قانون العاملات في تونس لا ينصف حقوقهن

اختتمت أمس فعاليات الندوة الدولية التي أقامتها الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات احتفالاً باليوم العالمي للمرأة تحت عنوان "النسوية التقاطعية والنسوية الكونية تعدد الرؤى وتنوعات الواقع" بحضور عدد من الناشطات والحقوقيات.

نزيهة بوسعيدي

تونس ـ دعت النسويات المشاركات في الندوة الدولية للنساء الديمقراطيات، المجتمع المدني لوضع خطة مناصرة للعاملات الفلاحات والضغط على الحكومة لإنهاء معاناتهن.

في أطار الاحتفال باليوم العالمي للمرأة اختتمت أمس السبت التاسع من آذار/مارس، الندوة الدولية التي أقامتها الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات تحت عنوان "النسوية التقاطعية والنسوية الكونية تعدد الرؤى وتنوعات الواقع" والتي استمرت ليومين بحضور عدد من الناشطات والحقوقيات.

وكان مضمون الورشة الثانية ضمن الندوة هو تناول الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للعاملات في تونس اللواتي تعملن يومياً وتذهبن إلى الحقول بواسطة شاحنات حمل البضائع والحيوانات وبعد يوم شاق تتقاضين أجراً لا يتماشى مع حجم التعب، هذه الشريحة الهامة بالمجتمع التونسي.

وقالت الناشطة النسوية فتحية حيزم لدى مشاركتها في هذه الورشة، أن عاملات المحار لسن عاملات بل هن نساء تعملن ولكن الوسطاء هم الذين ينتفعون، وبالنسبة لعاملات الفلاحة فإن الحكومة مطالبة بأن تتحمل مسؤوليتها في تنظيم المهنة، مضيفةً أنه يجب توفير الارادة السياسية لحل مشاكلهن وتمكينهن وتوفير آراض دولية وقروض ميسرة مع طول مدة الاسترجاع لاستغلالها.

وقالت منيرة بن صالح منسقة عاملات الفلاحة بمعتمدية جبنيانة بأن "العاملة الفلاحية سواءً في معتمدية جبنيانة أو في جميع أنحاء البلاد لديها العديد من المشاكل فهي تعاني من النقل غير الآمن وغياب التغطية الاجتماعية والصحية وغياب المساواة في الآجر مع الرجل رغم آنها تعمل بمجال يعزف عنه ولذلك أصبحنا نتحدث عن نسبة غالية للعاملات الفلاحات".

وأشارت إلى أن العاملة الفلاحية تعاني من استغلال الفلاح ثم الوسيط فهي تتقاضى 20 ديناراً من الفلاح والوسيط يخصم بين 5 ـ 6 دنانير في اليوم، موضحةً أن العاملة تعاني من مشاكل صحية بسبب استعمال المبيدات بطرق غير محمية وما ينجر عنها من تشوهات وأمراض تصل إلى الإصابة بالسرطان.

وأوضحت منيرة بن صالح أن العاملة الفلاحية غالباً ما تصاب بسرطان الجلد بسبب العمل في درجة حرارة بلغت 50 درجة بالبيوت المحمية خلال شهر آب /أغسطس، لافتةً إلى أن العاملة الفلاحية تعمل يومياً في ظروف صعبة ودون أية ضمانات أو تغطية ويضعون في مكان العمل ببطاقة الهوية عبارة "لا شيء".

وتساءلت هل هذا معقول؟ وهي التي تساهم في توفير الغذاء اليومي للتونسيين ويمكن تصور ماذا يمكن أن يحدث لو أضربن عن العمل ليوم واحد، مضيفةً أن العاملة الفلاحية لها مسؤوليات العائلة والزوج وهي مطالبة إلى جانب الأعمال الفلاحية القيام بشؤون المنزل مما يثقل كاهلها وينهك صحتها وعندما تصل إلى مرحلة الشيخوخة تجد نفسها غير قادرة على العمل بدون مورد رزق فتكون بدايتها تعيسة ونهايتها تعيسة. 

وأكدت أن الاهتمام بملف العاملات الفلاحيات يجب أن يخرج عن التناول المناسباتي على غرار اليوم العالمي للمرأة وعلى الجمعيات والمنظمات والاتحاد التونسي للعمل أن يهتموا بهذا الملف "العاملة الفلاحية تعاني من الاضطهاد المعنوي والنفسي والاقتصادي والتقاطع الذي تحدثنا عنه في هذا الملتقى يجتمع في العاملة الفلاحية ولو أصلحنا حالها فإن وضع البلاد سوف يصبح أحسن".

 

 

من جانبها قالت عضوة الهيئة المديرة للجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات والمشرفة على لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية صبرية الفريخة إن "هذه الندوة جاءت استجابة لإشكاليات عديدة طُرحت نقدٍ تم توجيهه للجمعية واعتبارها جمعية نخبوية تدافع عن مجموعة من الحقوق السياسية للنساء بينما الجمعية دأبت منذ نشأتها على الاهتمام بالعديد من القضايا والمجالات التي تعاني منها النساء من كل أشكال التمييز منها السياسي والاقتصادي والعنف الاقتصادي والهشاشة.

وأوضحت أنه "قمنا بأعداد دراسة لعام 2013 حول العاملات الفلاحيات وكانت دراسة ميدانية استوجبت نتائجها طلب المناصرة بحثاً عن حلول تنهي معاناتهن وكنا مؤثرين فجاء قانون نقل العاملات ولكن للأسف لم يدخل حيز التنفيذ ولم تهتم الدولة بتطبيقه بكل مؤسساتها ولم يهتموا بتفعيل النقاط التي جاءت في البروتوكول.

وأشارت إلى أنه "تم اعداد دراسة حول عاملات المنازل وقدمنا جملة من الاقتراحات لتحسين وضعهن الاجتماعي من حماية اجتماعية ومساواة للأجر واحترام حقوقهن وكرامتهن ولكن مازال هذا القانون غير محترم وتعاني العاملات من الهشاشة".

وفي سياق متصل أشارت إلى أن الأزمة الاقتصادية والاجتماعية تزداد تعمقا، وظهرت فئة جديدة من المهمشين/ات إضافة إلى أزمة الصحراويين/ات التي أخذت حيزاً كبيراً من اهتمامنا ومناصرتنا لهم، مضيفةً أن "هذه الإشكاليات تتنزل في أطار أزمة سياسية تعيشها البلاد، والتي سوف تلقي بظلالها على الاقتصاد لأنه أذا كان الوضع السياسي غير مستقر والخيارات غير ملائمة وتابعة لصندوق النقد الدولي وانعكاساته فسوف نعيش أزمة خطيرة جداً على الفئات الضعيفة والمفقرة ومن بينهن النساء".

وأضافت "نحتاج خطة مناصرة نوحد فيها جهود جمعيات المجتمع المدني وندفع الاتحاد العام التونسي للعمل أن يكون شريكاً لنا والمنتدى الاقتصادي والاجتماعي باعتبار قدرته على جمع كل هذه القضايا الاقتصادية وهذه الخطة ستكون مبادرة من الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات لحلفائها وشركائها من أجل الضغط على السلطة لدفع تفعيل القوانين وحماية حقوق المهمشات من النساء في كل المجالات".

وبينت أنه "عملنا في العام الماضي على تأسيس ما سمي بمجلس نساء تونس وكان له صدى كبير وتعهدنا كجمعيات نسوية ونسائية وكخبراء/ات أن يكون هذا المجلس منبراً لنقاش القضايا الحارقة سواء منها السياسية والمدنية والاقتصادية، ولكن ما حصل هو أننا في خضم الازمات المتتالية والعنف المسلط على النساء السياسيات والناشطات السياسيات الذي استنزف طاقتنا من تحقيقات وغيرها وخاصة تأثرنا وحزننا الكبير على صديقتنا الراحلة أحلام بلحاج".

وأكدت أنه "تأخرنا ونقولها ونحن واعون بذلك عن انجاز التوصيات وإدخالها حيز العمل في اطار استراتيجية مناصرة فكان الثامن من آذار بمثابة تواصل لمجلس نساء تونس، خاصة اليوم الثاني باعتبار أن اليوم الأول طرحنا فيه فكرة التقاطعية بصفة عامة وقدمنا اهتمامات مختلفة للنساء بتعددهن واختلافهن واليوم الثاني تم التطرق إلى هيكل مجلس نساء تونس وعدنا للتوصيات ومخرجات المجلس وننطلق اليوم من خلال ورشتين ورشة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والورشة السياسية للمضي قدما في رسم خطة مناصرة من أجل الضغط على مؤسسات الدولة لأدراج حقوق النساء في برامجها القادمة من بين ذلك تفعيل القوانين وجندرة الميزانية وغيرها وربما الورشات تعطينا اقتراحات وأفكار نقدمها في ابانها للأعلام".