سوريا الجديدة... محاولات تشويه للحضارة وتهميش لدور المرأة
أجرت هيئة تحرير الشام البعض من التغييرات والتعديلات على المناهج الدراسية ومنها إزالة اسم الملكة زنوبيا وصورتها من كتاب التاريخ، وهو ما يعد محواً لتاريخ المرأة وتجاهلاً لدورها في بناء الحضارات.
سيبيلييا الإبراهيم
الرقة ـ تأتي التغيرات التي أجرتها هيئة تحرير الشام في المناهج الدراسية، ضمن محاولة فرض نهج تعليمي لا يحترم التنوع الثقافي والديني والإثني في سوريا، حيث يتوجب أن يكون التعليم منفتحاً على جميع المعتقدات والثقافات وأن يعمل على تعزيز قيم التعايش المشترك بين مختلف أطياف المجتمع.
التعليم هو الأساس الذي تبنى عليه المجتمعات وشخصية الإنسان ووعيه المجتمعي لذا جعلت هيئة تحرير الشام التعليم في مقدمة أولوياتها وقامت بتغيير المناهج الدراسية بشكل جذري، فالهدف لم يكن مجرد تعديل محتوى المناهج، بل إعادة صياغتها وفقاً لرؤيتهم المتشددة، وتحويل المدارس من أماكن لنشر العلم والمعرفة إلى ساحات لنشر الإيديولوجيا المتطرفة، وفرض نموذج متشدد يهمش حقوق المرأة والأقليات ويمنع أي محاولة لإقامة مجتمع قائم على التعددية والديمقراطية والمساواة.
المناهج التعليمية مظلة شاملة
وحول آخر التطورات والتغييرات في الساحة السورية ومن بينها التعديلات التي أدخلت على المناهج التعليمية تقول نائبة هيئة التربية والتعليم لإقليم شمال وشرق سوريا هدية شيخ حسن "بالنسبة للتعديلات التي أجرتها هيئة تحرير الشام على المنهاج الدراسي، كنا نأمل كسوريين أن تأتي هذه التعديلات مراعية لحقوق الشعب بكافة مكوناتها وأديانها وأطيافها وأن تكون تعديلات جامعة لكافة السوريين تحت مظلة ديمقراطية شاملة".
وأكدت "نحن ضمن قطاع التعليم نرى بأن التعديلات التي أجرتها هيئة تحرير الشام في سوريا بتغيير بعض الرموز والصور في المناهج الدراسية تأتي في محاولةً لفرض نهج تعليمي معين لا يحترم التنوع الثقافي والديني للسوريين"، مشددةً على ضرورة أن يقف أهالي سوريا بجميع فئاتها متحدين أمام القرارات التي تهدف لتفرقتهم.
إزالة صورة الملكة زنوبيا تهميش لتاريخ المرأة
وحول قرار إزالة صورة الملكة زنوبيا من مادة التاريخ واجراء بعد التعديلات على المنهاج الذي كان معتمداً لفترة طويلة تساءلت هدية شيخ حسن لماذا يتم تهميش تاريخ المرأة؟ مضيفةً "لطالما طالبنا بمنح المرأة كافة حقوقها والعودة إلى جوهرها، وسعينا لمنحها الفرصة للعب دورها في كافة المجالات وهو ما حصلن عليه في إقليم شمال وشرق سوريا".
وتابعت "بإزالة صورة الملكة زنوبيا تم المساس بتاريخ المرأة التي لطالما كانت لها مكانة، إن تهميش هذه الرسالة نجدها خطيرة التوجه، نحن شعوب شرق الأوسط نعتز بتاريخنا العريق وإجراء أي قرار ضد هذا التاريخ وخاصة بحق المرأة يعتبر تشويه للحضارة ومحاولةً لطمس للهويات والثقافات"، مشيرةً إلى أن المرأة شريكة أساسية في بناء المجتمعات وتطويرها ولعبت أدوار حاسمة في مختلف المجالات، لذا لا يمكن لأي قوة أو حكومة أن تنكر مكانتها أو تتجاهله.
يجب الاعتراف بدور المرأة في سوريا الجديدة
بعد سنوات من المعاناة وتحمل أعباء مضاعفة نتيجة الحرب التي دامت لأكثر من عقد، جاءت هيئة تحرير الشام لتزيد الطين بلة، حيث تسعى لطمس هوية المرأة وتقييد حريتها كما أوضحت هدية شيخ حسن.
عندما يتم تهميش دور المرأة إلى هذا الحد فيتضح أنه هناك محاولات لإعادتنا إلى العصور الظلامية التي قمعت المرأة وسلبت منها حقوقها، ولكن المرأة جوهرة ثمينة وذات قوة عظيمة ناضلت ضد القمع والنظام السلطوي وحاربت عقليتهم، لذا لن يستطيعوا بقرارتهم وممارساتهم أن يقضوا على إرادة المرأة ووجودها على هذه الأرض".
ولفتت إلى أنه عند تعديل أو تغيير أي منهاج يتطلب مراعاة حقوق جميع الأقليات المتواجدة في سوريا، خاصة تلك القرارات التي تتعلق بمستقبل الأجيال القادمة "قامت هيئة التربية والتعليم في إقليم شمال وشرق سوريا خلال السنوات الماضية بتعديل المنهاج أكثر من مرة، ليكون مراعياً لكافة الحقوق ويساهم في التقدم من الناحية العلمية والتربوية، ونركز ضمن منهاجناً على دور المرأة والاعتراف بوجودها ضمن المنطقة، ومادة "الجنولوجيا" رسالة قوية للأنظمة التي تسعى لإنكار وجود المرأة ومكانتها".
وأشارت إلى أن الإدارة الذاتية الديمقراطية حاولت دائماً أن تصب التغيرات لصالح المجتمع والطلبة، وابتعد عن التهميش "كوننا حفيدات زنوبيا من الطبيعي إقصائنا من تاريخنا، فزنوبيا وغيرها كن دائماً القدوة لنسائنا في الوقت الحاضر، لذلك نجد حفيداتها تقاتلن لنيل حريتهن، حتى اكتسبن مكانة في الساحة العلمية والعسكرية والسياسية".
ونوهت إلى أن هيئة التربية والتعليم في الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا أصدرت بياناً أوضح خلاله موقفه ورأيه حيال قرار وزير التربية في هيئة تحرير الشام بإجراء تعديلات على المناهج التربوية والعلمية وعن ذلك تقول "نرفض أي تغيير في المناهج من الممكن أن يمس من حرية المرأة، وأكدنا على أنه يجب صون حقوق جميع المكونات خلال بناء سوريا الجديدة، وقرارات هيئة تحرير الشام تهدف للتفرقة بين المكونات".
وأضافت "قضيتنا ديمقراطية وحافظت على ثقافات الشعب المتنوعة طيلة سنوات الثورة، لذا يحق لنا اليوم المشاركة في بناء سوريا جديدة ومتطورة وديمقراطية"، موضحةً أن هيئة التربية والتعليم التابعة للإدارة الذاتية الديمقراطية، هدفها بناء المجتمع السوري بشكل عصري ومتكامل.
وفي الختام دعت نائبة هيئة التربية والتعليم لإقليم شمال وشرق سوريا هدية شيخ حسن، جميع المكونات المتواجدة في سوريا بالوقوف صفاً واحداً أمام القرارات التي تمس من كرامتهم وثقافتهم.