ثورة 19 تموز طريق سوريا والعالم للتحول الديمقراطي

لمشاركة المرأة في ثورة 19 تموز مفهوم عميق، الثورة التي عاكست متعقدات الأنظمة الرأسمالية والتوسعية في سبيل تحقيق التحول الديمقراطي وبناء سوريا تعددية لا مركزية قائمة على الاشتراكية.

ساريا دنيز

مركز الأخبار ـ بعد اثني عشر عاماً على انطلاقها، حددت ثورة 19 تموز مسار النضال الاشتراكي وعرفت العالم بثورة المرأة وكان لها انعكاس إيجابي على نضال المرأة العالمي، كما ساهم النضال المشترك فيها على تقوية روح أخوة الشعوب.

 

الثورة والنضال الاشتراكي اليساري

الثورات التي دارت رحاها حول العالم كثيرة منها التي انحرفت عن أهدافها ومسارها ومنها ما كانت بوابة الحرية للشعوب المضطهدة، هذا ما فعلت ثورة 19 تموز/يوليو 2012 بإقليم شمال وشرق سوريا، التي اتبعت نهج النضال الاشتراكي اليساري، بهذه العبارات بدأت عضو المجلس التنفيذي المركزي لحزب MYK نوراي سانجار حديثها، حيث قالت إن "روج آفا هي الجغرافيا التي تم فيها تدمير معتقدات حكومة دمشق القائمة على أنه لا يمكن تغيير أي شيء دون تدخل القوى أو الدول ذات السيادة العظمى، الشعب الكردي، الذي لم يتم قبوله كمواطنين في ظل الحكومة، كان يتعرض لضغوط مستمرة، وليس له هوية".

وأضافت "التقسيم الذي قامت به حكومة دمشق يشمل الكرد والشعوب الأخرى في المنطقة، ويعد العقد الاجتماعي لروج آفا لعام 2014، أحد أكثر الدساتير ديمقراطية في المنطقة، ومع ذلك عملية التحول الديمقراطي للمنطقة لم تنته بعد هناك أسباباً داخلية وخارجية لذلك، على رأسها أنه لم تتوقف الجغرافية السورية عن كونها منطقة إعادة تقاسم للقوى العظمى، كما أن روج آفا عنصراً من عناصر هذه المعارك التشاركية على طاولات المفاوضات ومؤتمرات القمة التي لا يشارك فيها الشعب الكردي".

وتابعت "تعتبر روج آفا متخلفة صناعياً واجتماعياً واقتصادياً وتفتقر إلى العلاقات الطبقية الحديثة، كما أنها منطقة لا تزال سبل عيشها تتعرض للنهب، ولا تزال حدودها مهددة، كما أن الأولويات التي تفرضها بيئة التعبئة الاقتصادية والعسكرية والسياسية هذه ستؤثر على كيفية تقدم المنطقة نحو التحول الديمقراطي".

وعن المسار اليسار للثورة قالت نوراي سانجار "بطبيعة الحال وجود روج آفا لم يؤثر على كل عضو في المجموعة التي تسمى بشكل عام يسارية واشتراكية بنفس الطريقة، ولذلك، لا يوجد موقف يمكننا تحديده كخصائص عامة لمنعكس التكامل المتجانس، بالنسبة للبعض من اليسارية، لا يوجد نظير لإرادة شعبها، فهناك من يفضل رؤية هذا التشكيل السياسي على أنه "مؤامرة" للولايات المتحدة، لكنهم لا يرون أن شعب روج آفا يحاول تغيير المصير والتاريخ المفروضين".

 

ثورة روج آفا مرآة المرأة في القرن الواحد والعشرين

صرحت نوراي سانجار أن المرأة لعبت دوراً نشطاً ضد هجمات داعش في روج آفا، "ظهور المرأة في هذا النضال هو مفهوم عميق بحيث لا يمكن قياسه بشجاعتها وتصميمها، بينما تقاتل النساء في الخطوط الأمامية، في محاولة لبناء بلد من الخراب، وحقيقة أنهم ختموا القوة التأسيسية بـ "العمل الخفي" للنساء، وجهن انتباه نضال نساء العالم إلى ما كان يحدث هنا، وبالطبع فإن المقاومة العنيدة ضد القوة التي تستخدم كل أنواع الوحشية لتدمير الحقوق والعلمانية والحريات الجزئية التي اكتسبتها المرأة من خلال النضال تستحق ذلك".

وأضافت أن "النقطة التي تتفق عليها الدول في الغرب، والتي تفهم "تمكين المرأة" على أنه تسهيل تحركها داخل النظام، ليست سوى إعادة إنتاج جوهر عدم المساواة، وهو استمرار لعلاقات الاستغلال الذاتي في ظل مظاهر أكثر ديمقراطية".

وعن تأثير نضال نساء ورج آفا على نساء العالم قالت إن "عمل المرأة الكردية حافز لنساء العالم، على الرغم من أن نضالهن كان مصدراً للنقد إلا أنه زاد من قوتهن النقدية، لذلك بعد انتهاء الصراعات والحروب يجب على النساء البقاء في نفس موقف المقاومة حتى لا تتراجع مكاسبهن".

 

"القرن الحادي والعشرين قرن التراكمات"

عن المساهمات التي قدمتها الثورة للنضال من أجل الحرية الكردية والنضال المشترك لحركات اليسار في تركيا، قالت نوراي سانجار "من عناصر النضال المشترك نضال الكرد من أجل الحرية، والنضال العمالي، وإن التوجه السياسي لوحدة هذين العنصرين تتوقف على الحل الديمقراطي للقضية الكردية في تركيا على أساس المساواة في الحقوق؛ وتعزيز النضال من أجل الديمقراطية للطبقة العاملة من جميع المكونات في تركيا".

وعن كيفية تأثير هذه العملية على كل شريحة (بما في ذلك الحركات اليسارية) على حدة، وكيف ستساهم في المجموع، قالت "يعتمد ذلك على الظروف السياسية العامة، فنحن في مرحلة تعمقت فيها التوترات والمعارك حول المشاركة في العالم إلى درجة أننا نشعر وكأننا على وشك خوض حرب عالمية كبرى، فالشرق الأوسط لا يزال يغلي، والمجزرة في غزة واضحة، والدولة التركية تحاول إعادة العلاقات مع حكومة دمشق، ومن الممكن أن يقع الاقتصاد العالمي في أزمة".

وأضافت "الحقيقة هي أن جميع النضالات في العالم، بما في ذلك روج آفا، خلقت تراكماً من العمال والشعوب، بالإضافة للإطاحة بديكتاتوريّ الشعبين التونسي والمصري في الربيع العربي، والحركة ضد العنصرية في الولايات المتحدة الأمريكية، القرن الحادي والعشرين، يتم فيه تسجيل كل النضالات في الذاكرة، إن كل العمليات الثورية الممكنة لبناء السلام الحقيقي في المنطقة والعالم سوف تتقدم من خلال استيعاب هذا التراكم الشامل".

وحول استهداف النساء ومنجزات الثورة من قبل الدولة التركية، قالت نوراي سانجار "حاولت تركيا إحداث التغيير الديموغرافية من خلال نقل السكان إلى المنطقة، وهي ناجحة، فقد تم نشر ميليشيات مسلحة، هذا بسبب طوال تاريخ الجمهورية، فقد كان يُنظر إلى نضال الكرد من أجل المساواة والحرية على أنه مشكلة أمنية، لقد حاولت منذ سنوات بكل الطرق قمع هذه الحركة".

ولفتت إلى أن "الورقة الكردية المطروحة على طاولة "الإرهاب" هي ورقة مساومة لتركيا بين القوى المهيمنة ودول المنطقة، لأن البرجوازية التركية، التي يزداد مستوى جشعها مع توسع احتياطي رأس المال، تبرر ردود أفعالها التوسعية والساعية للربح النامي بمكافحة الإرهاب".

 

"طرفا الحركة الكردية والعمالية لا يريدان الاتحاد"

أشارت نوراي سانجار إلى أن الفجوة التي خلفتها صراعات الهيمنة في العالم تشجع تركيا أكثر فأكثر، "تصاعد النضال من أجل الحرية الكردي وتأثر العمال في المدن الغربية بهذا الأمر أصبحوا يشكلون تهديداً على النظام التركي، ولهذا السبب لا يريد أن يتحد طرفا الحركة الكردية والعمالية، فالشركة تحافظ على القطاع الأكثر تنظيماً وديناميكية تحت ضغط مستمر، والحركة العمالية حالياً مجزأة وغير مستقرة، ومع ذلك، عندما ترفع رأسها، يحاولون دفعها إلى الخلف بتدخلات مماثلة، إذن السبب الإجمالي".

 

"روج آفا هي نقطة تحول مهمة"

من جانبها ذكرت غامزي تاشجي، عضوة منظمة تحرير المرأة، أن ثورة روج آفا لها أهمية ودور في التاريخ الثوري العالمي والاشتراكي، وفي النضال النسائي العالمي، "أنها حركة تربط جميع أطراف العالم، وليس فقط للحركات الطبقية المحلية أو الحركات النسائية التي تقتصر على البلدان، والنضال الناتج يؤثر على مستقبل الحقوق، وفي الوقت نفسه، والثورة نقطة تحول مهمة للنساء في جميع أنحاء العالم للتقدم على طريق تحريرهن".

وأشارت إلى أن ثورة روج آفا أصبحت مكاناً يتجه فيه جميع ثوار العالم بوعيهم الدولي ويبنون نضالهم في هذا السياق، "عندما ننظر إليها من تركيا، فإن جبهة الحرية العالمية التي ظهرت في ثورة روج آفا كانت في الواقع جبهة ذهب إليها الثوار من جميع أنحاء العالم إلى روج آفا، وبينما نحن نناضل فعلياً في تركيا ونرى نضال الشعب الكردي في قلب ديناميكيات تشكيل الثورة؛ بينما يرى العالم نضال المرأة الكردية والإيزيدية لقد رأينا كيف يخلق التضامن موقفاً في هزيمة داعش والاحتلال التركي، وعلى الرغم من أننا مررنا بالعديد من التجارب الكبيرة والصغيرة بعد الحرب الأهلية الإسبانية، إلا أن أحد أهم الأمثلة لدينا من حيث تحقيق النصر والتنظيم هي ثورة روج آفا، هذا النضال أنعش ذاكرة ثوار العالم، وعلى رأسهم ثوار تركيا".

 

"لها مكانة عظيمة في وعي المرأة"

في معرض الحديث عن دور المرأة في الثورة، أشارت غامزي تاشجي إلى أن تنظيم داعش كان مدعوماً وموجهاً بشكل خاص نحو النساء، "على الرغم من قوتها، فإن النساء هناك، كبناة للخط الثوري الحالي مع منظمتهن الخاصة، كرائدات للمقاومة، وبدعم من الرأي العام العالمي، شهدنا أن الحقوق انتصرت في تركيا والعالم بنضال الثوار وتضامنهم، في الواقع".

وأضافت "نظمت النساء هناك نضالاً لبناء تحررهن ضد تنظيم كراهية النساء ودعوات الجهاد، من ناحية، وثورة روج آفا تطورت بقيادة المرأة، ووجدت النساء طريقهن الخاص إلى الحرية من خلال تنظيم نضالاتهن الخاصة داخلها"، مشيرةً إلى أن هذا الوضع له مكانة عظيمة في وعي النساء اللاتي تناضلن من أجل تحررهن في جميع أنحاء العالم، وخاصة في تركيا".

وحول مكاسب المرأة في روج آفا قالت إنها "ستستمر إلى ما هو أبعد بكثير كسر قيود النظام الأبوي والرأسمالي الإمبريالي الحالي، وهذه القوى خاصة تركيا تريد إجهاض الثورة، إنهم يريدون تدمير إنجازات المرأة وتجذير النظام الأبوي، وكنساء تركيا، نعلم أن مستقبل روج آفا له قيمة وأهمية كبيرة للنساء في جميع أنحاء العالم، وأن حماية كل هذه المكاسب هي وسيلة مهمة لدفعها إلى الأمام".