نساء غزة تحفظن التاريخ في عقولهن وقلوبهن لحماية تراثهن

ضمن مشروع "نقش على حجر ذاكرة فلسطين الحية"، عرضت مؤسسة تامر أفلام للتراث الفلسطيني الذي تناقلته النساء من جيل إلى آخر.

رفيف اسليم

غزة ـ بحضور نسوي لافت عرضت مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي أمس الاثنين 9 كانون الثاني/يناير عدة أفلام قصيرة ضمت العديد من الأماكن الأثرية الجامعة لعدة نقوش من مدن فلسطين، مدعمة بحكايات مروية من ذاكرة مجموعة لاجئات فلسطينيات، في قاعة مركز هولست الثقافي بغزة.

قالت منسقة المشاريع في المؤسسة بيسان نتيل، أن عرض الأفلام جاء ضمن مشروع "نقش على حجر ذاكرة فلسطين الحية" بمشاركة عدد من الشبان والشابات، والذي تضمن مسار فكري يوثق هوية الأماكن الأثرية في فلسطين.

ولفتت إلى أنه تم زيارة العشرات من الأماكن الأثرية في فلسطين التي تحمل رموز تاريخية أو دينية ليتم ربطها بالنقوش الموجودة في ذاكرة الأجداد والجدات، وقد تلقوا إثر ذلك العمل عدة دعوات من أصحاب البيوت الأثرية لتكون ضمن الأفلام المعدة، بهدف "محاربة محاولات الاحتلال الإسرائيلي في تهويد تلك النقوش، إضافة إلى التعرف على الكثير من قصص النساء اللواتي كن حارسات لذلك التراث خلال فترة التهجير وما بعده".

 

 

بدورها قالت إحدى المشاركات في إنتاج الأفلام الثلاث فاطمة حسونة، إن تلك الأفلام كانت نتاج لعدة مسارات سياحية خاضها الشباب والشابات على مدار عدة أشهر طوال للكشف عن الأماكن الأثرية والنقوش المرسومة داخلها، التي توضح عمر المبنى ولأي حقبة تاريخية ينتمي مثل كنيسة القديس برفيروس، والبلدة القديمة، ومدينة القرارة التي وجدت فيها الكثير من الرموز، لافتةً إلى أنها أعجبت بالأماكن الأثرية الموجودة داخل مدينة غزة التي ارتبط اسمها بالحرب.

وخلال تلك الجولات أشارت إلى أنها تعرفت إلى تاريخ المدينة المخبأ والذي يجهله الكثير من الشباب المتأثرين لفكرة الهجرة سريعاً على إجراء أي محاولة للتعرف إلى ما تحتضنه غزة، بالمقابل يتغنوا بزيارة الأماكن الأثرية خارج البلاد، مبينةً أن العمل على المشروع تم بالتوازي ما بين الضفة الغربية وقطاع غزة لإنتاج فيلم موحد يجمع حدود فلسطين التاريخية كاملة.

ومن الصعوبات التي واجهها الفريق أوضحت فاطمة حسونة أن البحث عن الأماكن الأثرية المخبأة التي لا يعرفها أحد ومحاولة إيجاد بعض الكتب التي تتحدث عنها هو ما مثل مشكلة بالنسبة لهم مما جعلهم يلجؤون للنساء اللواتي تحفظن التاريخ في عقولهن وقلوبهن لتسردن الحكاية تلو الأخرى، مشيرةً إلى أن بعض النساء نقشن التاريخ على أجسادهن فبقيت وجوههن مزينة بالوشم المرتبط بمدينتهن.

ولفتت إلى أنه في مجال صناعة الأفلام يوجد ما يسمى فتاة التتبع، وقد أطلق ذلك اللقب نتيجة لقوة الملاحظة لدى الفتاة فتستطيع وحدها صناعة فيلم كامل دون أن تحتاج تدخل الرجل من خلال تلك الموهبة، مبينةً أن النساء حافظن على التراث الفلسطيني حتى اليوم فحملن أثوابهن وطرزن العديد منها ليكون لبناتهن نصيب أيضاً، كما رددن الأهازيج والأمثال الشعبية، لذلك المرأة قادرة على تخليد التاريخ وتوريثه.

 

 

فيما وجدت ميار نتيل أن المشروع الذي استغرق مدة عام كان مليء بالحكايات التي وثقت تاريخ فلسطين، موضحةً أنها تعرفت على مفهوم النقش والذي يمثل عملية نقل المعرفة والعادات ونمط الحياة التي عايشتها الحقبة الزمنية، لذلك احتاج الفريق لعدد من الباحثين حتى يتم فكها لتشكيل حلقة وصل بين الزمن الذي تنتمي إليه والعصر الحالي.

وأضافت أنه كان للنساء أهمية كما الباحثين فخلال هجرتهن أبين إلا أن تحملن معهن مفاتيح بيوتهن التي علقنها بسوار يحيط العنق بالإضافة إلى المطرزات، محتفظات بطريقة لفة غطاء الرأس والأثواب التي تنتمي كل منها لمدينة معينة في فلسطين إضافة لعشرات الحكايات التي ساعدت على إعداد الأفلام.

وتتمنى ميار نتيل أن توثق تلك القصص في كتب ولا يسمح بضياعها بمجرد موتهن، مع عمل الشابات الدؤوب على حفظ التراث الذي حفظته الجدات على مدار عشرات السنين لينقلنه سواء لأولادهن أو للعالم كي يتم التعريف عن فلسطين من خلاله.

 

 

فيما أشارت إحدى الحاضرات فداء الحسنات إلى أنها سعيدة بالجهد الشبابي المبذول بإنتاج الأفلام التي تناولت نوع مميز من الفنون وهو فن النقش على الحجر الذي يعتبر من الفنون القليلة التي لم يتم الحديث عنه بالرغم من أهميته لتناوله أثر الإنسان الذي يتغير من جيل إلى جيل.

 

 

ونوهت إلى أن الشابات أصبحن ترتبطن بتراثهن يوم بعد يوم فتجدهن ترتدين الثوب بدلاً من بدلة الزفاف وذلك بفضل جهود النساء اللواتي تسعين لنشر التراث بشقيه المادي والمعنوي.