ندوة رقمية حول تعزيز الترابط بين الآليات الدولية وأجندة المرأة والسلام والأمن

ناقشت ندوة رقيمة تأثر النساء في الشرق الأوسط بالحروب والنزاعات بسبب الأسلحة، وأكدت المشاركات على ضرورة تزويد النساء بآليات للمساهمة في تعزيز السلام والأمن والضغط على الحكومات للحد من الأسلحة والتوعية عبر المنصات العالمية.

سوزان أبو سعيد

بيروت ـ تتحمل النساء المعاناة الأكبر نتيجة الآثار المدمرة للصراعات في غزة، لبنان، سوريا، اليمن، كما يتم استهدفهن بالعنف القائم على النوع الاجتماعي الذي تفاقم بسبب الانتشار الغير منضبط للأسلحة.

نظمت "الشبكة النسوية العربية" و"مجموعة عمل المرأة والسلام والأمن" أمس الاثنين 23 كانون الأول/ديسمبر، ندوة رقمية تحت عنوان "من العالمية إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تعزيز الترابط بين الآليات الدولية لضبط الأسلحة وأجندة المرأة والسلام والأمن"، وركزت على ضرورة تزويد النساء من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالمعرفة حول الآليات الدولية والنشاط الهادف إلى وقف تدفق الأسلحة وتعزيز السلام.

وناقشت المشاركات الأطر العالمية، مثل معاهدة تجارة الأسلحة والتزاماتها خصوصاً أن فلسطين ولبنان من الدول الأطراف، كما سلطت الضوء على كيفية عمل النشاط الدولي، مثل الحملة المضادة للروبوتات القاتلة والجهود المبذولة في الغرب للحد من العسكرة، وعلى دور آليات الذكاء الاصطناعي.

وتناولت ممثلة الرابطة النسائية الدولية للسلام والحرية، جيانا أوريزيو في مداخلتها "دروس العمل الإقليمي، والحملات التي تدعو إلى نزع السلاح في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، منها تشكيل ائتلافات مشتركة بين الجنسين للوصول إلى وقف المعاناة الإنسانية نتيجة الحروب"، مشيرةً إلى أنه يجب تنظيم اعتصامات للحد من التسليح والذخيرة في الجامعات المحلية والعالمية، والتوعية حول الحروب الإلكترونية ونظم مواجهة الحروب الحديثة، وتدريب المجتمع على وسائل مواجهتها والضغط على الحكومات للحد من الأسلحة، والتعاون الدولي على التوعية في هذه المجالات، ودعم دور المرأة للوصول إلى السلام عبر قيادات واعية.

أما مديرة رابطة السياسة العامة "APP" ماريا بيا ديفوتو فقد أشارت إلى الآثار الجنسانية للتكنولوجيا والروبوتات القاتلة، مع العمل على دعوة عالمية للعمل على حملات بقيادة النساء للحد من هذه التقنيات بهدف إحلال السلام "نحن نواجه المزيد من النزاعات مع توجه جندري، خصوصاً مع دول لا تحترم شرعنة حقوق الإنسان والمرأة منها في الأرجنتين، وكذلك منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، التي تعاني من انعدام الأمن خصوصا للنساء ما يحتم إدماجها ضمن أجندة المرأة للحد من المعاناة والحرمان من الحقوق الإنسانية، والحاجة للدعوة إلى تطبيق الأجندة فيما يخص النساء"، معتبرةً أن عام 2025 فرصة للدفع لتطبيق الأجندة.

أما بخصوص الذكاء الاصطناعي الذي يستخدم ببرامج مثل لافندر أوضحت "إن استخدام الذكاء الاصطناعي، من خلال الأجهزة المحمولة ومراقبة الأفراد، والأخطار التي تتعرض لها النساء خصوصا أنها أسلحة توجه للأهداف دون تدخل بشري، فهذا يطرح أسئلة عدة حول من يتحمل نتائج استخدام هذه الأسلحة، فضلاً عن تحليل الأضرار الجسيمة التي تؤدي لها، لا سيما لجهة استخدام هذه الأسلحة في الحروب وكيفية تأثيرها بصورة جندرية أو التحيز الجندري الذي يطال الفئات المهمشة كالنساء وذوي الإعاقة، والضغط على الحكومات التي تستخدم هذه الأسلحة لتنظيمها والحد من استخدامها، وضرورة العمل للضغط على الحكومات للحد من هذه الأسلحة والتوعية في هذا المجال عبر المنصات العالمية".

وقالت مديرة منظمة الحد من الأسلحة هيني واي لوز "من المهم حث الحكومات للانضمام لمعاهدة تجارة الأسلحة حيث انضمت 116 دولة إلى المعاهدة، كملاوي، غامبيا، كولومبيا، لبنان، فلسطين من الشرق الأوسط وأفريقيا، ولكن هذه المنطقة غير ممثلة بصورة كافية، لذلك من المهم العمل على حث حكومات المنطقة للانضمام عبر الاعتماد على التقارير الدولية التي توثق انتهاكات حقوق الإنسان في المنطقة".

وأشارت إلى أن "هذه المعاهدة توصلت إلى مجالات جديدة منها أنها أول أداة قانونية ملزمة تربط بين انتقال الأسلحة التقليدية وبين العنف القائم على النوع الاجتماعي، خصوصاً العنف الموجه ضد النساء والأطفال، أي أن الدولة التي تنقل الأسلحة لدولة أخرى، يجب عليها التأكد من عدم استخدامها في مجال العنف القائم على النوع الاجتماعي، وهو ما نراه اليوم في غزة، حيث أن 70 % من الضحايا نساء وأطفال، وهو ما يجب على كل دولة مراعاته".

وشددت على ضرورة إلقاء الضوء على ما يجري في السودان، فهناك تقارير حول حالات اغتصاب جماعية من قبل أطراف النزاع، وهذا يؤكد ضرورة الدفع نحو وقف انتقال الأسلحة، ومتابعة التطور في تطبيق المعاهدة، لافتةً إلى أنه على الرغم من التقدم البطيء خلال السنوات لتطبيق هذه المعاهدة ولا سيما أن تمثيل النساء قليل، إلا أن هذا يحتم الدفع لزيادة التمثيل الجندري والتنوع.

وتمت مناقشة أهمية هذه المعاهدة كقاعدة للانطلاق نحو التأثير الإيجابي، في ضوء ما يحدث في غزة من انتهاكات جسيمة للنساء والأطفال، ولتكون هذه الندوة واحدة من سلسلة من الندوات التي تناقش هذه الأدوات العالمية للحد من الأسلحة التي تفاقم النزاعات، والتي تكون النساء والأطفال ضحاياها، وأهمية المشاركة من قبل المجتمع المدني والمنظمات المحلية والعالمية خصوصاً النسوية في هذه النقاشات وحملات المناصرة.

من جانبها أوضحت المديرة العامة لمركز "المرأة للإرشاد القانوي والاجتماعي للنساء الفلسطينيات" رندة سنيورة أن هناك أثر للنزاعات على النساء في غزة خصوصاً العنف القائم على النوع الاجتماعي، لا سيما وأن 70 % من الضحايا في غزة هم نساء وأطفال، لذلك من المهم المشاركة في ائتلافات تمنع نقل الأسلحة إلى اسرائيل، مثل المسيرات التي تستخدم الذكاء الاصطناعي.

ودعت عضوة اللجنة التوجيهية للشبكة النسوية العربية شيرين الجردي على المزيد من مشاركة النساء في المباحثات حول الحد من الأسلحة، حيث تفتقر المنصات الدولية لوجود العنصر النسائي في هذه المباحثات، علماً أن معظم المتأثرات من النزاعات هن من النساء، وهو المهم في الجمع بين أجندة المرأة والسلام والأمن والنشاط المجتمعي والعالمي والمنظمات العالمية في مجال الحد من الأسلحة".

واختتمت الجلسة بجملة من التوصيات بضرورة رفع مستوى الوعي، عبر تزويد النساء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالمعرفة حول كيفية تأجيج انتشار الأسلحة للعنف القائم على النوع الاجتماعي وزعزعة استقرار الأمن، وتدريب المشاركة على حملات المناصرة، بهدف تزويد المشاركات بأدوات للتعامل مع المعاهدات الدولية مثل معاهدة تجارة الأسلحة (ATT)، وضمان التزام الدول الأطراف في المنطقة بالتزاماتها بوقف تدفق الأسلحة.

إضافة إلى تسليط الضوء على الآليات الدولية منها استكشاف الحملات العالمية مثل مبادرة ضد الروبوتات القاتلة والبرامج، وتعزيز العلاقات بين الحركات النسوية من خلال دمج أجندة المرأة والسلام والأمن مع استراتيجيات نزع السلاح، مع التأكيد على أهميتها في سياق منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وعرض مبادرات بناء السلام ونزع السلاح الدولية الناجحة بقيادة وإشراك المزيد من النساء على المستوى المحلي في هذه النقاشات العالمية، وأهمية توثيق الانتهاكات خصوصاً العنف القائم على النوع الاجتماعي بهدف الحد من آثار الأسلحة التقليدية والروبوتات والمسيرات وغيرها من الأسلحة الحديثة وربطها بأجندة المرأة والسلام والأمن.