قمة لمناهضة ختان الإناث في مصر تناقش الظاهرة وتوعي بآثارها السلبية
ختان الإناث واحدة من الظواهر التي عملت المؤسسات الحقوقية على مناهضتها بكل ما لديها من إمكانيات معتبرينها الجريمة الأكبر والأكثر تجذراً مجتمعياً لارتباطها بالثقافة السائدة والتي تستوجب تكاتف حقيقي للعمل على التوعية بخطورتها وتأثيرها السلبي على الفتيات
أسماء فتحي
القاهرة ـ أكدت مشاركات في قمة مناهضة ختان الإناث في مصر، على الحاجة الملحة لوضع حد للممارسات والعادات الضارة، مشددات على ضرورة تكثيف الجهود للقضاء على تطبيب ختان الإناث ومناهضته.
لمناقشة ما تم التوصل له في ملف ختان الإناث، والتوافق على آليات العمل واستعراض توابع تلك الممارسة على الأفراد والمجتمع وسبب بقائها عبر الأزمان المختلفة، نظم الاتحاد الدولي لجمعيات طلاب الطب بالشراكة مع اليونيسيف ومؤسسة مصر للصحة والتنمية المستدامة والمعونة الأمريكية، أمس الخميس 21 تموز/يوليو، قمة مناهضة ختان الإناث.
وسعى المؤتمر إلى مشاركة المعلومات الحديثة والإحصائيات وتبادل المعلومات من المنظور الاجتماعي والطبي العلمي، ومشاركة الممارسات وطرق عمل المؤسسات المعنية بهذا الملف لتكون بمثابة دافع وخبرة يتم نقلها لطلبة الطب كي يتمكنوا من الوقوف على مفهوم واضح تجاه مناهضة ختان الإناث وغيره من القضايا.
وقد عملت العديد من المؤسسات على مناهضة تشويه الأعضاء التناسلية للإناث لعشرات الأعوام في محاور مختلفة ولفئات معنية سواء كانوا فتيات وشباب، صغار السن، لتأهيلهم قبل الزواج بخطورتها، أو أمهات الآباء، وطلاب كليات الطب لإعدادهم لهذا الملف قبل التخرج استهدافاً لغلق الحلقة والأبواب على الراغبين في إجرائها.
والعمل مع طلاب الطب على تلك القضية تم منذ عام 2010 ولكنه زاد في الفترة الأخيرة نتيجة ارتفاع معدل ارتكاب تلك الجريمة وتم الإعداد لقمة ليلتقي جميع المهتمين بهذا الملف من جمعيات ومؤسسات لمناقشته والبحث عن سبل العمل الجماعي لوقف تلك الجريمة بتنظيم من الاتحاد الدولي لطلبة طب وشراكة اليونيسيف ومؤسسة مصر للصحة والتنمية المستدامة والمعونة الأمريكية.
العمل بنفس المسار الحالي سيقضي على تطبيب تشويه الأعضاء التناسلية
أشارت المدير التنفيذي للاتحاد النوعي لمناهضة الممارسات الضارة ضد المرأة والطفل رانده فخر الدين، أن المؤتمر كان من المقرر انعقاده بالتزامن مع اليوم الوطني لعدم التسامح مع تشويه الأعضاء التناسلية للإناث في حزيران/يونيو الماضي، لما له من أهمية في تلك القضية ومنع حدوثها بنسبة كبيرة في حال عزوف الأطباء عن ممارستها.
واعتبرت أن الأطباء يحتاجون لإدراك دورهم في مناهضة تلك الجريمة وأن عليهم واجب حيال منع حدوثها ومعالجتها، مشيرةً إلى أن نسبها لطبيب سبة في جبينه وأن المؤتمر ضم ممثلين من كليات طب بمختلف الجامعات من أغلب المحافظات لمناقشة أسباب استمرار تلك الممارسة وتطبيبها، فضلاً عن عوامل تحريمها وتجريمها وما عليهم من رسالة في المستقبل لمنع حدوثها.
ولفتت إلى أن واحدة من توصيات الدراسة الصادرة عن مركز تدوين لدراسات النوع الاجتماعي تضمنت توصية بتدريس تشويه الأعضاء التناسلية لطلبة كليات الطب وإضافة منهج خاص بذلك واعتباره أحد أخلاقيات المهنة مع ضرورة احتوائه على تجريمها في خطوة للتوعية بخطورتها على الفتيات بل والمجتمع كاملاً.
والعمل مع الطلبة والأطباء ليس وليد اللحظة فقد أكدت رانده فخر الدين، أنه بدأ من خلال برنامج "أطباء ضد الختان" خلال عام 2010 وبعده تم التوجه للطلبة، معتبرةً أن الفترة الأخيرة تطلبت زيادة العمل مع أطباء المستقبل بسبب زيادة عدد حالات الختان خاصة على يد الأطباء وهو الأمر الذي وصفته بـ "الفضيحة"، مشددةً على أن نسب تلك الجريمة لأطباء مصر إساءة كبرى استدعت إظهار العمل عليه وكذلك دور الرافضين لممارستها.
وعن موعد جني ثمار العمل على ملف تشويه الأعضاء التناسلية للإناث توقعت رانده فخرالدين، أنه في حال الاستمرار على نفس الخط والمستوى القائم يمكن القضاء على تطبيب تلك الجريمة خلال 5 سنوات وبالتالي تقليص حجم تلك الظاهرة بدرجة كبيرة لأن نحو 82% من عمليات الختان تتم على يد الأطباء.
وشددت على أنه من يقوم بتلك الجريمة هم قلة من الأطباء ولكن لأعداد كبيرة من الحالات ولا يحرص من يقوم بتلك الممارسة على مصلحة المريض بقدر رغبته في الربح والإبقاء على تزايد عدد زوار عيادته، لذلك يجب وضع حد لهؤلاء لما يقومون به من تخريب متعمد بل ومساهمتهم في إرساء عادات ضارة على المجتمع، وهو الأمر الذي جعل القانون نفسه يضع عقوبة مختلفة للفريق الطبي.
توعية الطلبة بخطورة تشويه الأعضاء التناسلية بوابة الخلاص
من جانبها قالت رئيس الاتحاد الدولي لجمعيات طلاب الطب في مصر منة ياسر، إنهم رابطة تجمع الطلاب في جميع أنحاء مصر وعملهم على مناهضة تشويه الأعضاء التناسلية للإناث يرجع لرغبتهم في منع ارتكاب تلك الجريمة لأن امتناع الأطباء قد يكون بوابة الخلاص من هذه الظاهرة المؤسفة التي تجني على الفتيات في سن صغير بلا إرادة أو رغبة أو سند يبرر ذلك.
والأمر كما تراه منة ياسر، لا يتعلق فقط بتوعية أطباء المستقبل بعدم إجراء تلك الجريمة بل يكمن في التأكيد على أهمية دورهم المجتمعي في مناهضة تشويه الأعضاء التناسلية للإناث، وما عليهم من مسؤولية شرح تبعات تلك الجريمة وخطورتها على الفتاة بعد رفض إجراء الجراحة، ومحاولة إثناء الأسرة المقبلة على ذلك الجرم عن هذا الفعل بالأسانيد العلمية.
ولفتت إلى أن العمل على مناهضة ختان الإناث ليس وليد اللحظة بل بدأ منذ نحو 10 سنوات، مشيرةً إلى أن المؤتمر جاء لجمع طلبة الطب والتمريض ومختلف العاملين بالقطاع الصحي والمنظمات والهيئات العاملة على ملف ختان الإناث الأهلي منها والرسمي بل وممثلين عن جميع الفئات المهتمة والمعنيين بتلك القضية ليتم تسليط الضوء بشكل أكبر على هذه الظاهرة المتجذرة مجتمعياً تمهيداً لطريق الخلاص منها.
وأكدت على أنه لا يمكن إغفال أزمة تطبيب ختان الإناث فهناك نحو 4 من كل 5 فتيات تم تشويه أعضائهن التناسلية على يد أطباء أو عاملين في القطاع الصحي، مشيرة إلى أنهم في قمة المناهضة استهدفوا مناقشة جميع مضار تلك القضية وبحثها بشكل متكامل مع العمل على توعية الطلاب، فضلاً عن استعراض الحضور لمحاور عملهم وخبراتهم والنتائج الايجابية التي توصلوا لها في طريقهم نحو مناهضة تلك الجريمة.
وأشارت إلى أنهم سبق ووقعوا بروتوكول تعاون مع مركز تدوين لدراسات النوع الاجتماعي وشاركوا في إعداد دراسة عن طلبة الطب وموقفهم من ظاهرة ختان الإناث وكان لها دور كبير في إيضاح مناطق الضعف التي تحتاج لعمل دؤوب عليها مع الطلبة خاصة فيما يتعلق بالتوعية الذي تحتاج لتكاتف ووقت لإنجازها.
عمليات الترميم مكلفة إلا أن التأهيل النفسي أفضل
قالت الطالبة في كلية طب جامعة عين شمس شاهندة طارق، وهي أحد منظمي قمة مناهضة الختان، إنهم عملوا على هذا المشروع على مدار عاماً كاملاً وخلال ذلك لمسوا أن أحد أهم أسباب تلك الجريمة تكمن في الممارسات الطبية ذاتها لذلك فالطلبة هم المعنيين بالأساس بتلك الأزمة ومن ثم قرروا الانطلاق نحو التفاعل مع الأمر من خلال توعيتهم وكذلك طلبة التمريض.
وأوضحت أن توعية الطلبة بخطورة تشويه أعضاء الإناث التناسلية جاء نتيجة نقص الوعي بتبعات تلك الجريمة وآثارها الضارة، مؤكدةً على أن الأمر بات يتطلب تدخل من الجهات المعنية بتضمين تلك الظاهرة في المناهج لأن الكثير من الطلبة وفق دراسة تمت مؤخراً لا يعلمون ذلك بل ولديهم الرغبة والاستعداد لمثل هذه الممارسات مستقبلاً.
واعتبرت أن التجمع في كيان واحد لمناهضة الختان يزيد من حجم النجاح، مشيرةً إلى أن السبب في عقد القمة المناهضة للظاهرة؛ الرغبة في جمع العاملين في الملف للاضطلاع على ما وصلوا له في تلك القضية، والوقوف على آخر مجريات العمل عليه، لافتةً إلى أن تطبيب الختان يرجع للأفكار المحفورة في ذهن الطبيب من المجتمع المحيط به لأنه جزء من هذا الكيان العام ويعبر عنه بتربية وتقاليد وعادات جانب منها راسخ في عقله لا يمحيه الوعي بالقدر المتوقع ويحتاج لجهد من أجل تصويب أفكاره.
أما عن عمليات الترميم فقد أكدت شاهندة طارق أنها موجودة ولكنها مكلفة للغاية وتتوفر في أماكن قليلة وتحتاج لقدرة مالية بالأساس، موضحةً أن علاج توابع الختان المتعايشات معه يحتاج إلى التأهيل النفسي والتعليم الجنسي لدورهم في تخطي الأزمة بدرجة تصل لنحو 90% وهذه الأدوات متوفرة في الكثير من المراكز.
وأرجعت حل أزمة تطبيب الختان إلى طبيعة ما يدرسونه، موضحةً أن المناهج الدراسية تخلو تماماً من الحديث عن خطورة تلك الجريمة أو شرح وافي لكونها لا تعد جراحة من الأساس كباقي الجراحات الطبية، فضلاً عن نقص القائمين على توعية الطلبة قبل التخرج خلال الفترة السابقة.
والجدير بالذكر أن الاتحاد الدولي لجمعيات طلبة الطب في مصر ممثل في نحو 27 فرع في كليات الطب على مستوى مصر يعملون على توعية الطلبة من اللقاءات التشاركية والخاصة بتنمية الصحة المجتمعية.