ناشطات لبنانيات يشاركن في الإضراب النسائي العام
رفضاً لجميع أشكال العنف ضد المرأة، وبحثاً عن العدالة التي غيبتها القوانين الرجعية في عالم يستسهل قتل النساء، تم تنظيم وقفة احتجاجية رمزية في إطار مبادرة الإضراب النسائي العام في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لتجريم العنف ضد النساء.
كارولين بزي
بيروت ـ بتضامن عابر للحدود نظمت مجموعة نساء لبنانيات وقفة احتجاجية أمام المجلس النيابي اللبناني في بيروت أمس الأربعاء 6 تموز/يوليو، لحث النواب على إقرار القوانين التي تنصف المرأة وتجرّم العنف والاغتصاب وتزويج القاصرات.
"يجب معاقبة قتلة النساء بأشد العقوبات"
شعارات كثيرة عبّرت عنها الناشطات النسويات اللواتي شاركن في الإضراب والوقفة الاحتجاجية، تضامناً مع الضحايا اللواتي فقدن حياتهن بسبب رجعية القوانين والمجتمع.
وعن مشاركتها في الوقفة تقول الناشطة النسوية والمرشحة السابقة للانتخابات النيابية ناهدة خليل لوكالتنا "نشارك في الإضراب النسائي العام العابر للحدود ضد ممارسات العنف والقتل التي تُمارس بحق النساء في العالم العربي ولبنان ولاسيما بعد مرحلة انتشار وباء كورونا".
وأضافت "من 19 حزيران لغاية 23 حزيران هناك خمسة نساء في العالم العربي تعرضن لكافة أنواع العنف والقتل بوحشية. مثلاً: في تشاد تم إحراق ابنة معارض سياسي للسلطة، في الجزائر قام أحد الرجال بقتل زوجته وطعن ابنتها التي لا تزال تصارع الموت. الطالبة الجامعية نيرة أشرف التي قتلها زميلها عند باب الجامعة في القاهرة على مرأى ومسمع من العالم أكمله، وكذلك في الأردن".
وعن قضية نيرة أشرف قالت "حكمت المحكمة بالإعدام على قاتل الضحية، أنا مع حقوق الانسان ومع شرعنة الحقوق وضد الإعدام ولكن يجب معاقبة القاتل بأشد العقاب".
وأكدت ناهدة خليل بأن أي تحرك نسوي يصب في مصلحة قضايا النساء "لا أذكر عدد النساء اللواتي قتلن على أيدي أزواجهن وخاصة بعد انتشار وباء كورونا، ولكن لغاية اليوم ثمة رجال لم تتم محاكمتهم لأن القوانين لا تحمي المرأة". ولفتت إلى أن هذا التحرك هو جزء من سلسلة تحركات سيتم تنظيمها في وقت لاحق وسيتم الكشف عنها في الوقت المناسب.
"هناك عنف في كل بيت"
الناشطة في المجتمع المدني أماني الرز حرصت على ذكر أسماء النساء اللواتي قتلن على أيدي أزواجهن، فكانت تعلق اسم كل ضحية من أجل التأكيد أن هذا التحرك لهن ولكل النساء اللواتي لا زلن يتعرضن للعنف ولكل النساء اللواتي هن عرضة للعنف ما دام لا يوجد قانون يحميهن.
وتقول أماني الرز عن الأسماء التي كانت تعلقها "كنا نستذكر النساء اللواتي عنفن وتوفين على أثر العنف الأسري، نحن نستذكرهن دائماً ونتمنى من الناس أن تتذكر دائماً بأن هناك عنف في كل منزل". ودعت كل النساء لأن يرفعن الصوت عالياً وألا يسكتن عن حقوقهن.
وعن رمزية الدمية التي كانت ضمن الوقفة الاحتجاجية قالت "هذه الدمية التي هي صورة رمزية عن فتاة تبلغ من العمر 12 عاماً، تقول بأنها مستورة، فكرة أن زواج الفتاة ستر هو معتقد خاطئ جداً، إذ ان كل فتاة مستورة في بيت أهلها ومن حقها أن تعيش طفولتها وتكمل دراستها وتحقق أحلامها وطموحاتها".
ولفتت إلى أنه ثمة نساء شاركن في الاضراب عن العمل وأشارت إلى مشاركة فعلية انطلقت على مواقع التواصل الاجتماعي، وهي تعبر عن تضامن نسوي عابر للحدود والذي انطلق في مختلف الدول العربية.
"ثورتنا نسوية"
اختارت الناشطة النسوية حياة مرشاد أن تعبّر عن غضبها وتؤكد بأن لا ثورة من دون المرأة من خلال شعار وضعته على ملابسها يحمل عبارة "ثورتنا نسوية". وعن اختيار هذا الشعار تحديداً تقول لوكالتنا "منذ مشاركتنا في ثورة 17 تشرين الأول في العام 2019 وحتى قبلها بسنوات، كنا نؤكد أن لا وجود لثورة من دون النساء لذلك دائماً نردد بأن ثورتنا نسوية، وعندما نقول ثورة نسوية أي أنها ثورة من أجل قضايا محقة، من أجل حقوق الانسان من دون أي تمييز وليست حصراً للنساء لذلك أحب أن أرتدي هذا الشعار عندما أريد أن أعبّر عن موقف رافض للعنف وداعم للقضايا الحقوقية".
وعن الوقفة الاحتجاجية، تقول حياة مرشاد "نحن كجزء من النسويات في كل المنطقة العربية، لبينا دعوة ناشطتين سوريتين لمبادرة تدعو إلى إضراب نسائي عام في المنطقة العربية. ندرك أن موضوع الإضراب ليس بالجديد فالنساء استخدمن هذه الوسيلة على مدى سنوات تعبيراً عن رفضهن للعنف والتهميش والاقصاء، هذا الاضراب يحصل اليوم في كل البلدان العربية ويهدف إلى توحيد الصوت والتعبير عن التضامن بأننا معاً وندعم بعضنا البعض ولا نقبل بأن نكون أرقاماً من دون أسماء ثم تُطوى الصفحة من دون أن تتحقق العدالة".
وأوضحت "الهدف هو أن نقول قضايا النساء حاضرة ونحن موجودون لندعم بضعنا البعض ولنستذكر كل النساء اللواتي قتلن، ولا واحدة منا بمأمن في الوقت الراهن. وعلى الرغم من أننا نحضر لتحرك أكبر في المرحلة المقبلة ولكننا لم نرغب في بيروت بأن نفوّت مشاركتنا في هذا اليوم ولو من خلال وقفة رمزية تضامناً مع كل أخواتنا في العالم العربي".
تكرر حياة مرشاد ما ذكرته ناهدة خليل بأن أي تحرك أو خطوة في إطار رفع الصوت عالياً تؤثر في تسليط الضوء على قضايا النساء وجعلها أولوية، مضيفة "إذا لم تؤثر هذه الوقفة اليوم فإن هذا الصوت سيؤثر بعد سنة أو سنوات مقبلة".
وشددت على أهمية عدم السكوت ورفض إسكاتنا كنساء وتخويفنا أو القبول بأن قضايا النساء ليست أولوية. هذا التحرك في هذا السياق جاء لكي نقول بأن صوتنا سيبقى عالياً حتى لو كل العالم نسي الضحايا ولو نسي كل العالم حقوقنا نحن لن ننساها".
"تعليم الفتيات أولوية"
تمارس فرح مقدم مهنة تسمح لها في المساهمة بتعليم الفتيات لذلك هي ترفض بشدة تزويج القاصرات وتعتبر أن مكانهن هو في الجامعة والمدرسة لا في بيت الزوجية.
وأوضحت "أنا فرح مقدم موظفة في الجامعة اللبنانية الأمريكية نعطي منحاً للتلاميذ ونخصص عدد المنح الأكبر للنساء في الدول العربية، لأن المرأة مهمشة ويجب أن يكون للمرأة حق في التعلم على غرار الرجل".
وأضافت "وظيفة المرأة لا تقتصر على أنها ربة منزل أو مربية أطفال، بل يحق للمرأة أن تكمل دراستها المدرسية والجامعية".
اختارت فرح مقدم شعاراً مختلفاً عن شعارات زميلاتها في الوقفة الاحتجاجية، إذ طالبت بتجريم زواج القاصرات.
وتعليقاً على ذلك تقول "تحدثت عن أهمية التعليم للفتيات. إذ دائماً تكون فكرة الزواج حاضرة عندما تصل الفتاة إلى سن البلوغ وما أحاول ايصاله بأنه من الضرورة أن يكون هناك ثقافة تعليم الفتيات حتى تكن ناشطات فاعلات في المجتمع أيضاً".
ولفتت إلى أنها شاركت في الوقفة الاحتجاجية وأيضاً كانت مضربة عن العمل، متحدثةً عن أهمية هذا الاضراب الذي تم تنفيذه في مختلف الدول العربية بالتزامن مع انطلاقه في لبنان.
وأكدت بأنها لن تتوقف عن المطالبة بحقوقها وحقوق كل النساء من خلال هذه الوقفات وأيضاً عبر الاجتماعات والنشاطات النسوية.
"القوانين تحمي المعنف"
شاركت الأستاذة الجامعية رين عباس في الوقفة الرمزية أمام المجلس النيابي، دفاعاً عن المرأة المعنفة والمظلومة والتي لمست مظلوميتها بعد أن انفصلت عن زوجها.
وتقول "نشارك اليوم تضامناً مع قضايا المرأة في دول العالم ولاسيما في الدول العربية، لأن القوانين ما زالت مجحفة بحقنا، ولا يزال القانون طائفي ولم يتم إقرار بعد قانون مدني موحد للأحوال الشخصية، هناك نساء قُتلن ولم تتم محاسبة أزواجهن ولم يتم سجنهم حتى".
وأضافت "لن نقبل التمييز بيننا وبين الرجل بعد اليوم، والعنف مستمر لأن القوانين تحمي المعنف".
وأوضحت "نحن لسنا ضد الرجال ولكننا ضد القوانين الرجعية التي تم إقرارها وكأنها ضد المرأة، قوانين تحاكم المرأة، وتتحكم بكيفية تفكير المرأة وكيفية اختيار لباسها، ومع أي خطوة متمردة تقوم بها ستقابل بالعنف والقتل".
وعن الدوافع الشخصية خلف مشاركتها في الوقفة، تقول "أنا امرأة لبنانية وأرى مستوى العنف الدائر حولي بما أنني ناشطة وأعمل على تغيير القوانين، وبما أنني مطلقة لمست ظلم القوانين للمرأة عندما بدأت بموضوع الطلاق، وكيفية النظرة للمرأة في حال هي تقدمت بدعوى طلاق بينما الموضوع يكون عادياً في حال قرر الزوج الطلاق، ومهما فعلت المرأة ستُساق ضدها الاتهامات كما أنني أعيش في لبنان في ظل قانون أبوي ضدي أنا وضد الجميع".
"محاسبة المغتصبين والمتحرشين"
وقالت الناشطة النسوية زهراء ديراني لوكالتنا "نحن كناشطات نسويات شاركنا بالأضراب العام العابر للحدود تضامناً مع أخواتنا في كل المنطقة العربية، اللواتي تُمارس بحقهن أسوأ أنواع العنف. لذلك نشارك اليوم ونتضامن مع كل النساء في المنطقة العربية".
عن رمزية الاحتجاج أوضحت "تعبيراً عن امتعاضنا وغضبنا على الواقع الذي تواجهه النساء من عنف وقتل من دون وجه حق. وايماناً مني بفعالية الاضراب ولطالما كان للإضراب رمزية ضد السلطات القمعية وضد أي مؤسسة قمعية ابتداءً من المصانع وصولاً إلى السلطة الأبوية التي نعيش في كنفها في العالم العربي، ننظم وقفة تضامنية تزامناً مع الاضراب العابر للحدود".
وأكدت أن قضايا النساء أولوية ولا تتجزأ، وأبرز مطالبنا هو أن تقف آلة الاجرام بحق النساء ومحاسبة المغتصبين والمتحرشين في كل المنطقة.