رغم النزوح إرادة الأطفال لا تُكسر
رغم تهجيرها من رأس العين/سري كانيه، تواصل الطفلة ميساء الخلف دراستها بإصرار، مستلهمة من والدتها التي تؤمن بأن العلم هو طريق الحرية، وتؤكد العائلة أن الاحتلال التركي فشل في كسر إرادة النساء والأطفال، فالأمل لا يزال حيّاً رغم اللجوء.

سوركل شيخو
تل تمر ـ ميساء الخلف طفلة يتيمة في الثامنة من عمرها، فقدت والدها خلال مشاركته في دحض داعش في دير الزور ضمن معركة "عاصفة الجزيرة"، ورغم أن والدها قاتل من أجل عالم آمن، لم تنعم ميساء بذلك السلام، إذ اضطرت للنزوح مع والدتها وشقيقها من رأس العين/سري كانيه إلى تل تمر في تشرين الأول/أكتوبر 2019، واستقروا في مدرسة تحولت إلى مأوى بدلاً من أن تكون مكاناً للتعليم.
رغم قسوة الظروف، تواصل ميساء الخلف دراستها في الصف الثالث، مستمدة الأمل من والدتها سناء الحمود، التي تكرّس حياتها لدعم أبناء الشهداء بصفتها عضوة في مجلس عوائلهم، وتحمل ميساء حقيبتها يومياً وتذهب إلى المدرسة أحياناً برفقة والدتها، متحدية آثار الحرب التي تركت بصماتها على وجهها الصغير.
تقول سناء الحمود أن ميساء الخلف كانت رضيعة عندما استشهد والدها، وأنها رفضت في البداية الذهاب إلى المدرسة بسبب خجلها وعدم معرفتها بأحد، لكنها وجدت في صديقاتها دافعاً للاستمرار، حلم والدها كان أن يرى ابنته متعلمة، وهو ما تسعى والدتها لتحقيقه بكل إصرار، مؤكدة أن التعليم هو طريق السلام الذي ضحى زوجها من أجله.
وأوضحتا أن الاحتلال التركي حرم الأطفال من الدراسة في مدينتهم، وإن ميساء كانت في عمر السنتين والنصف حين بدأت الهجمات، ما ترك أثراً نفسياً عميقاً ومع ذلك، تكمل طريقها حاملة إرث والدها وأمل المستقبل في قلبها.
واستحضرت سناء الحمود أهداف الاحتلال التركي التي تسعى لكسر إرادة النساء والأطفال، مؤكدةً أن تلك المحاولات باءت بالفشل، فرغم ظروف اللجوء القاسية والعيش في المدارس، لا تزال أحلامهم متقدة، وإرادة الأطفال هي امتداد لإرادة الأمهات "سنسير معاً على طريق العلم والمعرفة".
وشددت سناء الحمود على حق أهالي سري كانيه المحتلة في العودة إلى ديارهم، مشيرة إلى رغبتهم في وطن آمن يحترم حقوقهم، بعيداً عن الاعتداءات والحروب، وتمنت أن ينعم أطفالهم بحياة حرة ومستقرة، بعيداً عن الدمار الذي خلفته النزاعات.
وفي ختام حديثها، أكدت أن الطريق نحو مستقبل أفضل يبدأ بالعلم، معربة عن أملها بأن تصبح ميساء فتاة متعلمة وناجحة، تتعلم مهنة تخدم بها مجتمعها وتحقق حلم والدها الذي ضحى بحياته من أجل السلام.