قلق دولي بشأن حقوق النساء... عقارب الساعة في أفغانستان تعود إلى الخلف
تصاعد القلق من فقدان المرأة في أفغانستان حقوقها التي اكتسبتها، بعد عودة حركة طالبان إلى السلطة، وتجربة الحكم الأولى للحركة، فعلى الرغم من إعلانها أنها ستصبح أكثر اعتدالاً، إلا أن قتل النساء مازال مستمراً، لتعود عقارب الساعة في أفغانستان إلى الوراء
![](https://test.jinhaagency.com/uploads/ar/articles/2021/08/20220306-54482314545454-jpg4fe529-image.jpg)
مركز الأخبار ـ .
عبرت الولايات المتحدة الأمريكية و20 دولة وكتلة أخرى، خلال بيان مشترك نشرته وزارة الخارجية الأميركية أمس الأربعاء 18آب/أغسطس، عن "قلقها" بشأن حقوق النساء والفتيات في أفغانستان، ودعت "من هم في السلطة" حالياً إلى "ضمان حمايتهن".
ووقعت على البيان المشترك كل من الولايات المتحدة، المملكة المتحدة وأستراليا والاتحاد الأوروبي والنرويج ودول أخرى حول العالم، قالوا فيه "نحن قلقون للغاية بشأن النساء والفتيات الأفغانيات، وحقوقهن في التعليم والعمل وحرية التنقل، وندعو من هم في مواقع القوة والسلطة في جميع أنحاء أفغانستان إلى ضمان حمايتهن".
وأوضحت الدول الموقعة "تستحق النساء والفتيات الأفغانيات، مثل كل الشعب الأفغاني، العيش في أمان وأمن وكرامة، يجب منع أي شكل من أشكال التمييز وسوء المعاملة، نحن في المجتمع الدولي على استعداد لمساعدتهن بالمساعدات الإنسانية والدعم، لضمان سماع أصواتهن".
وأكدت الدول الموقعة أنها "ستراقب عن كثب كيفية ضمان أي حكومة مستقبلية الحقوق والحريات التي أصبحت جزءاً لا يتجزأ من حياة النساء والفتيات في أفغانستان خلال الـ 20 عاما الماضية".
فيما أعربت منظمة هيومن رايتس ووتش، عن مخاوفها من عودة طالبان إلى السلطة، قائلة إن "النساء الأفغانيات تجدن أنفسهن في موقف يتعذر الدفاع عنه في البحث عن مساعدة المجتمع الدولي".
وأكدت على أن توسع طالبان يهدد الحماية القانونية الضرورية للنساء، مشددة على أنه "بقدر ما كانت انتهاكات طالبان ضد النساء عام 2001 صادمة، إلا أنها أصبحت أكثر من ذلك الآن".
واعتبرت أن "الوقوف إلى جانب النساء الأفغانيات في كفاحهن، وإيجاد الأدوات للضغط على طالبان والإرادة السياسية للقيام بذلك، هو أقل ما يمكن للمجتمع الدولي أن يفعله".
وسيطرت حركة طالبان على كامل أفغانستان، الأحد 15آب/أغسطس، بعد أسابيع من التقدم السريع داخل البلاد عقب انسحاب القوات الأمريكية.
ودعت الناشطة الباكستانية ملالا يوسفزي (24 عاماً)، وهي أصغر فائزة بجائزة نوبل في العالم، قادة الدول لاتخاذ موقف جريء لحماية حقوق الإنسان، مؤكدة على وقوفها إلى جانب النساء الأفغانيات.
وأعربت عن قلقها بشأن الحياة في ظل حكم طالبان، وكيف ستتأثر النساء الأفغانيات باستيلاء الأخيرة على السلطة، خاصة بعد ورود تقارير في الأيام الأولى من توغل طالبان في المدن الأفغانية "تفيد بأنه تم إبلاغ الطالبات بالعودة إلى المنزل وطلب من الفتيات اللواتي تتراوح أعمارهن بين 12 و 15 عاماً الزواج".
وحذرت سفيرة إيرلندا لدى الأمم المتحدة جيرالدين بيرن ناسون، هذا الأسبوع، من "تقارير متعددة وذات مصداقية عن إعدامات بإجراءات موجزة، الزواج القسري، العنف الجنسي، والعنف القائم على النوع الاجتماعي".
وأثارت سيطرة الحركة على السلطة مخاوف بشأن أوضاع النساء والفتيات بعد تجربة الحكم الأولى للحركة بين عامي (1996 ـ 2001)، حيث منعت النساء من العمل والفتيات ما فوق سن الثامنة من تلقي التعليم، وألزمت النساء بارتداء النقاب وعدم الخروج بغير محرم.
ورغم أن قادة طالبان تعهدوا باحترام حق المرأة في العمل والتعليم، إلا أن ناشطين ودبلوماسيين أخذوا هذه التصريحات بحذر، كما ويخشى مراقبون من أن الوعود الأخيرة من المحتمل أن تكون مؤقتة ريثما تكسب حكومتهم تأييداً دولياً.
مكاسب على مدى 20 عاماً
بحسب آخر التقارير والإحصائيات الرسمية، فإن النساء ومنذ سقوط آخر حكومة لطالبان قبل 20 عاماً، اكتسبن العديد من حقوقهن، منها التعليم.
فبحسب آخر تقارير منظمة هيومن رايتس ووتش التي نشرتها في آب/أغسطس الجاري، ارتفع عدد الفتيات الملتحقات بالمدارس الابتدائية في أفغانستان من 10% في عام 2003 إلى 33% عام 2017، بينما بلغت نسبة الفتيات اللواتي التحقن بالمدارس الثانوية 39% عام 2017، بعدما كان 6% عام 2003، كما بدأت جامعة كابل تدريس درجة الماجستير في دراسات النوع الاجتماعي والمرأة عام 2015.
وفي مجال العمل، ارتفع عدد النساء العاملات من 15% عام 2001 إلى 22% عام 2019، وانخرطن في العديد من المجالات التي حرمن منها سابقاً، حتى في الصحافة وإنفاذ القانون.
أما من الناحية الحقوقية، فقد أصدرت الحكومة الأفغانية قانون القضاء على العنف ضد المرأة عام 2009، الذي حظر 22 انتهاكاً ضد المرأة، بما في ذلك الاغتصاب والضرب والزواج القسري، وأنشأت محاكم خاصة تتولاها نساء قضاة.
كما أنهن لعبن أدواراً رئيسية في المجال السياسي، حيث شغلت سهيلة صديق منصب وزيرة الصحة عام 2001، وأصبحت حبيبة سرابي أول امرأة تشغل منصب حاكم عام 2005، فيما كانت ظريفة غفاري أول امرأة تتولى رئاسة بلدية في عام 2008.
وفي عام 2018 تنافست 417 مرشحة على المقاعد النيابية في جميع أنحاء البلاد، وقبل سيطرة طالبان على البلاد بشكل كامل، شغلت النساء 27% من المقاعد في مجلس النواب بالبرلمان.
الموت أو ارتداء النقاب
وبالرغم من الوعود التي قدمتها طالبان على حد قول مدير العمليات الميدانية في "اليونيسيف" مصطفى بن مسعود، بمنح النساء والفتيات حق التعليم وحمايتهن وحثهن للانضمام إلى "الحكومة المستقبلية"، وكذلك ارتدائهن الحجاب الذي يغطي الرأس والشعر ولكنه يسمح برؤية الوجه، إلا أنهم نقضوا عهدهم وقتلوا امرأة لعدم ارتدائها النقاب الذي يغطي الوجه كاملاً.
وبحسب ما أفادت به وكالة رويترز للأنباء، فأنها تلقت تقارير تفيد بأنها طالبان وبينما اجتاحت افغانستان، اجبرت "النساء في الأراضي التي تم الاستيلاء عليها حديثاً على الزواج من مقاتلين، وجلدهن علناً، وإجبارهن على البقاء في المنزل".
كما أن الحركة باشرت مع دخولها العاصمة كابول إلى إزالة صور النساء من واجهات المحلات التجارية والصالونات.
وبحسب ما أشارت إليه شبكة "فوكس نيوز" الأمريكية، أنه في الوقت الذي تعهدت فيه الحركة خلال مؤتمر صحفي أمس الأربعاء 18آب/أغسطس، باحترام حقوق المرأة، كان مقاتلوها يطلقون النار على امرأة في ولاية تخار، بسبب خروجها دون ارتداء النقاب، مما أدى إلى مقتلها، وهو ما ظهر في صورة وصلت للشبكة.
وتقف النساء والفتيات في أفغانستان أمام ممر ومصير مجهول، لا يعلمون ما الذي ينتظرهم في نهاية ذلك الممر، حيث سيتعين عليهن الانتظار ليروا كيف ستكون الحياة في ظل حكم طالبان مع استمرار المخاوف وانعدام الأمن والأمان، وفي استفسار دائم هل سيخسرون حقوقهن التي اكتسبنها بشق الأنفس خلال 20 سنة الماضية.