رغم الصعوبات... نساء جبل كزوان تكافحن لضمان الأمن الغذائي

تعمل نساء جبل كزوان في مقاطعة الجزيرة بإقليم شمال وشرق سوريا، على تأمين قوت يومهن من الموارد الطبيعية والزراعة، في أرض لا تتوقف عن العطاء على مدار العام، وبتن مسؤولات عن الأمن الغذائي وعمقن وعززن صداقتهن مع البيئة.

سوركل شيخو

تل تمر ـ تلعب النساء دوراً رئيسياً في تنمية المجتمعات المحلية، كونهن تعملن على تعزيز الاستدامة الاقتصادية والاجتماعية من خلال الأعمال التجارية والزراعة والتعليم والصحة، وتمكينهن أمراً ضرورياً لتحسين مستويات المعيشة وزيادة الأمن الغذائي، ودعم التنمية المستدامة.

 

تلعب المرأة دوراً رئيسياً في حماية البيئة

تعتمد النساء الريفيات على الموارد الطبيعية والزراعة في معيشتهن، وتُنتجن معظم الغذاء المتوفر، وهذا يجعل المرأة المسؤولة الرئيسية عن الأمن الغذائي، فضمان وصولها إلى موارد الإنتاج الزراعي يساعد على الحد من الجوع والفقر، لذلك تلعب النساء دوراً هاماً في حماية البيئة والحفاظ على الموارد الطبيعية من خلال مشاركتهن في مجالات مثل الزراعة المستدامة وإدارة المياه، لا يعرفون الليل ولا النهار، لا الصيف ولا الشتاء، فالمرأة تعمل بلا كلل، والعمل الذي تقوم به غير مدفوع الأجر ولا يعتبر عملاً.

تعمل نساء قرية جعفر الواقعة على جبل كزوان بلا توقف، فهذا العام لم تهطل الأمطار ولم ينمو الزرع، كما أن المواشي تعاني من الجوع وغير قادرة على الإنتاج بشكل جيد، والناس في السابق كانوا يأتون من مقاطعة الجزيرة إلى جبل كزوان لرعي أغنامهم، لكن الوضع تغير هذا العام، حيث توجه معظم الرعاة والأشخاص الذين يعيشون على تربية الأغنام إلى بلدات مقاطعة الجزيرة الحدودية، لأن نسب الأمطار كانت أفضل هناك، وهذه هي السنة الأولى التي يقوم فيها سكان جبل كزوان بالترحال على طول مدن الجزيرة الحدودية.

 

صديقة ورفيقة الأرض والبيئة

تتعرض المياه الجوفية وينابيع جبل كزوان للجفاف بسبب تغير المناخ العالمي وارتفاع درجات الحرارة، لذلك اضطر السكان إلى حفر الآبار التي تكون مياهها عذبة في بعض المناطق ومالحة في مناطق أخرى.

وتتميز تضاريس وأراضي جبل كزوان والمناطق الريفية المحيطة به بأنها صخرية، تستخدم النساء الحمير للذهاب إلى العمل والعودة منه، وأيضاً نظراً للطبيعة الصخرية للجبل فإن معظم المنازل التي تم بناؤها مصنوعة من حجارة الجبل.

ورغم أن فرص الحياة صعبة، ووسط كل هذه الصعوبات، فإن النساء يزرعن الأمل مع كل بذرة قطن أو قمح يزرعنها، مما يزيد من حبهن وارتباطهن بالأرض وينقلنه من جيل إلى أخر، فحب الأرض ليس بالأمر السهل وليس كل شخص يستطيع أن يقوم بذلك، وإن من يفهم الأرض بشكل أفضل ويكافح من أجلها هي المرأة.

الرفيقة الحقيقية والصادقة للأرض، المرأة العاملة والمكافحة التي تقدم جهدها من أجلها، ومن خلال هذه الشراكة، كونت النساء صداقة مع الأرض، والتي أصبحت صداقة استراتيجية ورابطاً قوياً، وكلما تعرضت للهجمات أصبحت صداقتهم أقوى.

الربيع هو موسم الزراعة

نجاح أحمد امرأة تبلغ من العمر 30 عاماً من قرية جعفر بجبل كزوان، تعمل ليلاً ونهاراً، تحدثت عن فصل الربيع وعن عملهم "بدأنا الآن بحصاد الثوم والبصل، وزراعة القطن، وفي الوقت نفسه، بدأنا بزراعة الخضراوات، إن الربيع موسم الزراعة التي تسير على ما يرام الآن، ولكن إذا ظهرت اليرقة التي تأكل الخضراوات، سيُفسد عملنا، لأنه عندما تظهر، ستأكل شتلات الخضراوات مثل الطماطم والباذنجان والفلفل من الأسفل".

 

قطع مسافة 15 كيلومتراً لجلب المياه العذبة

أوضحت نجاح أحمد أنهم يعانون من مشكلة المياه "نظراً لوجود مشكلة مياه، نسير عشرات الكيلومترات في القرية على ظهور الحمير حتى نصل إلى النبع، نعود إلى القرية حاملين معنا مياه الشرب والري، تسير النساء إلى النبع بأوانيهن التي وضعنها على ظهور الحمير في الحر والبرد".

لم تحصل نجاح أحمد، التي كانت تغطي وجهها بوشاح وترتدي قبعة للوقاية من أشعة الشمس، وترتدي قفازات أرجوانية لحماية يديها من التشقق، على نصيبها من الدراسة، معبرةً عن حسرتها "لم أذهب إلى المدرسة، ومنذ أن وعيت وحتى الآن وأنا أعمل في الزراعة، لم تكن هناك مدارس، ثم مُنعت الفتيات من الدراسة بسبب التخلف، ليس لديّ أحلام، حلمي أن أظلّ أعمل في الزراعة".

شرحت مراحل الزراعة وترتيباتها بالقول "سنزرع جميع أراضينا في هذه الأشهر، فبعد زراعة الخضراوات، سنزرع القطن، ثم سنبدأ بالترحال كون الأمطار لم تهطل هذا العام والأغنام جائعة، نزرع الأراضي لمدة 12 شهراً، ونذهب إلى الجبال في الشتاء لجمع روث الماشية والأغصان لاستخدامها في الطبخ وصناعة الخبز، أقوم حالياً بتجفيف الفول لأتمكن من زراعته العام المقبل بالإضافة لاستخدام غذاء في الشتاء".

قسم من عائلة نجاح أحمد يرعون الأغنام ويسافرون إلى مناطق حيث يتوفر فيها المرعى، في حين أن القسم الآخر في المنزل يقوم بالزراعة، وهكذا يخلقون التوازن.

ومن ناحية أخرى، تعمل النساء وأسرهن في البرية في صنع الطوب من الطين عندما تكون درجات الحرارة مرتفعة، وفي الوقت نفسه، يقومون بجز صوف الأغنام تحت ظلال الأشجار، وتعمل النساء بجد لتأمين الغذاء لفصل الشتاء، والحفاظ على نقاء ونظافة المناخ، وخلق بيئة نظيفة وصحية، ومن ناحية أخرى، تقوم النساء أيضاً بجمع الأغصان اليابسة من البرية، لا يوجد استسلام في قاموس حياة النساء؛ إنهن مثل عقارب الساعة لا يتوقفن عن العمل أبداً.