نازحات تروين معاناتهن في ظل الحرب المستمرة على لبنان

أمام موجات النزوح التي تعرضت لها عدد من المناطق اللبنانية، تزامناً مع جهود المجتمعات الحاضنة لتوفير احتياجات النازحين واحتوائهم وتقديم الخدمات لهم، هناك بعض الفئات الأكثر ضعفاً في المشهد العام، وخاصة المسنات والأطفال.

سوزان أبو سعيد

بيروت ـ ازداد عدد النازحين في لبنان مع إنذارات القوات الإسرائيلية بالإخلاء الفوري لعدة مناطق، وقد أدت الحرب على لبنان إلى موجات نزوح ولجوء أخرى، إذ يقدّر عدد النازحين قسريا بأكثر من 1.2 مليون شخص، أي أكثر من 20 % من السكان.

من بين 1.2 مليون شخص نحو 830 ألف نازح داخلي في لبنان، بينما عبر نحو 440 ألف شخص إلى سوريا، وقدر بأن عدد اللبنانيين 29% منهم و71% سوريون، وبعضهم نزح الى العراق، وقدر أن 25% من النساء اللبنانيات النازحات إلى سوريا في سن الإنجاب (أعمارهن بين 15 و49 عاماً)، بينما نصف السوريين من النساء في هذه الفئة العمرية أيضاً واللاتي بحاجة لرعاية طبية واجتماعية ونفسية.

ولكن وسط هؤلاء النازحين، يبقى الأشخاص فوق 70 عاماً والأطفال دون 15 عاماً الأكثر تهميشاً، والأكثر حاجة للعناية والمتابعة، حيث قالت زهية حسن سليمان 85 عاماً من بلدة الشعيتية بقضاء صور "أتيت إلى هنا منذ شهر و10 أيام، لدي خمس أولاد وابنتين، ولكني كنت أقيم في بيتي لوحدي، وقد أتيت مع جارتي إلى هنا، وقضينا ثلاث أيام على الطريق ونمنا في وسائل النقل حتى وصلنا إلى ثانوية صوفر للمبيت فيها، حيث أمن العاملين فيها الدواء ليّ، وكوني أعاني بعض الآلام في الركبة الجميع هنا في المدرسة يساعدونني ويعتنون بي على مدار الساعة".

 

 

أما سعدى علي الكموني التي أتت من بلدة الجداوي قالت "عمري حوالي سبعين عام، لدي 4 فتيات و5 أولاد، وقد أستغرق الطريق بالسيارة وقتاً طويلاً لذلك مرضت وتعبت نتيجة السفر"، مضيفةً "كنا نعتمد على زراعة أشجار العنب وغيرها، لم تكن الأرباح كثيرة من عملنا في الحقول، والآن هنا لا بأس بحالنا بعد ما تعرضنا له لا يمكننا فعل شيء".

أما الطفلة سما عبد الله ذات العشر سنوات ونصف من منطقة حارة حريك في الضاحية الجنوبية لمدينة بيروت قالت "أتينا إلى هنا بسبب الحرب، أنا في الصف الرابع أحب المدرسة وأتمنى العودة إلى منزلي، لقد دمرت الحرب جزء من منزلنا بسبب استهداف القوات الإسرائيلية عمارة قريبة، كما أسفرت عن دمار مقهى وأغلق الطريق بسبب الركام".

وعن خوفها عند مرور الطائرات في سماء لبنان، قالت "شعرت أنها ستضرب بالقرب منا، قلبي يؤلمني، يراودني إحساس مخيف"، مضيفةً "عندما تنتهي الحرب لا أعرف إن كنا سنعود إلى منزلنا فهو بحاجة للكثير من الإصلاحات".

 

 

أما سعدى مشيك التي يتجاوز عمرها الثمانين عاماً، لها ابن لا تعلم عنه شيء منذ شهرين، قالت "أنا من مزرعة التوت قضاء بعلبك وأتينا من هناك وسكنا في الكفاءات، وبعدها هربنا من الغارات الإسرائيلية التي استهدفت المنطقة، لذلك توجهنا إلى بلدة شارون حيث نقطن قاعة آل فياض منذ أكثر من شهر، أشعر بألم في ركبتي كما أعاني من آلام في المعدة منذ مدة طويلة".

 

 

من جانبها قالت عناية فياض "منذ اليوم الأول استقبلنا عدد من النازحين في قاعة ذات طابقين، وكانت حالات النزوح متتابعة، وقد وصل العدد حالياً إلى 120 شخص لقد كان العدد أكبر من ذلك، إلا أن البعض غادر إلى مراكز إيواء أخرى أو سافروا خارج البلاد".

وأضافت "تتابع اللجنة يومياً أحوال النازحين وأمورهم الصحية والمعيشية ومستلزماتهم، تساعدنا عدد من الجمعيات في تأمينها، لقد زارنا فريق من الصليب الأحمر وهيئة إدارة الكوارث، كما يزورنا المركز الصحي التابع للمنتدى النسائي اللبناني (الحزب الديمقراطي) ودوماً لدينا أطباء يعاينون المرضى ويقدمون أدوية، وكانت ثمة مبادرات من قبلنا بالشراكة مع المجتمع المحلي، قبل أن تبدأ منظمات وجمعيات بتقديم مساعداتها، نقوم كمنتدى نسائي لبناني بنشاطات دورية للأطفال، وهناك جمعيات تساهم بهذا الأمر".

 

 

وقالت أمينة سر المنتدى النسائي اللبناني سوسن فياض "كنا في التصدي للأزمة منذ اليوم الأول، لمساعدة النازحين من كافة المناطق وبالتعاون مع الجمعيات المحلية للاطلاع على احتياجات النازحين في مراكز الإيواء، والمساعدات تقدم من خلال المنتدى والجمعيات النسائية وغير النسائية، ويعمل المنتدى المكون من مئات النساء في كافة المناطق عبر لجان متعددة تخدم في كل منطقة".

ونوهت إلى "دور المرأة الفعال في مختلف الأزمات التي تتعرض لها البلاد، سواء بالأعمال اللوجستية أو الدعم النفسي، فكما تدعم المرأة عائلتها، تقوم بدعم العوائل الأخرى التي بحاجة للدعم النفسي والاجتماعي".

 

 

من جهتها، قالت عبير الأحمدية الموكلة من قبل البلدية ورئيسة مركز الإيواء في ثانوية صوفر "كوني منزلي قريب من المدرسة أقدم للنازحين ما أستطيع من مساعدات، كما أن الأهالي يقدمون الكثير من المساعدات الأمر الذي حسن من نفسيات الكثير ورفع من معنوياتهم، على الرغم من الصعوبات التي واجهتهم قبل وصولهم".

وأضافت "كان لدينا في المركز حوالي 400 شخص ينتمون لـ 73 عائلة، أتوا من الضاحية والنبطية وبعلبك وغيرها من المناطق، واستطعنا خلال يومين تأمين أغطية ومواد غذائية".

وأوضحت عبير الأحمدية أنه "لدينا مجموعتين ضمن العمل هنا، مجموعة من الشباب والمتطوعين من أهل البلدة بالإضافة إلى مجموعة من المنظمين هم من النازحين، وتعاوننا معاً لتوفير أقصى درجة من الراحة للأهالي"، وعن الأدوية قالت "فيما يخص الأدوية اعتمدنا على الجمعيات والمبادرات الفردية العديدة، فضلاً عن الملابس، كما أن الطعام كان متوفراً بشكل منتظم، وليس لدينا عقبات كثيرة فجميع الحاجيات مؤمنة وساهم الجميع في خدمة النازحين".