نسويات: نرفض المسار الذي لا يعترف بالنساء

عبّرت الجمعيات النسوية ومنظمات المجتمع المدني خلال مسيرة احتجاجية بالعاصمة تونس، بمناسبة الذكرى الثانية عشرة للثورة، عن رفضها استمرار تهميش المرأة، وطالبت بالإسراع في تعديل المراسيم التي ظلمت النساء وعرقلت حرية التعبير والفكر.

زهور المشرقي

تونس ـ نظمت الأحزاب السياسية التونسية المعارضة ومنظمات المجتمع المدني بشارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة تونس، مسيرات احتجاجية منفصلة أجمعت جلّها على ضرورة رحيل المنظومة السياسية الحالية وإعادة الاحتكام إلى الدستور السابق وتعديل القانون الانتخابي الذي نسف مبدأ التناصف بين الجنسين.

من أمام النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، انطلقت أمس السبت 14كانون الثاني/يناير، مسيرة منظمات المجتمع المدني والجمعيات النسوية حتى وصلت إلى شارع الثورة، ورفع المتظاهرين شعارات مناهضة للميسوجينية ولإقصاء النساء من الحياة السياسية ومنددة بالمرسومين عدد54 و55.

وقالت رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، نائلة الزغلامي لوكالتنا إن "14كانون الثاني هو عيد الثورة تماماً كيوم 17 كانون الأول الذي انطلقت فيه شرارة الثورة عام 2010، وجاء الاحتجاج انتصاراً لهذا الموعد التاريخي الذي عاشته تونس"، معتبرة أن مشاركة الجمعية هي تأكيد على التمسك بالحقوق والحريات وإصراراً أيضا على تجسيد المساواة والعدالة الاجتماعية، في ظل غلاء المعيشة الذي مسّ مختلف الشرائح المجتمعية.

وأشارت إلى أن الاحتجاج تضمّن رسالة إلى الطبقة السياسية مفادها "من واجبنا ممارسة حقنا الدستوري في الاحتجاج في شارع الثورة ولا يزال الشارع ملكنا ولن يثنينا المرسوم عدد54عن التظاهر في شارع الثورة".

وقالت إن المرسوم 55 الذي أقصى النساء من المشهد السياسي والانتخابي سينتج عنه مجلس ذكوري لا يمثّل التوازن المجتمعي، داعية إلى مراجعة هذه المراسيم التي لا تتماشى وواقع التونسيات اليوم.

ودعت الناشطة النسوية نائلة الزغلامي جميع القوى الوطنية والديمقراطية إلى التجنّد للدفاع عن الحرية والمساواة وإقرار العدالة ووضع حدّ لسياسة الهروب نحو المجهول، مؤكدة أن التناصف مكسب تاريخي لا يمكن التراجع عنه مهما كانت قوى الضغوطات.

وحول المرسوم 54 ومدى خطورته على عمل الصحفيين والناشطين، أكدت أن التشديد في العقوبات البدنية تجاه قضايا التعبير يخالف التوجه العالمي في مجال حرية التعبير بالفصل 19 من العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية المصادق عليه من قبل الدولة التونسية "بالنسبة لنا، كل من يمارس السلطة من الطبيعي أن يُخطئ وكل من يخطئ نحن له بالمرصاد لتعديل البوصلة ونعمل كقوة اقتراح وضغط لتجسيد الحقوق السياسية والاجتماعية والنسوية والشبابية وكذلك بالنسبة للأقليات وكل الفئات المهمشة".

 

 

 ومن جهتها، قالت الناشطة النسوية وعضو الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات حليمة الجويني أنّ "الجمعية كانت حاضرة في مختلف المحطات الثورية التي عاشتها تونس منذ "2011، مشيرة إلى أن الشعوب حرّة في كتابة تاريخها بالطريقة التي تراها مناسبة "فعيد الثورة من أبرز التواريخ التي يجب الاعتراف بها وترسيخها في مخيلة التونسيين على اعتبار أنها قد أنهت حقبة ديكتاتورية وفتحت المجال أمام هذا التعدد الحزبي والجو الديمقراطي برغم العراقيل".

وأضافت "نحن هنا اليوم في شارع الثورة من أجل الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وتجسيد طموحات النساء ومطالب الكرامة والتوزيع العادل للثروات، وضد غلاء المعيشة والمديونية التي أغرقت البلاد، نحن مصطفات إلى جانب الفئات الهشّة والفلاحات الفقيرّات والريفيات من أجل ضمان العيش الكريم، ولا زلنا مصرات على التموقع والنضال من أجل غد أفضل".

 

 

وبدورها أوضحت الناشطة النسوية والحقوقية، أسرار بن جويرة، بأنّ النساء اليوم خرجن في موعد تاريخي غادر فيه  الرئيس الأسبق الراحل بن علي السلطة، ذلك اليوم الذي توحدت فيه كل القوى الوطنية والتقدمية تحدوها آمال وطموحات كبيرة، واصفة واقع الحريات اليوم في تونس بالمتردي خاصة بعد المرسوم عدد54 الذي نسف حرية الرأي والتعبير "نحن اليوم نتّجه نحو ديكتاتورية قوية، لكننا هنا من أجل التصدي لكل المشاريع التي ترمي إلى الإطاحة بمكاسب الثورة وأبرزها حرية التعبير والتفكير والإعلام، وسنوياً سيكون شارع الثورة موعدنا كنساء للدفاع عن حقوقنا والتنديد بأي مشروع مناهض للمسار الديمقراطي الذي صنعناه بنضالنا وثورتنا".

وفي وصفها المشهدَ السياسي الحالي، قالت إنه "مشهد سياسي غامض في إطار تفرّد الرئيس سعيد بالسلطة والحكم دون أن يتشاور مع أي طرف، ما سيؤسس لديكتاتورية واستبداد سنتصدّى لهما".

 

 

أما الناشطة النسوية لمياء عشاش، فقد اعتبرت أن حقوق النساء مهدّدة في ظلّ استبداد سلطوي لا يعترف بقدراتهن ودورهن الطبيعي بل يسعى استناداً إلى القوانين لإقصائهن، مذكرة بالقانون الانتخابي الذي نسف مبدأ التناصف وخلق تمثيلية ضعيفة للنساء في البرلمان المقبل، فضلاً عن مشاركة ضئيلة جداً في الانتخابات نتيجة الشروط المجحفة للقانون المرتكز على مسألة التزكيات التي حرمت منها النساء نظراً لطبيعة التفكير الذكوري المستفحل في البلد والذي لا يثق بالنساء في المجال السياسي.

ولفتت الانتباه إلى مأساوية الوضع الاقتصادي وأضرار قانون المالية المجحف الذي ستكون النساء أول ضحاياه لاعتبارهن الفئة الهشة التي تتأثر بكل الأزمات.

 

 

وأضافت أنّ الرئيس قيس سعيّد معروف بمواقفه المعادية للنساء وقد بدأ منذ توليه السلطة بجملته الشهيرة "مواطنة في دارك"، لافتة إلى أن النساء اليوم مهددات في قوتهن ووجودهن ومشاركتهن في العمل السياسي والاجتماعي بسبب العراقيل التي تنتصب أمامهن للحيلولة دون المضي قدماً في تحقيق طموحاتهن ومساهماتهن في تجسيد تماسك المجتمع وتضافر جهود الجميع رجالاً ونساءً لمواجهة التحديات وكسب المعارك.