نسويات:70%من الناشطات في شمال أفريقيا والشرق الأوسط تتعرضن للعنف السيبراني
تحت عنوان "العنف المسلط على النساء في الفضاءات الرقمية"، نظمت جبهة المساواة وحقوق النساء مؤتمرها الدولي الأول في إطار تثمين الأعمال ونشاطات الجبهة في مشروع مكافحة العنف الرقمي الذي تيسره التكنولوجيا.
زهور المشرقي
تونس ـ دعت ناشطات تونسيات إلى وضع سياسات عمومية عربية تحارب آفة العنف الرقمي وتقطع الطريق أمام المعنف الذي يجلس خلف شاشة الحاسوب أو الهاتف.
نظمت جبهة المساواة وحقوق النساء مؤتمرها الدولي الأول بعنوان "العنف المسلط على النساء في الفضاءات الرقمية"، أمس الجمعة 13 كانون الأول/ديسمبر، ويندرج في إطار تثمين الأعمال ونشاطات الجبهة وشركاؤها في مشروع مكافحة العنف الرقمي الذي تيسره التكنولوجيا، وقد أجرت الجبهة دراسة سوسيولوجية أفادت بأن التكنولوجيا الحديثة دفعت بتضاعف العنف المسلط ضد النساء وخلق أشكالا جديدة لهذا العنف حيث أن 54 من النساء اللواتي تستعملن وسائل التواصل الاجتماعي تتعرضن للعنف بشتى أنواعه.
وقالت الدراسة إن أشكال العنف الممارس ضد النساء في الواقع تجد سهولة وتيسير في منصات التواصل ما يجعله من أكثر الظواهر تعقيداً، وضمت الدراسة ثمانية دول، مشيرة إلى أن 70%من النساء الناشطات على مستوى عربي تعرضن للعنف السيبراني.
وبالتوازي مع ذلك، أجرت جبهة المساواة وحقوق النساء دراسة قانونية حول القوانين التي يمكن الاعتماد عليها في مناهضة هذا العنف وطنياً ودولياً وتأتي لتثمن مجدداً القانون 58 أهم مكتسبات الحركة النسوية لاعتباره يحارب كل أنواع العنف.
وكانت جبهة المساواة قد أطلقت حملة توعوية تحت عنوان "موش من حقك من وراء تعنفني"، وُجهت إلى الفئة الشابة التي تستخدم التكنولوجيا الحديثة بهدف رفع الوعي الاجتماعي حول أشكال العنف المسلط على النساء في الفضاءات الرقمية، آثاره وكيفية التصدي له.
وقالت هاجر ناصر، أبرز مؤسسات جبهة المساواة ومنسقة حملة "موش من حقك"، إنه يقينا من الجبهة لا يمكن محاربة العنف الرقمي دون مقاربة بين القطاعية ومقاربة شاملة، وجاء المؤتمر الدولي الأول ليكون نقطة لقاء بين مختلف الأطراف حيث أن المشاركة لن تقتصر على نخبة من الاكاديميين والباحثات من اسبانيا وفرنسا والدنمارك والبنين وناشطين وممثلات المنظمات الدولية بل ضمت كذلك ممثلات وممثلي عن شركات خاصة تعمل في مجال التكنولوجيا، معتبرةً أن المؤتمر محطة لتعزيز التعاون الدولي والإقليمي من خلال تبادل التجارب والخبرات في مجال مناهضة العنف المسلط على النساء في الفضاء الرقمي وتعزيز النقاش حول سبل توحيد القواعد الناظمة لحقوق النساء.
ولفتت إلى أهمية تشريك الشركات الخاصة في تطوير حلول عملية وتقنية لمواجهة العنف في الفضاءات الرقمية وفي التصدي لظاهرة الإفلات من العقاب لحماية حقوق النساء وتحقيق المساواة الرقمية.
وأكدت أن النضال من أجل المساواة لا يقتصر على الفضاءات العامة والواقعية بل يمتد إلى العالم الرقمي الذي أصبح يشكل جزءً لا يتجزأ من حياة النساء اليومية ومن تكريس التمييز بين الجنسين، لافتة الى أن الجبهة تسعى إلى فتح حوار وطني واسع حول الموضوع وتقديم توصيات عملية لصانعي القرار ومؤسسات الدولة المعنية لوضع سياسة عمومية للتصدي لهذه الظاهرة.
ودعت وسائل الاعلام المحلية والدولية والمجتمع المدني والناشطات في مجال حقوق الإنسان إلى المساهمة في نشر الوعي حول قضايا النساء في العصر الرقمي.
وبدورها قالت نائبة رئيس جمعية "ابصار" بسمة السوسي، إن 1من خمسة نساء في العالم من ذوات الاعاقة تعانين من التمييز المضاعف في علاقة بالوصول للتعليم والمعلومات والنفاذ للعدالة وخدمات الصحة الانجابية والجنسية والوصول للفضاء المدني والسياسي، وأزداد في السنوات الأخيرة مع التطور التكنولوجي الحديث عن الفضاء الرقمي وما حمله من عنف موجه لذوات الإعاقة علاوة على النظرة الدونية حيث تنقل الوصم من الفضاء المادي إلى الإنترنت أو السيبراني، ونتيجة للجهل وغياب التوعية لهذه الفئة الهشة من النساء تضاعف العنف والابتزاز والهرسلة ضدهن، ما يضعف قدراتهن وقد يدفعهن إلى الاختفاء من الفضاء الرقمي وهجرانه خوفاً من ذلك الاستغلال.
ونوهت إلى أن غياب التشريعات الخاصة بذوات الإعاقة جعلهن أكثر استهدافا، علاوة على غياب الدراسات والاحصائيات التي تتطرق إلى العنف بشتى أنواعه ضدهن "تعاني ذوات الإعاقة في المجتمعات الذكورية كثيراً، فهن العاجزات عن النفاذ إلى المعلومة، فضلاً عن عدم تجريم التجاوزات ضدهن بسبب غياب القوانين الخاصة بهن أي قوانين تدرج خصوصية الاعاقة لمقاومة العنف السيبراني".
أما الباحثة في علم الاجتماع فتحية السعيدي، فتحدثت عن الدراسات عربياً التي تطرقت إلى العنف الرقمي وأبرزها دراسة انجزتها الأمم المتحدة للسكان عام 2015، قائلة "إن تسعة أرباع من النساء اللواتي تستخدمن الفضاء الميسر بتكنولوجيا معلومات الاتصال تعرضن للعنف، فيما أكدت دراسة لصندوق الأمم المتحدة للسكان عام 2022 عن العنف السيبراني كشفت أن أقصى نسب على تكون على موضوع التواصل فيسبوك من ثم انستغرام"، مشيرةً إلى أن 70%من النساء الناشطات تعرضن لهذا الشكل من التعنيف في ثمانية دول عربية وتبين أن نسبة المشتكيات من هذا العنف قليلة لأنهن تعتبرن إنه لا نجاعة من الشكوى خاصة مع غياب قوانين تُجرم هذا العنف.
وأوضحت أن المسح الذي قام به المعهد الوطني للإحصاء عام2016 بين أن 14.4% تتعرض للعنف وكان الفيسبوك أبرزها بنسبة80% وكان باباً لهذا العنف، لافتةً إلى أن الإطار التشريعي في تونس لمحاربة العنف الرقمي يتمحور حول مجلة الاتصالات والمرسوم 54 الذي يعتبر ضرباً للحريات إضافة إلى أن القانون الأساسي عدد 58الصادر عام2017 لم يٌحدد ويُعرف العنف السيبراني، لذلك يحاول المجتمع المدني تسليط الضوء على هذه الآفة للتوعية بخطورته كونه لا يختلف عن أشكال العنف الأخرى.
واعتبرت أن هذا النوع من العنف يتميزُ بسرعة الانتشار وتوسعها لاعتبار الوسائط المعتمدة، لافتةً إلى أنه يتطلب عقوبات بديلة لان أعلى نسبة تمارس هذا الشكل هي من الفئة الصغيرة خاصة وأن الحل الأمني ليس الحل دائماً ما يستدعي وضع مقاربة حقوقية تبين آثار الآفة خاصة وأنه يُمارس ولا يوجد فيه أي تعاطف بين المعتدي والضحية، إضافة إلى الصعوبة في ملاحقة الجاني نظراً لهويته المخفية أحياناً أو يمارس عنفه من دولة أخرى.
وأكدت على أهمية وضع سياسات عمومية فيها مقاربة ورؤية واضحة تحاول الحد من الظاهرة، وقد يصل الأمر إلى عقد اتفاقيات مع المنصات القائمة على وسائل التواصل لإيجاد صيغة من الصيغ حين تكون هناك ألفاظ فيها مس من الكرامة والسمعة وفيها إهانة يتم حذفها بشكل تلقائي.