'تعديل قانون الأحوال الشخصية انتهاك للدستور ووأد للحقوق'

دعا تحالف 188 كل القوى التي تتطلع وتعمل من أجل ممارسة ديمقراطية سليمة واحترام حق الإنسان في حياة حرة كريمة وحقوق النساء، على توحيد جهودها، ليكون هناك رفض واسع لتمرير حزمة من القوانين المثيرة للجدل، وإعادة تعديل القانون وفق نصه الأصلي.

العراق ـ دعا تحالف 188 المنظمات الدولية المدافعة عن حقوق النساء والانسان، لإدانة تعديل قانون الأحوال الشخصية "نطلب منهم الضغط على العراق لإعادة النظر بهذا التعديل والرجوع على النص الأصلي".

عقد تحالف 188 مؤتمراً صحفياً اليوم الخميس 23 كانون الثاني/يناير، في العاصمة بغداد لتسليط الضوء على التداعيات الخطيرة بعد تمرير تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لعام 1959 وموقفهم من تمريره مع حزمة من القوانين الجدلية بطريقة "السلة الواحدة"، مؤكداً أنه سيعرض خلال المؤتمر الإجراءات القانونية والدستورية التي سيتخذها لمواجهة هذه التعديلات وآثارها على المجتمع.

وسيناقش المؤتمر الأثر السلبي لهذه السابقة الخطيرة في عمل البرلمان، إذ أن اعتماد هذا الأسلوب لا ينتهك القوانين فقط، بل يعكس حالة التراجع في الالتزام بالدستور واحترام إرادة النواب والمجتمع، وتم خلال المؤتمر قراءة بيان جاء فيه "عقد مجلس النواب العراقي في 20 كانون الثاني/يناير الجاري جلسته الثالثة من الفصل التشريعي الأول بطريقة لا تمت للأعراف النيابية أو النظام الداخلي أو الدستور العراقي بصلة، وشهدت الجلسة تمرير ثلاثة قوانين مختلفة عليها نيابياً وشعبياً وسياسياً، بعد توافق قوى المحاصصة المتمثلة في تحالف إدارة الدولة الذي يشكل غالبية أعضاء مجلس النواب بالإضافة إلى قوى نيابية أخرى"، مؤكداً أنه بدلاً من أن يكون البرلمان مؤسسة تحمي الشعب وتصون كرامته بات منصة لتكريس هيمنة التحالف الحاكم الذي يسمى بتحالف إدارة الدولة".

وأشار البيان إلى أنه خلال الجلسة سادت حالة من الفوضى، إذ اعترض الكثير من النواب طريقة (السلة الواحدة) فيما اعترض آخرون على قوانين معينة مطروحة للتصويت، وخرج الكثير منهم من الجلسة، فيما قدم آخرون طعناً أمام المحكمة الاتحادية عن سير أعمال الجلسة وطريقة التصويت "ينتظر من المحكمة الاتحادية أن تقبل الطعن، وتقر بعدم دستورية هذه الجلسة الفوضوية وعدم صحة إجراءات التصويت التي جرى فيها اغتيال الديمقراطية وركل الدستور وتمزيق مبادئ حقوق الإنسان وهتك كرامة وحقوق المرأة العراقية".

وأوضح البيان أن ما جرى في البرلمان لم يكن سوى عرض للفوضى السياسية، والتصويت بهذه الطريقة يعكس غيباً مريعاً للمسؤولية الوطنية، فبدلاً من احترام الدستور والنظام الداخلي، استخدم البرلمان أدواته لتمرير قوانين تفتقر إلى أي حس بالعدالة، مشيراً إلى أنه هم هذه القوى المتنفذة لم يكن سوى المكاسب السياسية والانتخابية في تمرير القوانين المذكورة، فهي منفردة تريد التصويت على قانون يخص جمهوره الانتخابي، لكنها ترفض قانوناً آخر لاعتبارات عديدة، وحين لم تجد فرصة لتمرير القوانين بطريقة ديمقراطية سلسة عبر الإجراءات الدستورية والقانونية المناسبة لجأت إلى أسلوب صفقة المحاصصة سيئة الصيت، ومررت القوانين على حساب المواطنين المتضررين من هذه القوانين.

ولفت البيان إلى أن "الطريقة التي جرى فيها تمرير هذه القوانين تدل وبصورة لا تقبل اللبس على عجز أعضاء مجلس النواب عن تنفيذ مهامهم الدستورية وعدم ثقتهم ببعض، لذلك أخفقوا في تمثيل النسبة الضئيلة من الموطنين الذين صوتوا لهم، وهو ما يؤكد عدم مشروعية عملهم النيابي، بعد إخفاقهم في مراقبة عمل الحكومة وعدم تنفيذ وعودهم الانتخابية فضلاً عن الرفض الواسع والعزوف الكبير في الانتخابيات السابقة وانسحاب أكبر كتلة برلمانية في بداية الدورة الحالية".

وأكد تحالف 188 في بيانه، على رفضه جملة وتفصيلاً الطريق التي جرى فيها تمرير تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لعام 1959 والقوانين الأخرى التي ألحقت به وهي العفو العام، إلغاء قرارات مجلس قيادة الثورة المنحل، "إن رئاسة مجلس النواب خالفت المادة 37 ثالثاً من النظام الداخلي لمجلس النواب، التي اشترطت مناقشة فقرات جدول عمل الجلسة بحسب تسلسلها الوارد وعدم الانتقال إلى فقرة جديدة إلا بعد الانتهاء كلياً من مناقشة الفقرة التي تسبقها فإن تعذر إتمام النقاش فيها، فللرئيس ونائبيه مجتمعين تأجيل النظر فيها، وبالتالي لا يوجد في النظام ما يجيز جمع ثلاث فقرات بفقرة واحدة للنقاش، لا يجوز التصويت على عدة قوانين مجتمعة، خصوصاً مع عدم وجود أي رابط موضوعي بين أحكامه".

وأشار البيان إلى أن رئاسة المجلس خالفت المادة 134 من النظام الداخلي، التي بينت أنه يؤخذ الرأي في مشاريع القوانين كل مادة على حدة ثم يؤخذ الرأي على المشروع بمجمله بعد اكتمال قراءة مواده كاملة، وأن القانون لا يكتمل التصويت عليه إلا بعد التصويت عليه بالمجمع، وهو إجراء الغرض منه بين قبول الأغلبية للقانون، وجمع ثلاث قوانين بتصويت واحد يتعارض مع حرية النائب في التصويت ويجبره دون وجه حق على قبول أو رفض قوانين دون أن يترك له خيار آخر، وهذا يتعارض مع أبسط قواعد الديمقراطية أو حرية إبداء الرأي.

وأضاف البيان أن الفيديو الذي عرضه مجلس النواب يظهر أن رئيس المجلس لم يقم بعد الأصوات في الوقت الذي لم يكن فيه أغلب النواب أو عدد كبير منهم في مقاعدهم، وإنما البعض بصدد الاعتراض أو طلب التدخل بالحديث، وعدم التحقق من إعداد المصوتين، ما يجعل التصويت مشوباً بشك يحول حول عدد المصوتين بالإيجاب أو الرفض، هذا إذا افرضنا أن النصاب كان متحققاً وهو أيضاً محل نقاش "نشير في ختام هذه المخالفات إلى عبارة المحكمة الاتحادية العليا التي وردت في إحدى الدعاوى، حيث قالت إنه لا يمكن بأي حال من الأحوال اختزال إرادة الشعب المتمثلة بمجلس النواب بشخصية رئيس المجلس، الذي سبق له أن أدى اليمين الدستورية التي تلزمه بالامتناع عن خرق القانون والدستور".

ونوه البيان إلى أن التحالف قام بالاتصال بالجهات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، حيث تم تعميم مجريات جلسة مجلس النواب ونتائجها المنافية لقواعد الديمقراطية ولعملية الاستقرار الأمني والاجتماعي في العراق، متطلعين على ممارسة دورهم في الضغط على صناع القرار في العراق للعمل على إعادة النظر بهذه التعديلات المشينة التي تنتهك حقوق النساء والطفولة وتعرض السلم الاجتماعي للخطر.

وأكد التحالف أنهم يشكلون أساساً لرفض تعديل قانون الأحوال الشخصية الذي سيبقى مناصراً لحقوق الإنسان ويواصل رفضه بكل الطرق القانونية والدستورية لهذا التعديل الذي يشكل وصمة عار في جبين القوى المتخلفة المتحاصصة، ويعلن في ذلك عن جملة من الإجراءات التي سوف يقوم بها في سبيل إيقاف هذا التشريع المعين للعراقيين "سنقدم طعناً دستورياً في دستورية جلسة مجلس النواب وعدم صحة إجراءات التصويت فيها وكذلك دستورية تعديل، وسنتوجه إلى جميع المنظمات الدولية المدافعة عن حقوق النساء والإنسان، لإدانة تعديل القانون ونطلب منهم الضغط على العراق لإعادة النظر بهذا التعديل والرجوع على النص الأصلي، قمنا بإرسال برقيات إلى المنظمات الدولية بهذا الخصوص، ونعمل على التواصل معهم".

ودعا البيان كل القوى السياسية، الاجتماعية، النيابية، المهنية، النقابية، المدنية وغيرها، التي تتطلع وتعمل من أجل ممارسة ديمقراطية سليمة واحترام حق الإنسان في حياة حرة كريمة وحقوق النساء، على توحيد جهودها مع التحالف لأجل الرفض الواسع وإعادة تعديل القانون وفق نصه الأصلي "نتوجه لجميع المواطنين الحريصين على وحدة الشعب وحقوقه أن يرفضوا وبصوت عال موحد هذا التعديل المجحف لقانون الأحوال الشخصية، كما أننا نرجو من النواب المعترضين على هذا التعديل، توحيد رؤيتهم بهذا الخصوص على الأقل قبل رفع أي دعوى لدى المحكمة الاتحادية للطعن في دستورية القانون".

ونوه بيان التحالف في ختامه إلى أنهم شكلوا عيادة قانونية تقدم الاستشارة القانونية مجاناً لكل النساء المعنفات والمتضررات من هذا التعديل في حال تم المضي بتمريره وتنفيذه "نطلب من المحامين الوطنيين والقانونيين والأكاديميين المدافعين عن حقوق الانساء والنساء الانخراط في نشاط هذه العيادة، ونؤكد مجدداً أننا سنواصل رفضنا وعدم موافقنا على التعديل الذي اتفقت عليه قوى المحاصصة الطائفية ولن نقبل بوأد الحقوق التي تحققت للنساء العراقيات".