رغم التهميش والقيود... المرأة الأفغانية مستمرة في تعزيز اقتصاد بلادها
في ظل تهديد طالبان والتقاليد الذكورية، تحرك نساء مثل شهلا شهابي عجلة المصانع في قلب أفغانستان، ليس فقط من أجل لقمة العيش، بل من أجل الكرامة، الاستقلال، وبقاء النساء.

بهاران لهيب
بروان ـ في العقود الأخيرة، لعبت الأفغانيات دوراً مهماً ومؤثراً في نمو الصناعة وإنشاء المصانع، رغم التحديات العديدة، فبينما كانت أفغانستان مجتمعاً تقليدياً ذكورياً، واجهت مشاركة النساء في المجالات الاقتصادية قيوداً، إلا أنه، من خلال جهودهن المستمرة، استطعن أن يشقّن طريقهن في القطاع الصناعي، ودورهن لم يقتصر على العمل في المصانع كعاملات، بل أصبحت بعضهن مؤسسات ومديرات لها.
خلال فترة حكم الملكية لمحمد ظاهر شاه (1933ـ1973)، ولا سيما في عقدي 1961 و1971، بدأت أول موجة من حضور النساء في المصانع الحكومية مثل مصنع النسيج في كابول، ففي الفترات اللاحقة، خلال الحكومة المدعومة من الروس (1979-1993)، قامت مؤسسات مثل "منظمة نساء أفغانستان" بجهود لتعليم النساء المهارات التقنية، مما أدى إلى دخول الآلاف منهن سوق العمل في مجالات مثل الخياطة، صناعة السجاد، إنتاج الملابس والمواد الغذائية، وخلال تلك السنوات، تم توظيف آلاف النساء رسمياً في المصانع الحكومية.
بعد عام 2001 وسقوط نظام طالبان، أصبحت الفرص متاحة أكثر لنمو الاقتصاد الخاص بالنساء، ووفقاً للتقارير، فقد تم تسجيل حوالي ألفين و471 شركة رسمية مملوكة للنساء في أفغانستان حتى عام 2020، مما ساهم في توفير أكثر من 130 ألف وظيفة للنساء.
في السنوات الأخيرة، اعتمدت مصانع مثل "غذائي زيبا" في كابول على النساء بنسبة تفوق 85% من القوى العاملة لديها، واستطاعت مواصلة نشاطها حتى في ظل الظروف الصعبة بعد عام 2021، كذلك، تمكنت النساء في بعض الولايات مثل سمنجان وبلخ من إنشاء مصانع صغيرة لإنتاج الأواني، الصناعات اليدوية، والمواد الغذائية، ورغم التحديات، لا يزال سعي النساء الأفغانيات نحو الاندماج في الصناعة وإدارة المصانع مستمراً، مما يبشر بمستقبل أكثر إشراقاً لدورهن الاقتصادي في البلاد.
"هدفنا لعب دور فعال في المجتمع"
شهلا شهابي، مؤسسة مصنع ملابس التي تم إنشاؤه في ولاية بروان، تحدثت عن بداية نشاطها "أنشأت المصنع في زاوية من مدينة تشاريكار برأس مال بسيط، ويعمل فيه حوالي 15 امرأة، قمنا باستيراد الآلات اللازمة من الصين، هدفنا هو تقديم منتجات ذات جودة عالية، وتصديرها إلى الخارج".
وأضافت "نحن النساء محرومات من العمل والحياة بسبب طالبان، والآن، هدفنا ليس فقط كسب لقمة العيش لأنفسنا وللنساء الأخريات، بل أيضاً لعب دور فعال في المجتمع"، موضحةً "جميع العاملين في مصنعي من النساء، لهذا السبب، يزورنا أحد ممثلي طالبان، وهم رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كل بضعة أيام، ويحذرونا بضرورة الالتزام الصارم بالحجاب، وغالباً ما يطلبون منا دفع مبلغ معيّن، ومع ذلك، فإن إصرارنا والتزامنا كنساء هو ألا نفقد وظائفنا مهما حدث، وأن نواصل مسيرتنا في الحياة".
دور النساء الأفغانيات في تأسيس وإدارة المصانع لا يعكس فقط قدراتهن وإبداعهن، بل يمثل أيضاً رمزاً للصمود أمام القيود الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، إن وجود نساء مثل شهلا شهابي في القطاع الصناعي هو دليل واضح على أن النساء الأفغانيات، حتى في أصعب الظروف، يرفضن التخلي عن مواقعهن، ورغم التهديدات والضغوط، فإنهن لا تناضلن من أجل لقمة العيش فقط، بل من أجل الكرامة، الاستقلال، والهوية، ورغم صعوبة الطريق، فإن مستقبل الاقتصاد الأفغاني سيكون ناقصاً دون المشاركة الفاعلة للنساء.