ضحايا الزلزال في إدلب: عشنا لحظات مرعبة

بين الفقد والدمار ومشاهد مأساوية لم تعشها نساء إدلب حتى خلال الحرب طوال السنوات الماضية، تتواصل عمليات البحث والإنقاذ وانتشال الركام، لإغاثة المنكوبين والبحث عن أرواح لا تزال تتمسك بالحياة بعد الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا.

لينا الخطيب

إدلب ـ استيقظ أهالي إدلب في السادس من شباط/فبراير، على أهوال زلزال مدمر ضرب تركيا وسوريا، وتسبب في انهيار عدد من المباني المأهولة فوق ساكنيها، وخلف الآلاف من الضحايا والمصابين.

كانت حليمة السعود (32 عاماً) النازحة من بلدة خان السبل إلى مدينة الدانا تسابق الزمن لتخرج مع أطفالها الأربعة من منزلها عقب حدوث الزلزال، وعن ذلك تقول "استيقظت من النوم مذعورة على اهتزاز المنزل، وتصدع جدرانه، فهرعت لإيقاظ أطفالي والخروج من المنزل، وما إن خرجنا وابتعدنا قليلاً حتى انهار البناء بمن فيه، فأنا حتى اليوم بحالة خوف وصدمة، حيث كان المنظر مرعباً، ولن أتمكن من نسيان ما حدث".

إن كانت حليمة السعود قد نجت من الموت بأعجوبة، وتمكنت من إنقاذ أولادها، إلا أن الكثير من النساء فقدن أبناءهن نتيجة انهيار المنازل أثناء نومهم، ومنهم دالية الصويص (25 عاماً) من مدينة إدلب، خسرت اثنين من أولادها، تقول والدموع تنهمر من عينها "اهتزت الأرض بقوة أثناء نومنا، وتم انتشالنا من بين الأنقاض، وخسرت ولدي زيد البالغ من العمر 5 سنوات، وابنتي مرام البالغة من العمر 8 سنوات"، وبغصة تكمل حديثها "ما أقسى الشعور بالعجز، حيث كنت أسمع صوت ابنتي تحت الأنقاض، وفجأة انقطع الأنين فعلمت أنها قد فارقت الحياة دون أن أتمكن من فعل أي شيء". ولفتت إلى أنه تم دفن أولادها مع غيرهم من ضحايا الزلزال في مقابر جماعية.

عامرة المناع (55 عاماً) نازحة من مدينة سراقب إلى مدينة سرمدا، فقدت جيرانها جراء انهيار المبنى المؤلف من أربعة طوابق، وتقول "حي بأكمله في مدينة سرمدا شمال إدلب تهدم فوق ساكنيه، حيث قضى وجرح العشرات، وكنا نسمع أصواتهم، وهم لا يزالون على قيد الحياة، لكن ليس لدينا طريقة ولا منقذين ولا معدات لإخراجهم".

وأضافت "أوضاع كارثية ودمار في كل مكان، كما أصبحنا نخشى حدوث المزيد من الزلازل أو البقاء في مبان متصدعة قد تنهار في أي لحظة، لذا نفضل البقاء في الشوارع أو الخيام رغم البرد".

من جهتها شاركت الممرضة هديل الأصفر (29 عاماً) من مدينة إدلب، فرق الإنقاذ من خلال إسعاف المصابين وإجراء الإسعافات الأولية، وعن ذلك تقول "استجابت فرق الطوارئ في جميع أنحاء المناطق المنكوبة بسرعة، وتم الحفر بأدوات بسيطة تحت المطر وفي ظل أجواء باردة"، مؤكدة أن حجم الدمار أكبر من إمكانيات عمال الإنقاذ الذين اعتادوا على التعامل مع المباني المنهارة جراء القصف والغارات الجوية.

وأشارت إلى أن المشافي تغص بالجرحى الذين يتشاركون الأسرّة، لمعالجة الضحايا. وعن عمليات الإنقاذ أوضحت "أكثر ما يؤلم هو أن ترى أطفالاً يتوسلون إليك لتخرجهم من تحت الركام، ولا تجد الحيلة والوسيلة للقيام بذلك".

وناشدت هديل الأصفر المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية لتأمين الاحتياجات وسط غياب كبير للمواد الغذائية والمستلزمات الأساسية، وانعدام الأمان، وسيطرة القلق على الجميع، بسبب الحجم الكبير للكارثة وبطء عمليات الإنقاذ وسط كثافة المباني المهدمة.