ردود فعل دولية بعد إلغاء المحكمة الأميركية العليا الحق الدستوري في الإجهاض

أقرت المحكمة الأمريكية العليا بأن الإجهاض لم يعد حقاً عاماً، حيث ألغت المحكمة العليا القرار المتعلق بدستور عام 1973، وبات بإمكان الدول الآن سن قوانينها الخاصة.

مركز الأخبار ـ أثار قرار المحكمة الأميركية العليا، بإلغاء حق الإجهاض ردود فعل كثيرة، ووصف بأنه "انتهاك لحقوق المرأة الإنسانية والمساواة بين الجنسين"، مؤكدين أن صحة وحياة النساء باتت في خطر الآن.

ألغت المحكمة الأميركية العليا، أمس الجمعة 24حزيران/يونيو، القرار التاريخي المعروف باسم "رو ضد وايد" والذي صدر عام 1973 ليكرس حق المرأة في الإجهاض، وقالت أنه بإمكان كل ولاية أن تسمح بالإجراء أو أن تقيده كما ترى، كما كان سائداً قبل السبعينات.

وقالت المحكمة التي صوتت على القرار بأغلبية 6 أعضاء مقابل رفض 3 منهم، إن "الدستور لا يمنح الحق في الإجهاض، يُنقض (رو ضد وايد) وتعاد سلطة تنظيم الإجهاض إلى الناس وممثّليهم المنتخبين".

وفي أعقاب قرار المحكمة العليا، تم حظر الإجهاض فوراً في 13 ولاية هي: أيداهو، نورث داكوتا، يوتا، وايومنج، ساوث داكوتا، ميزوري، كنتاكي، تينيسي، أوكلاهوما، لويزيانا، أركنساس، ميسيسيبي وتكساس.

وكانت وايومنج الولاية الـ13 التي طبقت ما يسمى بـ"قوانين الزناد"، وهي قوانين كانت موضوعة لكن تفعيلها كان يتطلب حدثاً جوهرياً أو تحولاً كبيراً لدخول حيز التنفيذ، وهو ما تم بمجرد إلغاء قرار المحكمة العليا قانون "رو ضد ويد".

وبعد ساعات فقط من قرار المحكمة العليا، حظرت ولاية ميسوري الإجهاض دون استثناء للحمل الناتج عن الاغتصاب أو سفاح القربى، وكذلك فعلت ولاية ساوث داكوتا باستثناء الوضعيات التي تكون فيها حياة الأم في خطر.

وفي ولاية أوكلاهوما، أقر المشرعون خلال نيسان/أبريل الماضي مشروع قانون لتعديل صيغة "قانون الزناد" الذي وُضع لحظر عمليات الإجهاض في حال ألغت المحكمة "كلياً أو جزئياً" حكم قضية "رو ضد وايد".

وفي آذار/مارس الماضي، أصبحت كولورادو أحدث ولاية تُقنن الحق في الإجهاض، فيما يدرس المدافعون عن الإجهاض في الولاية مواصلة العمل لإجراء تصويت في عام 2024 لترسيخ الحق في الإجهاض بدستور الولاية.

وفي ولاية فيرمونت التي تكفل الحق في الإجهاض، قدم المشرعون تعديلاً لحماية الحق في إجراء الإجهاض بموجب دستور الولاية، وسيصوت الناخبون على هذا التعديل في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.

وتوجد في ولايات كونيتيكت وواشنطن ونيويورك قوانين سارية تمثل رداً مباشراً على القانون الصادر في ولاية تكساس بحظر الإجهاض بعد 6 أسابيع من الحمل.

وتقول مجلة "بولوتيكو" إن الحق في الإجهاض لا يزال مكفولاً في 29 ولاية حتى بعد القرار الذي اتخذته المحكمة العليا، الجمعة، وهي: ألاسكا، كاليفورنيا، كولورادو، كونيتيكت، ديلاوير، مقاطعة كولومبيا، فلوريدا، هاواي، إلينوي، إنديانا، ايوا، كانساس، مين، ماريلاند، ماساتشوستس، مينيسوتا، مونتانا، نبراسكا، نيفادا، نيو هامبشاير، نيوجيرسي، نيومكسيكو، نيويورك، أوريجون، بنسلفانيا، رود آيلاند، فيرمونت، فيرجينيا، واشنطن.

ووصفت المفوضة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشيليت قرار المحكمة العليا الأمريكية، الذي ألغى حكم "رو ضد وايد"، الذي كان نافذاً لخمسين عاماً والذي كان يضمن حق الإجهاض في جميع أنحاء البلاد، بأنه "ضربة كبيرة لحقوق المرأة الإنسانية والمساواة بين الجنسين".

وقالت ميشيل باشيليت في بيان إن القرار يمثل "نكسة كبيرة" للصحة الجنسية والإنجابية في جميع أنحاء الولايات المتحدة.

وبدوره قال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك بأن الصحة والحقوق الجنسية والإنجابية "هي أساس حياة تتسم بالاختيار والتمكين والمساواة للنساء والفتيات حول العالم".

وقال إن قدرة المرأة على التحكم فيما يحدث لجسدها ترتبط بشكل واضح بمكانتها والدور الذي تلعبه في المجتمع على نطاق واسع، سواء كفرد في الأسرة أو في مكان العمل أو في الحكومة.

كما شدد على أن الحقوق الإنجابية جزء لا يتجزأ من حقوق المرأة وحقوق الإنسان بشكل عام، وهي "مبدأ تدعمه الاتفاقيات الدولية".

وأشار كل من صندوق الأمم المتحدة للسكان ومنظمة الصحة العالمية إلى أن 45 في المائة من جميع عمليات الإجهاض حول العالم غير آمنة، مما يجعلها من المسببات الأساسية للوفيات بين الأمهات.

وقال صندوق الأمم المتحدة للسكان "سواء أكان الإجهاض قانونياً أم لا، فهو سيحدث في الغالب. إن البيانات تظهر أن تقييد الوصول إلى الإجهاض لا يمنع الناس من السعي إلى الإجهاض، بل يجعله ببساطة أكثر فتكا".

وتخوف صندوق الأمم المتحدة للسكان من حدوث المزيد من عمليات الإجهاض غير الآمنة في جميع أنحاء العالم إذا أصبح الوصول إلى عمليات إجهاض آمنة أكثر تعقيداً.

وشددت على أن "القرارات التي تعكس التقدم الذي تم إحرازه لها تأثير أوسع على حقوق وخيارات النساء والمراهقات في كل مكان".

ووفقاً لتقرير الصندوق عن حالة سكان العالم لعام 2022، فإن ما يقرب من نصف جميع حالات الحمل في جميع أنحاء العالم غير مقصودة، وقد ينتهي أكثر من 60 في المائة منها بالإجهاض.

وعبر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس غيبرييسوس، عن خيبة أمله إزاء قرار المحكمة العليا الأمريكية إلغاء الحق الدستوري في الإجهاض، وقال "أشعر بخيبة أمل، إذ أن حقوق المرأة يجب حمايتها. كنت أتوقع أن تحمي الولايات المتحدة مثل هذه الحقوق".

فيما قالت رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي إن المحكمة العليا تسلب الأميركيين حقوقهم وتخاطر بأمنهم وصحتهم، متعهدة بأن يواصل الكونجرس العمل على "التغلب على هذا التشدد وحماية الأميركيين" بعدما ألغت المحكمة حكم الإجهاض الدستوري، مشيرةً إلى أن "المحكمة العليا التي يسيطر عليها الجمهوريون حققت هدفها المظلم والمتشدد في نزع حق المرأة في أن تتخذ قراراتها حيال صحتها وسلامتها".

ووصف الرئيس الأميركي جو بايدن، القرار بأنه "خطأ مأساوي" نابع من "أيديولوجيا متطرفة"، معتبراً أنه "يوم حزين للمحكمة والبلد"، مشدداً على أن "صحة وحياة النساء في هذه الأمة في خطر الآن"، محذراً من أن حقوقاً أخرى قد تتعرض للتهديد مستقبلاً، مثل وسائل منع الحمل.

وتظاهر آلاف الأشخاص أمام مبنى المحكمة العليا بوسط العاصمة الأمريكية واشنطن احتجاجاً على قرار المحكمة بإلغاء حق الإجهاض.