"نحو فضاء رقمي آمن للنساء" محور جلسة حوارية في غزة

شددت المشاركات في الجلسة الحوارية على ضرورة أن تكسر الضحايا حاجز الصمت وتتقدمن بشكوى ضد الجاني أي كانت عواقب الضغط الممارس ضدهن، إثر الابتزاز والتحرش الإلكتروني والعنف القائم على النوع الاجتماعي، والسعي لفهم الامتداد الثقافي والمجتمعي

رفيف اسليم

غزة ـ عقدت مؤسسة فلسطينيات بالشراكة مع CCFD الفرنسية، جلسة حوارية بعنوان "فضاء رقمي آمن للنساء"، وعرض خلال الجلسة الأثار السلبية، التي قد تعاني منها النساء إثر تعرضهن للابتزاز والتحرش الالكتروني، وسبل الحماية المعتمدة.

خلال الجلسة الحوارية التي عقد أمس الأحد 23 تشرين الأول/أكتوبر، قالت أحد المشاركات في الجلسة هداية شمعون، من المهم جداً معرفة ما هو الفضاء الرقمي وكل ما له علاقة بتكنولوجيا المعلومات الحديثة وأدواتها، لإدراك انعكاساتها على الفلسطينيات، لافتةً إلى أن هذا الفضاء أصبح يحمل الكثير من الاشكاليات المتعلقة بالوعي والثقافة والهوية وتقليص المساحات الممنوحة للنساء عبره.

وأوضحت أنه يقع على الإعلاميات جزء كبير من المسؤولية حول كتابة المواد الإعلامية وعرض المزيد من تجارب ضحايا الفضاء الرقمي، كي يتعلم البقية كيفية حماية أنفسهن، خاصة في ظل استمرار نظرة المجتمع للمرأة بالصورة النمطية التي تلقي عليها اللوم عند وقوعها في مشكلة.

وأشارت إلى أن الفضاء الرقمي الجديد بأدواته ألغى فكرة الحدود الزمانية والمكانية، وبالتالي أصبحت ملاحقة الجاني أصعب عندما يتواجد هو والضحية في بلدان مختلفة، إذ لا يمكن معرفة حدود المخاطر، لافتةً إلى أنه بالمقابل يمكن الاستفادة من ذلك الفضاء من أجل حماية النساء وعرض قضاياهن لتصل بشكل أوسع، وتزويدهن بالوعي الكافي في كيفية التعامل مع إشكالياته.

وشددت على ضرورة أن تكسر الضحايا حاجز الصمت وتتقدمن بشكوى ضد الجاني أي كانت عواقب الضغط الممارس ضدهن، إثر الابتزاز والتحرش الإلكتروني وحتى التنمر والعنف القائم على النوع الاجتماعي، والسعي لفهم الامتداد الثقافي والمجتمعي وانعكاسه على الفضاء الرقمي والمرأة الفلسطينية.

 

 

فيما ترى سها سكر وهي احدى الحاضرات أن فضاء رقمي آمن يعني استخدام الانترنت دون أن تكون بيانتها الشخصية مهددة من قبل شخص ما، الأمر الذي يقي الفتاة من الانجرار لمربع الابتزاز المالي أو خلافه، لافتةً إلى أن هناك نساء فقدن حياتهن نتيجة ذلك الابتزاز خاصة اللواتي لم يكن لديهن مال أو تلك اللواتي لا تستطعن أن تذهبن لأحد أفراد عائلاتهن للشكوى كونهن تعشن في مجتمع محافظ يلقي اللوم الأول على الفتاة فتنتحر أو تقتل والنماذج كثيرة.

وعن أليات الحماية قالت إنه على المرأة ألا تتعامل مع شخص مجهول خلال الفضاء الرقمي أو مشاركة بيانات حسابها مع شخص أخر، ولا تضغط أيضاً على روابط مجهولة، ومحاولة تأمين حساباتها الشخصية بطريقة المطابقة الثنائية كي لا يتمكن أي شخص الدخول إليها، خاصة أن النساء تقضين غالبية يومهن في تصفح تلك التطبيقات ومشاركة الصور والبيانات المختلفة.

فيما تحدثت مشيرة الحاج عن تجربتها الخاصة، فحكايتها بدأت عندما قام شاب بالسطو على حساب شقيقتها وسرقة بعض الصور والفيديوهات، علماً بأن الفتاتين محجبتين وتلك الصور قد أخذت بالمنزل، لافتةً إلى أن أول ما قامت به هو إخبار عائلتها وزوجها، لكن ذلك الشخص لم يتوقف عن ابتزازها فقام بنشر عدد من الصور عبر حساب مسروق.

وأوضحت أنها لم تقف مكتوفة الأيدي، كما أنها لم تفكر بإيذاء نفسها فقد اقتنعت أن الأذى الذي سيلحقه المجتمع بها كافي وقررت أن تأخذ خطوة للأمام، مشيرة إلى أنها شاركت من الصفحة المزيفة تلك الصور المسروقة وكتبت قصة الابتزاز والمبالغ المالية المرتفعة التي تطالب بدفعها، لينقسم المتابعين ما بين داعم ومهاجم، ربما يتبادر إلى ذهن القارئ لماذا لم تتقدم بشكوى رسمية للقضاء كي تنهي الأمر ويتم محاسبته، وهنا بالضبط تكمن المشكلة.

وأكدت على أنها منذ اليوم الأول ذهبت لقسم الجرائم الإلكترونية وقدمت شكوى ضد ذلك الشخص، لتتفاجئ أنها ليست ضحيته الأولى فمن خلال جهاز التعقب تبين أن هناك عشرات الضحايا من النساء اللواتي قد أضطر بعضهن للانتحار لأنها لم تحتمل مواجهة عائلتها والمجتمع ولم تستطع إثبات براءتها، كون الجاني يعيش في منطقة جغرافية تستحيل الوصول إليها من قبل الحكومة.

وأكدت أمنية أبو الخير أن الكثير من النساء تفقدن حياتهن نتيجة ذلك الابتزاز، بل أن بعض العائلات تقوم بحبس الفتاة في المنزل وكأنها الجاني، رافضين أن تصبح لابنتهم ملف عند الجهات الحكومية، مضيفةً أن هناك من يطلب بتحويل القضية للعشائر بالتالي يضيع حق الفتاة وعائلتها ويغلق ملف القضية دون عقوبة رادعة للجاني.

 

 

وأكدت الأخصائية النفسية إلهام ماضي أن سبب وجود تلك الجرائم المتزايدة بحق النساء، هو عدم وجود قوانين رادعة بحق من يقوم بها، مطالبة بإيجاد حماية للمرأة التي تتعرض للابتزاز الالكتروني، في ظل تزايد حالات الطلاق والتفكك الأسري التي يسببها الابتزاز الالكتروني الناتج عن انعدام التوعية لدى الأهل أو الزوج.

 

 

وأشارت إلى أن الأجهزة الأمنية لا تتعاطف مع الضحية التي تتوجه لتقديم الشكوى وهذا ناتج عن العادات والتقاليد والأفكار التي يتبناها المجتمع، منتقدة مطالبة الشاب الذي يعمل بالجهاز الأمني للهاتف الخاص بالضحية والتقليب في محتوياته خاصة إن كانت محجبة أو إن كانت غير ذلك وتمتلك صور خاصة، فذلك يعتبر انتهاك لخصوصيتها.