للنقابات المهنية في مصر وأن لكل منها ضوابط حاكمة وتنظم عمليتها الانتخابية سواء كانت مهندسين أو صحفيين أو محامين فلكل منهم قواعده وضوابطه الانتخابية الخاصة.
واعتبرت أن واحد المفاهيم الخاطئة السائدة تتعلق بكون الرجل يعرف القضايا النقابية ولديه إلمام كامل بها بشكل أكبر وأدق وأن المرأة لا تستطيع فعل ذلك، معتبرةً أن التواجد النقابي والحضور بالقضايا المختلفة والإلمام بالتجارب والخبرات واحد من الأدوات الهامة التي تحتاج النقابيات إلى تعزيزها وأن ذلك أهم إلى حد كبير من القدرة المالية.
 
 النقابيات والقانون والتحديات التي تواجههن
 قالت صباح هاشم، أن الجميع تحت مظلة القانون المصري والدستور، إلا أن هناك مجموعة من التدابير التي تعزز من مشاركة المرأة يتم إغفالها ولا تفعل على أرض الواقع رغم أهميتها ومنها الكوتا التي تشجع النساء وتحفزهم على المشاركة في الانتخابات.
وهناك مجموعة من التحديات التي تواجه النساء وتحول دون مشاركتهن الفعالة في الانتخابات النقابية والتي استعرضتها محامية الاستئناف صباح هاشم وجاء في مقدمتها التكتلات وسيطرة العلاقات على المشهد وإعطائه أهمية على حساب الكفاءة وتأثيره السلبي على موضوعية الاختيار، فضلاً عن قلة عدد النساء اللواتي تشاركن مقارنة بنسبة وجودهن في الجمعيات العمومية المختلفة.
وواحد من أبرز العوائق التي تحول دون قدرة النساء على المشاركة في العملية الانتخابية هو سيطرة رأس المال السياسي على مجريات ومسار العملية الانتخابية، فضلاً عن سيطرة التيارات بالنقابات المختلفة وتأثيرها على المشهد.
وسردت عضو وحدة الدعم القانوني في مؤسسة المحاميات المصريات، صباح هاشم، الأدوات التي تمكن النساء من مواجهة التحديات والتغلب عليها، وجاء في صدارتها البحث من خلال التجارب النقابية في وضع قراءة نقدية لمشاركة المرأة، بالإضافة إلى العمل على إيجاد نقاط تلاقي بين النقابات المختلفة.
واعتبرت صباح هاشم أن هناك مجموعة من الأدوات تتشابك من أجل دعم فاعلية وقدرات المرأة النقابية واحد من أهمها الاستقلالية في إدارة الشؤون النقابية وكذلك الخصوصية، فضلاً عن ضرورة الاندماج مع العمال في مختلف المواقع للتعرف عن قرب على مشاكلهم، كما أن لتنمية وتعزيز المهارات ومواكبة التطور دور هام في تعزيز مشاركة النساء وتمكينهم من مواجهة التحديات المختلفة.
 
انتخبوا المحاميات نموذج انطلقت منه الدعوة لباقي النقابات المهنية
عملت مبادرة المحاميات المصريات من خلال حملتها "المحاميات صانعات القرار" المنبثق عنها شعار "انتخبوا المحاميات" والتي تطورت بعد نجاحها الملحوظ والمثمر على أرض الواقع لمخاطبة النساء في مختلف النقابات المهنية تحت عنوان "انتخبوا النقابيات" والتي لأجلها تنوعت المشاركة في الملتقى الثاني المنعقد على ثلاثة أيام بمحافظة الإسكندرية، وحضره مجموعة متنوعة ممثلة للنقابات المهنية والمبادرات.
ومن ثمار الحملة الناجحة على أرض الواقع فوز عدد من النساء في مقاعد انتخابية ومنهم المحامية بالنقض في نقابة عين شمس الفرعية ولاء علي، وفاطمة الزهراء في النقابة العامة، وهند عبد المعطي في قنا، وعدد من المحاميات اللواتي خضن الانتخابات ورغم عدم تمكنهن من انتزاع المقاعد الانتخابية إلا أنهن نجحن إلى حد كبير في كسر الجمود وحالة القلق حيال ترشح النساء في الانتخابات وخلقن حالة تحترم من المنافسة البناءة.
وتحدثت رئيس مبادرة المحاميات المصريات لحقوق المرأة هبة عادل، عن تفاصيل العمل على حملة "انتخبوا المحاميات"، وقالت إنهم قاموا بدراسة الأسباب التي تحول دون مشاركة النساء "الحملة بحثت عن منهجية مختلفة في العمل على التحفيز من أجل التصويت للنساء، وبحثت الأزمات على أرض الواقع ومشاكله فوجدت غياب للرغبة في التصويت للنساء".
واعتبرت أن وجود النساء في مناخ فاسد يعد في حد ذاته مواجهة للفساد والفاسدين، وهو ما يحتاج لمعركة مبنية على وعي نوعي بالأساس لذلك الحملة عملت على فكرة التمكين الحقيقي لمن لديهم رؤية نقابية وتطلع فضلاً عن كونهم مهنيات ويعلمن جيداً المشاكل الموجودة على أرض الواقع.
وأكدت على أن رسالة المحاميات غير موجهة لقريناتهن فحسب بل هي أيضاً للرجال لأن انتخابهم في المواقع القيادية نتيجته وأثره الإيجابي سيعم على الجميع.
أما عن لجنة المرأة فقد وصفتها هبة عادل في حديثها بـ "الغرفة المظلمة"، وإرساء للتمييز فعلياً، فالنقابيات مهنيات لهن كل الحق في دخول مختلف اللجان سواء كانت سياسات أو حريات أو الثقافة والفكر القانوني، لأن المرأة على نفس درجة الرجل وليست أقل، وعليها أن تكون مشارك له في مختلف الأدوار ولا يكون دورها قاصر على الحديث أو التفاعل مع قضايا النساء فقط.
 
توصيات الملتقى
استمر ملتقى النقابيات لثلاثة أيام تنوعت خلاله سبل التعلم وتبادل الخبرات ومشاركة التجارب النقابية المختلفة في عدد متنوع من المحافظات وهو الأمر الذي ساهم في التعرف على آليات العمل التي تحتاج إليها بعض المحافظات ذات الطبيعة الخاصة وتحديداً تلك التي تتحكم فيها القبلية.
وفي ختام الفعاليات تم وضع مجموعة من التوصيات الناتجة عن تلك المشاركة استعرضتها رئيس مؤسسة مبادرة المحاميات المصريات لحقوق المرأة هبة عادل، وجاء في مقدمتها ضرورة استمرار حملات التوعية لتمكين النساء على الصعيد المهني والنقابي، والعمل على إبراز دور الكوادر النسائية في العمل النقابي من أجل تغيير الصورة السائدة حول الدور القيادي للمرأة.
ويعد عقد لقاءات حول كيفية إدارة الحملات النقابية من منظور واقعي قائم على تحليل البيئة الانتخابية بشكل يراعى النوع الاجتماعي واحد من أهم التوصيات فضلاً عن العمل على توعية الجمعيات العمومية للنقابات المهنية بأهمية التصويت في الانتخابات للوصول الى المشاركة الفعالة والداعمة والصحية، وتخصيص النقابات لبرامج مهنية ونقابية تعزز ثقة المهنيات بأنفسهن وتفتح قنوات اتصال مباشرة معهم.
وأكدت هبة عادل على أن التجارب المتنوعة أضافت إلى الجلسات المنعقدة في الملتقى ثراء كبير نتج عنه مجموعة من الأهداف المرتقبة ومنها العمل على نشر المعلومات النقابية بهدف توعية المرشحات والناخبات والجمعيات العمومية المبنية على وعي نقابي انتخابي، فضلاً عن تقديم دعم لبرامج نقابية مهنية مشتركة تجمع بين أبناء المهنة الواحدة نساء ورجال لدعم تبادل الخبرات وتعزيز التعاون بين الطرفين بنظرة نقابية غير متحيزة لجنس وتراعي النوع الاجتماعي.
وواحد من التوصيات التي نالت استحسان الكثيرات في الملتقى مؤكدين على احتياجهم لها هو العمل على دعم النقابات لبرامج تنمية قدرات المهنيات لتمكينهم من خوض العملية الانتخابية بوعى نقابي مبني على معرفة حديثة وقراءة حقيقية للواقع، إضافة للعمل على تعديل القوانين النقابية بما يكفل مشاركات حقيقية للنساء، وإدماج التدابير الإيجابية لتغيير الواقع غير المنصف للنساء، وتوفير منصات اعلامية محايدة تعمل على تغيير صورة المرأة النمطية ببعض المهن كالمحاماة والهندسة والعمل على القبول المجتمعي لمشاركة حقيقية للنساء مهنياً ونقابياً بكافة المهن.
ولفتت هبة عادل، إلى أنه من الضروري خلق مساحة للتعاون والتشبيك وتبادل الخبرات بين النقابيات والتعرف على قصص النجاح الخاصة بالمرأة في العمل النقابي، فضلاً عن العمل على توعيتهم الخاصة بإدارة الحملات الانتخابية، والعمل أيضاً على رفع الوعي النقابي فيما يخص المشاركة النسائية في صناعة القرار.