صحفيات يروين تجارب ما وراء التحقيقات الاستقصائية
نظمت شبكة أريج جلسة حوارية عبر الانترنت بعنوان "ما وراء التحقيقات الاستقصائيّة" وذلك في الأول من يوليو/تموز، مستضيفة المدرب في "صحافة البيانات" عمر العراقي، وثلاث صحفيات نشرن تحقيقات استقصائيّة قائمة على البيانات خلال العامين 2020 و2021، للحديث عن قصصهن
رفيف اسليم
غزة ـ ، وأهميتها، والتحديات التي واجهنها خلال العمل على مواد التحقيقات التي كشفت الكثير من الخبايا وقصص الفساد.
أوضح المدرب في "صحافة البيانات" عمر العراقي أن التحقيقات الاستقصائية التي عملت عليها الصحفيات خلال عام 2020 -2021 كانت قائمة على صحافة البيانات لأن الجهات الرسمية لم توفر لهم المعلومات اللازمة والأرقام التي تثبت صحة فرضيتهن مما جعل الجهد المبذول مضاعف بشكل أكبر، مشيراً أن ذلك النوع من العمل الصحفي كان يؤرقهن بالبداية لأن الصحفيات غير معتادات على استخدام برنامج الاكسل وإجراء العمليات الحسابية.
"عظام الرقبة"
وكان أول تحقيق قد تم الحديث عنه خلال الجلسة بعنوان "عظام الرقبة"، وهو تحقيق يكشف ملفات فساد جديدة في السلطة الفلسطينية، وقد فضلت معدات التحقيق عدم الحديث باسمهن نظراً للخطر الذي ينتظرهن في حال الكشف عن هويتهن، موضحين أن التقرير استهدف كشف فساد جهة حكومية وهي توظيف أبناء عائلات محددة داخل السلكي الدبلوماسي والحكومي الفلسطيني دون غيرهم وكأن تلك الوظائف هي إرث خاص بهم.
وأشارت إحدى العاملات على التحقيق أن قبل البدء بالعمل على الفكرة كان شرطهن ألا يتم الكشف عن هويتهن لأن المعلومات الواردة بالتحقيق كفيلة بإلحاق الضرر بهن بأشكال عدة وغير متوقعة، لافتة أن الوصول لأسماء الموظفين بالسلك الدبلوماسي لم يكن سهلاً لذلك اتبعن خلال العمل على التقسيم العائلي أي أشهر العائلات التي تتولى أبنائها وظائف مرموقة بالسلطة ليفاجئوا بكم العدد والبيانات التي تم جدولتها وتقديمها لنشرها عبر 5 منصات عربية.
وتكملن أنهن استطعن الحصول على تسجيلات صوتية للمسؤولين تقر أنهم اختاروا أقاربهم للوظائف بحجة أنهم الأجدر للحافظ على مسيرة السلكي الحكومي والدبلوماسي، مؤكدين خلال المعلومات الواردة بالتحقيق أن تلك الأسماء تم التكتم عليها ولم يتم تسجيلها في ديوان الموظفين وذلك ما جعل عملهن أشبه بعمل محقق محترف في محاولة لاسترداد حقوق الشباب الذين حرموا من تلك الوظائف.
"الإسرائيليون ينعمون بمياه الفلسطينيين ويبيعون بدلاً منها مياه معدنية ملوثة"
فيما أشارت الصحفيتين سها كامل وسالي عبد الحق أن العمل على فكرة تحقيق استقصائي متصل بصحافة البيانات لم يكن أمر هين فالصحفي هنا هو من يصنع مصدر المعلومات ولست مجرد باحث، لتكمل سالي أن "قضية الفساد التي تم العمل عليها ليست محلية ضمن بلد محدد بل متعلقة بالاحتلال الإسرائيلي الذي يسرق مياه فلسطين ونهر الأردن وقد جاء بعنوان "الإسرائيليون ينعمون بمياه الفلسطينيين ويبيعون بدلاً منها مياه معدنية ملوثة".
وأكملت سالي عبد الحق أن "الفكرة جاءت من انقطاع المياه المستمر في مدينة رام الله التي تسكنها ليسيطر مكانها استخدام مياه معدنية مصنعة من قبل شركة إسرائيلية"، مضيفة أن "الأمر مر مرور الكرام للمواطنين بالضفة الغربية لكنها كصحافية كانت تشك دائماً بمصدر ذلك الماء خاصة عندما كثرت الحالات المرضية ولاحظت أن الإسرائيليين أنفسهم لا يستخدمون تلك العبوات بل تصنع خصيصاً للفلسطينيين".
وأردفت سالي عبد الحق أنها عندما طرحت الفكرة لم تكتفي بمجرد معلومات واهية وفرتها الشركة المصنعة عبر موقعها بل ذهبت لفحص 5 عبوات مياه لتوضح نتائج الفحص أنها جميعها ملوثة وستسبب بأمراض خطيرة على المدى البعيد، موضحة أن "تلك العبوات سحبت من خمس مناطق فلسطينية تحرم من وصول مياه نهر الأردن النقية ليستبدلها الاحتلال الإسرائيلي بمياه قاتلة لا تصلح للاستخدام البشري".
وأشارت سها كامل أن تلك البيانات لم تكن متوفرة فمركز الإحصاء الفلسطيني بالكاد استطاع تحديد العجز بكميات المياه التي تصل الأراضي الفلسطينية "المحتلة"، لترجع إلى الميدان وتدرس تلك المناطق بنفسها محددة كمية العجز وقاعدة بيانات توضح المشكلة من عام (2003 وحتى عام 2021)، مضيفة أن هناك بيانات مبعثرة كانت متوافرة عن طريق ملفات دي بي أف لكن كان من الصعب تقديمها على هيئتها لأن الصراع العربي الإسرائيلي على المياه له تاريخ طويل.
"مراكز الشباب تسقط الرياضيات من حسابهم"
وتحدثت الصحفية المصرية هاجر هشام عن تجربتها في الصحافة الاستقصائية التي انطلقت من تساؤل مهم وهو لماذا محاولات ممارسة الرياضة للنساء في مصر صعبة فعلى سبيل المثال يسمح للشاب لعب الكرة بالشارع بينما تجرم النساء إن فعلت ذلك، مشيرة أن جميع المراكز الحكومية الرياضية يسيطر عليها الذكور ومن هنا جاء العنوان "مراكز الشباب" تسقط الرياضيات من حسابهم".
وأكملت هاجر هشام أن صحافة البيانات جعلت منها أقوى خلال مواجهتها للمسؤولين الذين يرون الصحفي عدو لهم ويريد تجريمهم بأي طريقة من خلال مواجهتهم بالبيانات والأرقام التي جمعتها من أرض الميدان، مضيفة أن ذلك الأمر جعلها أكثر قدرة على توجيه الأسئلة ليفاجئ المسؤول منها خلال المقابلة ويقرر الاستفهام حول حقيقة المعلومات والمصادر التي بحوزتها، والمأخوذة من تجارب رياضيات سابقات ومدربات وأيضاً أبحاث وتقارير حكومية.