ندوة حوارية لمناقشة سياسة التقشف المرهقة للتونسيات
نظمت الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات ندوة حول ارتفاع نسبة الدّين السيادي التونسي وتأثيره على الوضع الاقتصادي وإثقال كاهله أكثر من أي وقت مضى ما شكّل تحديا أمام مواجهة التحديات الاجتماعية وتفاقم التفاوتات.

تونس ـ تضررت النساء بشكل مضاعف من سياسة التقشف التي تتخذها تونس من رفضها الاقتراض من صندوق النقد الدولي بسبب شروط مجحفة لا تتماشى مع الوضع في البلاد المُنهكة بتغير الحكومات والأزمات المتتالية.
رغم الحاجة الملحة لتمويل الميزانية عبر الاقتراض إلا أن تونس رفضت الشروط الصارمة التي فرضها صندوق النقد الدولي مما يمثل نقطة تحول تاريخي في علاقتها بالصندوق، لذلك نظمت الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات ندوة سلطت من خلالها الضوء على الظروف الصعبة والوضع الحرج الذي يكابده الاقتصاد التونسي والذي تأثرت به النساء بشكل مضاعف لا سيما وأن نسبة البطالة في صفوفهن أكثر وهن الأكثر عُرضة لأي انزلاقات.
وأفاد المشاركون والمشاركات في الندوة التي عقدت اليوم الجمعة 20 حزيران/يونيو، بأن سياسات التقشف المتتالية المفروضة على الاقتصاد التونسي أدت إلى تدهور الخدمات العامة لاسيما القطاعات الأساسية كالصحة والتعليم التي أصبحت الآن خاضعة لمنطق السوق، لافتين إلى أن التقشف أثر بشكل أكبر على أكثر قطاعات المجتمعات ضعفاً لاسيما النساء اللواتي فقدن فرص الحصول على وظائف بسبب القيود المفروضة على التوظيف والخدمات في القطاع العام وأصبح وصولهن إلى الخدمات الأساسية محدوداً وصعباً.
واعتبروا أن تدابير التقشف خاصة تجميد التوظيف في القطاع العام أضرت بالنساء بشكل غير متناسب لاسيما عند النظر إلى العبء الإضافي المتمثل في العمل المنزلي غير مدفوع الأجر، وتأثير هذه التدابير على النساء بشكل غير متساوٍ نظراً للتمييز الذي يواجهنه في القطاع الخاص، فعلى سبيل المثال يميل العمل اليدوي في القطاع الخاص إلى تفضيل الرجال حيث يشغلون 45،2% من هذه الوظائف وترتفع إلى 47% في الصناعة وأكثر من55% في التجارة وإصلاح السيارات وأكثر من70% في قطاع البناء.
وأكدت الجمعية على أن إلغاء الوظائف في القطاع العام تلغي وظائف النساء ومن ناحية أخرى تقدم النساء خدمات الرعاية للفئات الاجتماعية الضعيفة كالأطفال وكبار السن وهذا يجعلها الأكثر حاجة للخدمات الأساسية في مجال الصحة والتعليم والأكثر سعياً للحصول عليها ولأنهن أكثر عرضة للفقر فإن حاجتهن إلى هذه الخدمات تكون أكبر.
وعلى هامش الندوة، قالت مريم جابا الله، منسقة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات بالشبكة العربية غير الحكومية للتنمية، إن مختلف الإشكاليات الاقتصادية تتضرر منها النساء بشكل أوسع وهن في مقدمة التأثيرات السلبية للاقتصاد المنهار، معتبرةً أن ارتفاع نسبة الدّين يعني تضاعف نسب البطالة التي تمس النساء بشكل أولي خاصة في ظل التمييز القائم على النوع الاجتماعي الذي يفضلٌ الذكور على الإناث في التشغيل.
وترى أن تحسن الوضع الاقتصادي من شأنه أن يُحسن وضعية النساء اللواتي يتضررن بشكل كبير من هذا الانهيار والتقشف وارتفاع الدين الخارجي.
بدورها، لفتت الصحفية المختصة في الاقتصاد سمية المعمري، إلى أن كل المؤشرات تدل على انهيار الوضع الاقتصادي لتونس مع عجز الميزانية وارتفاع الدين الخارجي وعدم القدرة على السداد نتيجة غياب رؤية واضحة، مع التأكيد على أن الديون ديون سابقة وضاعفتها الحكومات المتعاقبة على السلطة.
واعتبرت أن الاقتصاد لازال يعتمد على الديون، وقد توجهت تونس بعد وقف العمل مع صندوق النقد الدولي إلى شركائها التقليديين لكن الجهات الأخيرة اشترطت الاتفاق مع صندوق النقد ما صعب العملية ليكون الحل التوجه إلى السوق الداخلية وقامت بهيكلة الدين العام خلال الثلاث سنوات الأخيرة ليتجاوز حجم الدين الداخلي الخارجي وهو عامل غير مطمئن.
وقالت إن السياق العام في تونس متوتر ولا يحتمل النقاش حول وضع رؤية اقتصادية واضحة تنقذ الوضع من مزيد التقهقر والانهيار، مشيرةً إلى أن سياسة التقشف أربكت الوضع العام ودفعت بتوسع الأزمة الاقتصادية وكانت النساء هن الأكثر تضرراً، وأن الفئات الأكثر هشاشة سيتواصل تضررها مادامت الرؤية ضبابية وغير مفصلة وواضحة لأسباب سياسية أولاً.
وخلصت سمية العمري إلى أن ثلثي نسب البطالة تمس النساء لاعتبارات اجتماعية منها تفضيل تشغيل الرجال واقتصادية قائمة على ندرة فرص العمل.