سجينات الرأي في تونس... رحلة معاناة بسبب مواقفهن وآرائهن
نظمت جمعية "تقاطع" من أجل الحقوق والحريات ومنظمة "اوروماد" ندوة بجامعة العلوم القانونية والإنسانية بتونس، للإعلان عن تقرير حول الانتهاكات التي ترتكب بحق سجينات الرأي ضمن حملة الـ 16 يوم الأممية.
زهور المشرقي
تونس ـ تحذر الجمعيات من مغبة استمرار الانتهاكات التي ترتكب بحق السجينات السياسيات في تونس، وتندد بظروف احتجازهن وتدعو السلطة إلى الأخذ بعين الاعتبار التجاوزات المنشورة.
على هامش حملة الـ 16يوماً لمناهضة العنف ضد المرأة، نظمت جمعية "تقاطع" من أجل الحقوق والحريات ومنظمة "اوروماد" ندوة بجامعة العلوم القانونية والإنسانية بتونس، للإعلان عن تقرير حول الانتهاكات التي ترتكب بحق سجينات الرأي داخل أماكن الاحتجاز، واعتمدتا في تقريرهما على مصادر متعددة ومتنوعة في جمع المعلومات حيث تم إجراء 8 مقابلات مع ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان وأسرهم ومحامييهم وأخصائيين نفسين، فضلاً عن الاستناد إلى التقارير الدولية للتحقق من صحة المعلومات والتأكد من شموليتها.
وأفاد التقرير أن المنظومة السجنية تضم سجن واحد مخصص بالكامل لإيداع النساء، وهو السجن المدني بمنوبة وتتعايش فيه النساء بشكل صعب مع ضيق المساحة وانعدام وجود الاستقلالية وغيرها من الإشكاليات الكبرى.
وقالت الناشطة الحقوقية بجمعية "تقاطع" مي العبيدي، إن الظروف الصحية لسجينات الرأي صعبة جداً، حيث تعيش الصحفية شذى مبارك وضعاً صحيا مزرياً وهرسلة، وتواجه تهماً خطيرة نتيجة ممارستها مهنة الصحافة بعد أن أُودعت في السجن في تموز/يوليو2023، في ما يعرف بقضية ستالينقو، لافتة إلى أنها تعاني إهمالاً شديداً بما في ذلك تأخر في الفحوصات الطبية ومقابلة الأطباء وعدم توفير الأدوية، ما أثر على صحتها النفسية.
واعتبرت أن المحامية سنية الدهماني بدورها تعيش تجاوزات داخل السجن حيث وفق شقيقتها تعرضت في 20 آب/أغسطس الماضي لأشد أشكال التعذيب النفسي والجسدي أثناء نقلها إلى قاعة المحكمة من أجل حضور الجلسة الاستئنافية وهُرسلت وانتهكت حقوقها كمواطنة تونسية، فضلاً عن فرض ارتدائها "السفساري" هو لباس تقليدي يتمثّل بقطعة كبيرة من القماش يمكنها تغطية كامل جسد المرأة وكأنها متهمة بقضايا دعارة.
وأشارت إلى أن سنية الدهماني تعرضت لتفتيش مهيمن مس بكرامتها الإنسانية، منتقدة ما أسمته بمحاصرة الحريات الفردية وفرض ما يسمى بالأخلاق العامة.
وقالت مي العبيدي، إن ما تعيشه السجينات أمر مرفوض ويمس من كرامتهن وحرمتهن الجسدية كنساء، ودعت إلى مراعاة وضعيتهن، فرئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي محرومة من رؤية أبنائها القُصر على الرغم من حقها كأم رؤيتهم، إضافة إلى أنها تعاني داخل السجن من عدم توفر الأدوية اللازمة وعدم إيلاء أهمية للوصفات الطبية التي أوصى بها الطبيب، واصفة ما تتعرض له بأنه "أقرب إلى التصفية الجسدية".
وعن وضع الناشطة شريفة الرياحي التي تعتبر أُماً جديدة أوضحت أنه تم إيقافها وهي في إجازة الأمومة، دون مراعاة وضعها الصحي والنفسي، ودون أي اعتبار لمصلحة الطفل الفضلى في ضرب لمجلة حماية الطفل.
ولفت التقرير إلى أن الانتهاكات تعكس الانحراف على المعايير الوطنية والدولية لحقوق الانسان، مؤكداً وجود سوء معاملة للسجينات في خرق للفصل 25 من الدستور، الذي يؤكد على الحق في السلامة الجسدية والنفسية، إضافة إلى الإهمال الطبي في ضرب للفصل 3 من الدستور الذي يتحدث عن الحق في الرعاية الصحية، علاوة على الاكتظاظ وسوء ظروف الإقامة، والتمييز بين النساء والحرمان من الحقوق القانونية وانتهاك الخصوصية. وخلص التقرير الى أن التنكيل وآثاره يصل إلى عائلات السجينات وأطفالهن.
بدورها اعتبرت الأستاذة في القانون منية قاري، أن النساء داخل السجون تتعرضن للعنف القائم على النوع الاجتماعي خاصة وأن السجون ليست جاهزة لاستقبالهن، ولا تأخذ بعين الاعتبار خصوصيتهن من حيث التجهيزات والزيارات وأدوات النظافة الشخصية، وهي سجون صُممت للنساء من قبل ذكور ما يفندُ قول "الحبس للرجال"، ولم يكن مصنوعاً لهن.
وأكدت أن "نظام السجن لا يأخذ بعين الاعتبار احتياجات النساء وخصوصية النوع الاجتماعي والذي يترك على السجينات تداعيات عديدة كالعنف والاضطهاد"، مشيرةً إلى أن القانون 58 الصادر عام 2017 قد أهمل حالة النساء في السجن ولم يتطرق إلى أن حالة فقدان الحرية هي وضعية من وضعيات الهشاشة كالإعاقة والمرض وكبار وصغار السن.