رحلة ابنة بوطان نحو آفاق الشهادة

زين جيندا التي صممت على أن الوطنية هي الطريق إلى عيش حياة حرة، ودمجتها بالتعليم ومن خلال مسيرتها القيادية في الحياة، تركت مكانة ومحبة في قلوب جميع رفاقها.

إيسيان هوكر

الحسكة ـ زين لقب لشخصية ملحمية كردية معروفة بجمالها وتمردها، حظيت باحترام كبير بين الكرديات لدرجة أن نساء بوطان ما زلن تبكين عليها حتى الآن.

اسم جيندا يعني إعادة خلق الحياة من جديد، أضافت إليه اسم زين وأصبحت زين جيندا، تم اختيار هذا الاسم عمداً، أعتقد أنه يمكن تصور الشخصية التي سيبنيها هذا الاسم، إنها بهية عبد المجيد الملقبة بـ زين جيندا، مواليد ديريكا حمكو عام 1997.

وفي ديريك، حيث جبل جودي قبلة أهلها، وأمامهم دائماً آثار سفينة وسط الجبال، هناك وطنية عظيمة تركت جذورها في أعماق ضفاف نهر دجلة، وعلى هذا الأساس والجذور، ظهر العديد من الثوار العظماء وقاتلوا بشجاعة أينما وجد القمع والظلم، وبهية عبد المجيد أيضاً نشأت مثل أطفال جيرانها الذين كانوا يلعبون معاً في نفس الشارع، مع الملاحم الكردية المعروفة بآثار خطى الثوار المعروفين بقتالهم في ساحة المعركة ويتم الحديث عنهم دائماً.

استمدت ابنة بوطان الشجاعة من روح نساء بوطان المعروفات بشجاعتهن وحبهن للأرض، إنها من هؤلاء النساء اللواتي لا ينحنين أبداً لأي خونة مثل بكو ويقفن بغضب مثل جبال بلدهن جودي وكابار، إنها من شعب جزيرة بوطان الذين يلتصقون دائماً بسر الحقيقة، إنها من المجتمع الذي لم يبتعد عن الحقيقة وظل دائماً على طبيعته، مجتمع بوطان البدوي "الكوجري".

مع اندلاع شرارة ثورة روج آفا عام 2011، شعرت الشابات أمثال زين جيندا، اللاتي غمرتهن رياح جودي، بآثار الثورة بإنجازات وتجارب وقصص الثوار وهن يستمعن إلى قصص حياتهم كل يوم، لكنهن ما زلن بحاجة إلى تجاوز مرحلة الطفولة، وأتى ذلك اليوم الذي بات عمرها يكفي لتدخل المسار الذي تولعت فيه من خلال قصص ثواره، وكان عام 2016 هو الوقت المناسب لاتخاذ القرار والانضمام إلى النضال من أجل حرية بلادها.

ثورة روج آفا حققت العديد من الإنجازات العظيمة وتركت بصمتها على تاريخ العالم، وأصبحت موطناً لكل نساء الشرق الأوسط والعالم، حيث انضمت آلاف الشابات أمثال أرين وبارين إلى صفوف الثورة وضحين بحياتهن من أجل حماية مكتسباتها، وبعدهن توجهت مجموعات من الشابات إلى الجبهة ولم يستطع أحد من تحييدهن عن متابعة مسيرة الشهداء، كانت زين جيندا واحدة منهن قاتلت أيضاً في سبيل القضية، مدركةً أن الحرية لا يمكن تحقيقها إلا من خلال النضال.

عندما انضمت زين جيندا إلى صفوف وحدات حماية المرأة، قررت أنه أينما تعرضت النساء للاضطهاد فإنها ستناضل من أجل حريتهن، لذلك ناضلت في العديد من المجالات منذ بداية انضمامها، وبعد تحرير شنكال، توجهت مع وحدتها المكونة من مقاتلات وحدات حماية المرأة إلى أحد المواطن التي تحيي جذور الإنسانية لحماية المرأة الإيزيدية، إلى جبال شنكال التي كانت جارة لهم منذ القدم، ولكنها انفصلت عن المدينة التي كانت تعيش فيها بسبب الحدود التي أنشأتها السلطات، حينها كانت مقاتلة تعبر الحدود وتبث الرعب في قلوب المرتزقة، وفي بداية عام 2018، عندما عادت مع وحدتها إلى روج آفا بعد نضالات طويلة في شنكال، شاركت في مقاومة العصر التي استمرت 58 يوماً في عفرين المحتلة بعد أن زادت الاحتلال التركي من هجماتها على المدينة.

ومن خلال مشاركتها في جبهات القتال، أصبحت أكثر وعياً بقوتها كما اكتسبت الخبرة وأصبح لديها تجارب عديدة في مجال الثورة، خاصة أن تركيزها على حرب الشعب الثورية جعلها تتطور، وبتجاربها أصبحت إحدى قادة وحدات حماية المرأة وأرادت أن تكون لها شخصية يقتدى بها في المجالات العسكرية.

بناءً على فلسفة المرأة المحاربة، بدأت بالدراسة والتدريب لتختص بمجال معين، وانطلاقاً من حبها للسعي لشل غزاة بلادها، درست فرع هندسة الالغام، وأصبحت خبيرة في كل تفاصيل هذا الاختصاص، وكان هدفها من تطوير هذا الاختصاص هو توجيه ضربات قوية لإعداء بلادها.

في عام 2019، عندما هاجمت الاحتلال التركي مدينة رأس العين/سري كانيه وتل أبيض/كري سبي، شاركت زين جيندا في مقاومة الكرامة، وهناك كان التدريب الذي تلقته في مجال هندسة الألغام ر أكثر فائدة وردت بقوة على هجمات الاحتلال التركي، ومن خلال أنشطتها في تفكيك الألغام بثت الرعب في قلوب مرتزقته.

بعد ذلك، ولكي تكمل جانبها العسكري، رأت أنه هناك حاجة إلى تعليم أيديولوجي وبناء على رغبتها توجهت إلى مجال التثقيف والتدريب، وفيه أيضاً أصبحت من الرفاق النموذجيين الذين يضرب بهم المثل بالإصرار والمشاركة في الفصول الدراسية.

جمعت زين جيندا جميع رفاقها حولها بصداقتها وقلبها الكبير وقامت بتدريب وتثقيف كل من حولها وكانوا راضين عن أسلوب قيادتها وصداقتها، لأنها لم تميز أبداً بين زملائها، وفي شكل نضالها من أجل المرأة كانت لديها أساليب لتحرير النساء، حيث عرفت كيف تحدد شكل نضالها، الأمر جعل فريقها وجميع رفاقها يتخذون من صداقتها الحقيقية والمتألقة مثالاً لهم.

لقد أوصلت القائدة زين جيندا صداقتها إلى أعلى مستويات المحبة في كل لحظات حياتها، لقد كانت مدرسة للحياة وقائدة عسكرية لرفاقها، وهذا ما جعل منها امرأة واثقة من نفسها بمقدورها المشاركة في جميع المعارك، وبهذه الثقة بالنفس، أثبتت نفسها في كل مجال. وفي العام الماضي، وأثناء تأديتها لمهامها في الطبقة، استشهدت مع ثمانية من رفاقها وانضمت إلى قافلة الخلود.