ناشطات: الأمية الرقمية تهدد المرأة التونسية
في ظل تطور تكنولوجيا المعلومات والاتصال أصبحت الأمية الرقمية تهدد نساء تونس خاصة اللواتي ينتمين إلى الفئات الهشة والفقيرة ويعشن بالأرياف.

نزيهة بوسعيدي
تونس ـ كشفت دراسة حديثة تم تقديم نتائجها، أمس الثلاثاء 20 أيار/مايو، عن بروز فجوة بين الجنسين إذ تعاني النساء في تونس خاصة في المناطق الريفية أو ذات الدخل المنخفض من معدلات استخدام للإنترنت ومهارات رقمية أدنى من الرجال وتعزى هذه الفجوة إلى عوامل ثقافية وقيود اجتماعية واقتصادية ما يجعل النساء أكثر عرضة للإقصاء الرقمي وبالتالي يقلص من مشاركتهن في الحياة المدنية الرقمية ومن فرصهن في الوصول إلى المعلومات.
الإرادة من الجميع
أصبح هناك فجوة رقمية كبيرة في تونس تضر بالفئات الهشة وخاصة المرأة والتي ستكون في يوم ما عائقاً أمام بلوغ المرأة المناصب العليا ومواقع القرار، وبالتالي تُقل أمامها الفرص وتزيد من حجم عدم المساواة بينها وبين الرجل.
قالت أستاذة علم الاجتماع والناشطة النسوية درة محفوظ لوكالتنا "هناك نوعان من النساء أولاً من هن بعيدات كل البعد عن اعتماد الرقمنة وهؤلاء يجب أن تقف الحكومة إلى جانبهن مثل المرأة في الريف، فضلاً عن المساهمة في تدريبهن حتى يلتحقن بركب الرقمنة"، مضيفةً "هناك من درست وتعلمت ويجب أن تلتحق بالقطار سيما وأن هناك بعض المهن التي سوف تندثر في غضون العشر سنوات المقبلة".
ولفتت إلى أن المرأة لا تزال تختار المهن التي تخلى عنها الرجال والتي تراجعت أجورها مثل قطاع التعليم ولا تزال تقبل على القطاع العام، بينما الرجل يهتم بالقطاع الخاص أكثر لأنه يتوفر على دخل أفضل، كما تقبل المرأة على القطاع الصحي كذلك لتكون موجودة ضمن الإطار شبه الطبي، بينما نجد الرجال في طب الاختصاص وفي الجراحة وفي القطاع الخاص وفي المهن التي لها مكانة اجتماعية عالية ولها أجر ودخل أفضل.
وأشارت درة محفوظ إلى أن الفضاء الرقمي هو تهديد للمرأة ولكنه يفتح فرصاً وآفاقاً جديدة وبالتالي الحكومة مطالبة بأن تضعهن ضمن أولوياتها وأيضاً المجتمع المدني يجب أن يساعد حتى لا تتعمق الفجوة أكثر.
ونوهت إلى أنها قامت بدراسة ميدانية في أرياف مدينة جندوبة تحديداً الفايجة ووجدت أن الفتيات متعلمات إلى حدود البكالوريا وكلهن تعملن بالرقمنة في البيع والشراء، مضيفةً "يجب أن يكون ثمة وعي كامل وإرادة من المرأة في أن تتغير وأن تتماشى مع الشباب".
محاربة الأمية
من جانبها قالت فردوس بن ساسي مديرة مشروع بالمنظمة الدولية "من أهم الجوانب التي تعرضنا لها في الدراسة هو وجود فجوة رقمية بالنسبة لفئة هامة من المجتمع كالنساء، كما أنه وفقاً للتعداد الأخير يوجد أكثر من 17% من سكان تونس في حالة أمية يعني أمية الكتابة والقراءة، فما بالك بالأمية الرقمية والتي سوف تكون أكبر بكثير بمعنى أن فئة كبيرة من المجتمع تعاني من هذه الأمية خاصة أنها تمس النساء أكثر وذوي الاحتياجات".
وعن كيفية محاربة هذه الأمية، تقول "يجب مساعدة هذه الفئة من المجتمع في أن تتجاوز هذه المرحلة من المخاطر وتدخل في مرحلة متقدمة من تحسين الخدمات ومشاركتها في الدورة الاقتصاديّة والاجتماعية بصفة عامة".
وشددت على أهمية التوعية بضرورة سد هذه الفجوة بدءاً بالبرامج التطبيقية والبرامج الواقعية التي تكون في صلب الميدان، إضافة إلى وضع سياسات عامة تعالج الفجوة الرقمية التي تبدأ من الطفولة وتستمر إلى غاية سن الرشد، فضلاً عن جهود المنظمات والجمعيات حتى تستطيع التحرك وتحقيق نتائج أفضل.
وأكدت فردوس بن ساسي على ضرورة العمل على الفجوة الرقمية بداية من المدرسة، تغيير البرامج، التحديث لها، توفير مراكز في العاصمة والأرياف، وتشبيك العمل بين القطاع العام والخاص وبين الحكومة والمنظمات والمجتمع المدني لوضع استراتيجيات تكفل ولوج هذه الفئة الهشة إلى المجال الرقمي.
شددت الدراسة على ضرورة سد الفجوة بين الجنسين في المجال الرقمي من خلال مبادرات مجتمعية تشجع النساء وتوفر لهن التدريب اللازم لاستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصال.
كما يمكن الاستفادة من نماذج رائدة مثل إستونيا أو فنلندا حيث تم تطوير مناهج وبرامج رقمية مخصصة لمختلف الفئات الاجتماعية بهدف تعميم المهارات الرقمية وضمان ألا تتحول التقنيات الحديثة إلى مصدر جديد للإقصاء.