"قافلة بين سينمائيات"... مبادرة نسوية تبرز مساهمات المرأة في السينما

"قافلة بين سينمائيات" مبادرة مستقلة تديرها مجموعة من مخرجات وصانعات ومنسقات الأفلام، وتسعى إلى خلق شبكة دولية من صانعات الأفلام من مناطق مختلفة حول العالم.

سوزان أبو سعيد

بيروت ـ عرض مهرجان "قافلة بين سينمائيات" الذي احتضنته مدينة طرابلس اللبنانية، ثلاثة أفلام للمخرجات تناول اثنان منها قضايا النساء من حيث النظرة النمطية للمرأة، والعلاقات والخيارات التي تواجه النساء.

أختتم المهرجان السينمائي الذي نظم من قبل "قافلة بين سينمائيات"، أمس الجمعة 9 أيلول/سبتمبر، بمدينة طرابلس، لتسليط الضوء على أعمال سينمائية من إخراج نساء، عرض خلالها ثلاثة أفلام لمخرجات من فلسطين والمغرب وكوريا الجنوبية.

وقد امتد المهرجان في مدينة طرابلس على مدى ثلاثة أيام، وهو الثاني من نوعه في لبنان بعد المهرجان السينمائي الذي نظم في العاصمة بيروت وفي صيدا عام 2019، بعد تنقل القافلة بين أكثر من 50 مدينة حول العالم.

وعرض في اليوم الأول من المهرجان السينمائي، الفيلم الروائي "أخوات السرعة" للمخرجة الفلسطينية عنبر فارس والذي يعبر عن رؤية ونظرة المخرجة للمجتمع الفلسطيني في المناطق التي تسيطر عليها السلطة الفلسطينية، والصراع الفكري الدائر والنضال الحقوقي السياسي النسوي الفلسطيني وأحلامهن بعدالة سياسية واجتماعية عبر قصة خمسة نساء مغامرات، تمردن على المجتمع وحاولن شق طريقهن في عالم سباق السيارات في الشوارع الفلسطينية، وجرى نقاش بعد انتهاء الفيلم مع المخرجة عبر تطبيق الزوم.

أما الفيلم الروائي الذي عرض في اليوم الثاني من المهرجان جاء تحت عنوان "على الحافة" للمخرجة المغربية ليلى كيلاني.

ويوثق الفيلم قصة 4 نساء، وهم بادية وإيمان ونوال وأسماء، تعشن مرحلة انتقالية بين المراهقة والنضج، تزامناً مع التحول الذي تشهده مدينتهم طنجة بتحولها لمنطقة حرة لتصنيع البضائع الأوروبية، حيث تكافحن خلال النهار لتتمكن من البقاء على قيد الحياة بالعمل بين معامل النسيج والقريدس، بهدف الانتقال من الزمان والمكان وعبر المدينة بإيقاع متهور، وقد نال الفيلم ومخرجته وممثلاته جوائز عدة منذ عرضه لأول مرة عام 2011.

أما الفيلم الثالث فهو فيلم وثائقي جاء تحت عنوان "أن أصبح من كنت في الماضي" للمخرجتين الكوريتين جن جون وشانغ يونغ- مون، عرض للمرة الأولى عام 2017، يتناول الفيلم قصة فتى بوذي في مرتفعات شمال الهند اكتشف أنه تجسيد لراهب تبتي عمره قرون، ليأخذه عرابه في رحلة طويلة عبر مناظر طبيعية لاكتشاف ماضيه.

 

العالم من خلال أعين النساء

وقالت مؤسسة القافلة آمال رمسيس من مصر لوكالتنا "منذ تأسيس بمناسبة مهرجان القاهرة الدولي لسينما المرأة في عام 2008، تحاول هذه المبادرة النسوية خلق شبكة فنية ثقافية للتعاون بين مخرجات من العالم العربي والعالم، ونحاول أن نرى العالم من خلال أعين النساء ومن وجهات نظرهن، وقد عرضنا خلال جولتنا في طرابلس ثلاثة أفلام، نحاول التعاون عند زيارة القافلة لأي بلد مع مجموعة من السينمائيات لتنظيم النشاط، وقد تعاونا مع صديقات منهن فرح نابلسي وهي جزء من القافلة والمخرجة جوسلين أبي جبرائيل وقد تمكنتا من النجاح في تنظيم هذا المهرجان في طرابلس".

وحول الهدف الأساسي من القافلة أوضحت "تتضمن القافلة عروض أفلام من إخراج نساء، وليس بالضرورة أن تخص قضايا النساء، بل يمكن أن تخص أي من قضايا العالم، والأهم كسر الصورة النمطية للمرأة العربية في المجتمعات التي تعيش بها، وليس بعلاقتها بالعالم الخارجي فحسب، بل لدى الصورة النمطية التي توجد داخلهن تجاه العالم والقضايا المختلفة، لذا نحاول اختيار الأفلام التي تشكل وعياً من نوع مختلف، أفلام تتكلم مع عقولنا، وليس كما أعتدنا عليها لجهة الأفلام التجارية، بل نحاول اختيار أفلام فيها لغة سينمائية عالية، وثم التعامل والعمل عليها بطرق مختلفة".

 

 

من جهتها تمنت منسقة المهرجان والعضو في القافلة فرح نابلسي استمرار القافلة بعروض في بيروت وصيدا ومناطق عدة من لبنان، وفي بلدان أخرى في الوطن العربي والعالم.

 

 

أما المخرجة جوسلين أبي جبرائيل، فأشارت إلى أن "المهرجان عرض في صيدا وبيروت، واقترحت بضرورة عرض المهرجان في طرابلس، وتضمن أفلام من فلسطين والمغرب والثالث من كوريا الجنوبية، لمخرجات نسائيات، والفيلمين الأولين روائيين بينما الثالث وثائقي لمخرجة كورية، وقد تفاعل الجمهور مع الفيلم الأول الذي تناول قصة نساء يمارسن سباق السيارات، والثاني وهو قصة نساء تعملن لتأمين لقمة عيشهن، أما الثالث فهو فيلم وثائقي جاء تحت عنوان (أن أصبح من كنت في الماضي)".

 

 

وقالت إحدى الحاضرات في المهرجان جاد تيليي من فرنسا وهي من جمعية خيرية تعنى بالطفل والنساء، بأن "اهتمامها بالجانب الثقافي في لبنان، قد تمت تلبيته عبر مشاركتها في المهرجان، وخاصة الفيلم الذي يروي قصة طفل هندي في الجانب القريب من منطقة التبت".

 

 

"قافلة بين سينمائيات"

تسعى مبادرة "قافلة بين سينمائيات" من خلال الإضاءة على مساهمات المرأة في السينما العربية والعالمية، تحقيق المساواة بين الجنسين والتعددية الثقافية، ومتابعة القضايا التي تطرحها مخرجات من كافة أنحاء العالم وخصوصاً تلك المتعلقة بالنساء، عبر مهرجانات سنوية حضورية وفي الفضاء الافتراضي، يتبعه نقاش ولقاء مع المخرجات، على موقع المبادرة.

كما وتقوم القافلة بورش عمل متعددة، منها البرنامج المتنقل، حيث يتم اختيار حوالي 15 فيلماً دولياً لعدد من المخرجات سنوياً ويتم ترجمتها إلى اللغتين العربية والإسبانية وعرضها في بلدان مختلفة على مدار العام.

ونظمت القافلة خلال السنوات الأربع عشرة الماضية أكثر من 60 أسبوعاً لعرض الأفلام في بلدان من بينها مصر، لبنان، سوريا، الأردن، المغرب وبلدان أخرى من المشرق العربي بالإضافة إلى إسبانيا، ألمانيا، بوليفيا، غواتيمالا، الأرجنتين، وغيرها.

بالإضافة إلى ورش تدريبية منها ورشة الأفلام الوثائقية الإبداعية لصانعات الأفلام وهي برنامج تدريبي يمتد على مدى عام في مدينة القاهرة في مجال الفنون السمعية والبصرية بهدف تدريب وتحسين مهارات وقدرات المخرجات النساء ولا سيما الشابات على التقنيات الفنية في الإخراج والمونتاج والتصوير السينمائي والإنتاج، وهناك ورشة عمل تطوير الفيلم الوثائقي الإبداعي وهي لمدة سبعة أشهر موجهة لمخرجات وصانعات أفلام من مصر، وحديثات الانضمام لهذا المجال، بهدف تلقي دروساً متقدمة في إخراج ومونتاج وإنتاج وتصوير الأفلام الوثائقية الإبداعية، وورش تدريبية مثل عمل المونتاج الأولي، وفيلم الدقيقة الواحدة، وهي موجهة للنساء الحديثات أو اللواتي لا تتمتعن بخبرة في صناعة الأفلام القصيرة للإضاءة على قضايا تهمهن.