مؤشر المرأة والسلام والأمن يؤكد "الشرق الأوسط هو الأسوأ"
في النسخة الرابعة لمؤشر المرأة والسلام والأمن 2023\24 تم التأكيد على أن تقلبات المناخ وصعود القوى الاستبدادية، والنزوح والصراعات، جميعها تؤثر على المرأة وتهدد بضياع عقود من التقدم في مجال حقوقها.
مركز الأخبار ـ نشر مؤشر المرأة والسلام والأمن (WPS) اليوم الثلاثاء 12 آذار/مارس تقريره الرابع الذي يشير إلى وضع المرأة في 177 دولة، ويقيم حال البلد من خلال ذلك، ويتبع في ذلك مجموعة من المؤشرات التي تسلط الضوء على جوانب عدة، منها المشاركة في العملية السياسية والتنموية، والحماية من العنف والتمييز، والتمكين الاقتصادي والاجتماعي.
من أجل تقييم وضع الدول من خلال حقوق المرأة يجمع مؤشر المرأة والسلام والأمن (WPS) عدة ركائز وهي التعليم، والتصورات حول الأمن، والتمثيل البرلماني، ووفيات الأمهات، والحماية القانونية والقرب من النزاعات المسلحة، وغيرها، حيث يأخذ بعين الاعتبار 13 عاملاً في مقياس قابل للمقارنة عبر البلدان.
ووفق التقرير فإن البلدان التي تتمتع فيها المرأة بوضع جيد هي أيضاً أكثر سلمية وديمقراطية وازدهاراً، وأفضل استعداداً للتكيف مع آثار تغير المناخ، حيث ترتبط هذه الآثار ارتباطاً أقوى بوضع المرأة، أكثر من ارتباطها بالناتج المحلي الإجمالي للبلد.
"الدنمارك الأكثر أماناً للنساء"
وترأست القائمة الدنمارك كونها الأكثر أماناً للنساء في عام 2024 تليها سويسرا ثم السويد وفنلندا وآيسلندا، بالمقابل كانت أفغانستان الأسوأ في القائمة، تليها اليمن، وجمهورية أفريقيا الوسطى وجنوب السودان.
وسجلت الإمارات النتيجة الأفضل بين دول الشرق الأوسط، حيث احتلت المرتبة 22 عالمياً، والأولى بين الدول العربية تليها البحرين في المرتبة 56 ثم الكويت في المرتبة 61 عالمياً، وجاءت السعودية في المرتبة 67، تليها عُمان 75، ثم "إسرائيل" 80، حيث تشاركت المرتبة نفسها مع قطر، بينما جاء الأردن في المرتبة 92 تلتها تونس في المرتبة 96، وتركيا 99، ومصر 110، والمغرب 114، والجزائر 118، وليبيا 122، ولبنان 128، وإيران 140، وموريتانيا 151، وجيبوتي 153، وفلسطين 156، والسودان 164، والعراق 168، والصومال 169، وسوريا 171، واليمن 176 في المرتبة ما قبل الأخيرة.
الأسوأ
وأكد التقرير أن أداء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هو الأسوأ، خاصةً فيما يتعلق بالتمييز القانوني والوصول إلى العدالة، ففي إيران والأردن والكويت وفلسطين وقطر وسوريا واليمن لا توجد عقوبات جنائية على التحرش الجنسي في أماكن العمل، وفي 10 دول في المنطقة، يُلزم القانون النساء بطاعة أزواجهن، ولم يتحسن وضع النساء في كل من أفغانستان والعراق وسوريا واليمن فمنذ الإصدار الافتتاحي لمؤشر المرأة والسلام والأمن لعام 2017/2018 كانت هذه الدول من العشرة الأخيرة، وقد شهدت صراعات في السنوات الأخيرة، وكان العام 2022 هو الأكثر دموية.
وفي "الدول الهشة" تتعرض امرأة واحدة من كل 5 نساء للعنف المرتبط بالشريك الحالي، وتعيش 6 نساء من كل 10 بالقرب من نزاع، ويبلغ عدد وفيات الأمومة حوالي 540 لكل 100000 ولادة حية، وهو أكثر من ضعف المعدل العالمي البالغ 212.
وتحتل منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا المرتبة الثالثة من حيث السوء بشكل عام، ولكنها تمتلك أوسع نطاق للأداء، بالمقارنة مثلاً ما بين الإمارات في المرتبة 22 واليمن 176. فيما يظهر أداء منطقة دول جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا بشكل عام أفضل قليلاً من مجموعة "الدول الهشة"، التي هي صاحبة الأداء الأسوأ بحسب التقرير.
في المقابل تحقق مجموعة "الدول المتقدمة" أفضل أداء، حيث تتفوق بشكل كبير على المتوسط العالمي في جميع المؤشرات الثلاثة عشر، بحسب التقرير.
أبعاد معينة
وأكد المؤشر أن هناك حاجة إلى التحسين في جميع البلدان المدرجة في المؤشر، فالعديد منها يحقق أداء أفضل أو أسوأ في بعض معايير وضع المرأة، مقارنة ببعضها الآخر، وهو ما يسلط الضوء على أهمية قياس وضع المرأة في أبعادها العديدة.
ففيتنام تمتلك أكبر تباين عبر الأبعاد الثلاثة، حيث تحتل مرتبة جيدة نسبياً (24) في الأمن، بسبب التصورات القوية لسلامة المجتمع، ولكنها تراجعت إلى المرتبة 154 في العدالة بسبب ارتفاع مستويات التحيز ووفيات الأمهات.
وضمن بُعد الدمج، فالتفاوتات صارخة بشكل خاص بالنسبة إلى عمل المرأة وإدماجها المالي فعلى الرغم من أن متوسط نسبة تشغيل المرأة تبلغ 53 في المئة على مستوى العالم، إلا أنه يتراوح بين 90 في المئة في مدغشقر وجزر سليمان وبوروندي، وتتجاوز 95 بالمئة في 30 دولة لكنها تنخفض إلى 10 في المئة أو أقل في 8 دول، حيث يسجل اليمن 6 في المئة فقط، بينما تمتلك أقل من 5 في المئة من النساء حق الوصول إلى حسابهن المصرفي الخاص، في أفغانستان وجنوب السودان.
وعلى مقياس من 0 إلى 4، يسجل عامل الوصول إلى العدالة درجات البلدان حول مدى امتلاك النساء لمسارات آمنة وفعالة نحو العدالة، بما في ذلك القدرة على رفع القضايا إلى المحاكم، والمشاركة في المحاكمات العادلة، والسعي للحصول على تعويضات وإجراءات دفاع مناسبة عند انتهاك حقوقهن.
وبحسب التقرير لا توجد دولة لديها درجة مثالية في الوصول إلى العدالة، على الرغم من أن الدنمارك تحصل على أعلى الدرجات عند 3.96.
وتحقق أفغانستان أقل نتيجة على هذا المؤشر، حيث يعود رصيدها البالغ 0.37 إلى نظام طالبان القمعي الذي قيد بشدة قدرة المرأة على السعي إلى العدالة بأمان وإنصاف.
من بين مجموعات الدول والمناطق، تحصل مجموعة "الدول المتقدمة" على أعلى الدرجات بشكل عام في مجال الوصول إلى العدالة، عند 3.53، تليها دول جنوب الصحراء الكبرى الأفريقية، عند 2.21، وتسجل تسع من أسوأ 12 دولة أداءً في الوصول إلى العدالة أي نتائج أقل من المتوسط العالمي في التمييز القانوني.
وسجلت منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أسوأ أداء على كل من التمييز القانوني والوصول إلى العدالة.
في حين يأخذ بُعد الأمن في الاعتبار المخاطر التي تهدد سلامة المرأة على مستوى الأسرة والمجتمع ككل، وبالنسبة للعنف الأسري فإن النسب تتفاوت بشكل كبير بين الدول، فالعراق مثلاً سجل هذا العنف لدى 45 في المئة من النساء اللواتي سبق لهن الارتباط فيما تنخفض النسبة إلى 2 في المئة في سنغافورة وسويسرا.
ويذكر التقرير أن التقديرات الواردة في هذا المعيار تعود إلى نتائج تم جمعها آخر مرة من قبل منظمة الصحة العالمية وهيئة الأمم المتحدة للمرأة في عام 2018، قبل جائحة كوفيد -19، التي أدت إلى تفاقم العنف المرتبط بالشريك في جميع أنحاء العالم، ما يشير إلى احتمال ارتفاع أكبر في هذه النسب.
من جهة أخرى يحدد مؤشر سلامة المجتمع تصورات المرأة عن الأمن في حيها، حيث أفادت ما يقرب من ثلثي النساء (64 في المئة) على مستوى العالم بأنهن يشعرن بالأمان وهن تمشين بمفردهن في أحيائهن ليلاً، ففي الكويت وسنغافورة والإمارات العربية المتحدة والصين وتركمانستان، تتجاوز المعدلات 90 في المئة، بينما في غامبيا وإسواتيني وليسوتو، تنخفض المعدلات إلى حوالي الربع أو أقل.
وعلى المستوى الإقليمي، تشعر النساء في شرق آسيا والمحيط الهادئ بأعلى معدلات الأمن المجتمعي، حيث تصل إلى 83 في المئة، بينما تحتل أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي المرتبة الأدنى، بنسبة 40 في المئة، وهذه المنطقة لديها أعلى معدلات لأحداث العنف السياسي ضد المرأة وثاني أعلى نسبة من النساء اللواتي يعشن بالقرب من النزاع (بعد مجموعة "الدول الهشة").
العنف السياسي
المشاركات في السياسة معرضات للعنف على وجه التحديد بسبب أنشطتهن السياسية أو السياسات التي يدعمنها، ففي عام 2023، قام نائبان بمضايقة وضرب النائبة السنغالية، إيمي ندياي غنيبي، بعد أن انتقدت شخصية دينية معارضة، وفي نفس العام ألقى مجهول مادة حمضية على وجه ليليا باتريشيا كاردوزو، المدافعة الكولومبية عن حقوق المرأة.
وفي عام 2022، اختطفت قوات طالبان وضربت وعذبت المدافعين عن حقوق المرأة الأفغانية، بروانا إبراهيم خيل، وتمانا زرياب بارياني، و3 من أخوات بارياني التي شاركت في احتجاج من أجل حقوق المرأة في التعليم والعمل والحرية بالقرب من جامعة كابل.
كما يرى التقرير أن العنف الجنسي، أداة أخرى من أدوات العنف السياسي الجسدي ضد المرأة، ويحدث داخل وخارج أماكن الصراع. وفي حين يُرتكب العنف الجنسي ضد الأشخاص من جميع الأجناس، إلا أن النساء يتم استهدافهن بشكل غير متناسب.
العنف الجنسي
كما لفت التقرير إلى العنف الجنسي الذي يتم استخدامه لتأكيد الهيمنة السياسية وبث الخوف في المعارضة وهو تكتيك للترهيب، ويؤدي إلى صدمة دائمة، ويؤدي إلى تضخيم العنف والهيمنة الأبوية في الصراعات العسكرية، مما يتيح استمرار العنف ضد النساء.
واعتبر التقرير إن القيود المفروضة على استقلالية المرأة الإنجابية شكل آخر من أشكال سياسة العنف فالحكومة الصينية تواصل التعقيم القسري لنساء الأويغور، مع وجود خطط لاستهداف ما لا يقل عن 80 في المئة من المعتقلين، ومنذ عام 2013، أجبرت الحكومة النيجيرية أكثر من 10000 امرأة حملن من قبل أعضاء جماعة "بوكو حرام" لإجراء عمليات الإجهاض.
ويعتبر التقرير أن التحرر من العنف السياسي أمر ضروري لإشراك المرأة بشكل هادف في عملية صنع القرار في مجال السلام والأمن، وضمان المشاركة النشطة للمرأة وقيادتها في المؤسسات الرسمية والسياسة والمجتمع المدني، كما يدعو التقرير صناع السياسات إلى اعتبار العنف السياسي قضية سلام وأمن، وقضية تنمية مستدامة، وقضية عدالة بيئية، وقضية إنسانية.
وأظهرت دراسات متعددة أن النزاع المسلح يزيد من وفيات الأمهات، ويزيد من المخاطر العنف القائم على النوع الاجتماعي، كما يؤدي إلى مستويات غير متناسبة من التسرب من المدارس الفتيات، ويخلق حواجز أمام فرص كسب العيش للمرأة، وجميعها تهدد سلامة المرأة المباشرة بينما تقلل من ازدهارها وفرصها على المدى الطويل، وبالتالي توسيع الفجوات ومنع التعافي العادل بين الجنسين.
وأكد التقرير في ختامه على ضرورة الاستثمار في المرأة كعنصر أساسي لحماية أمن ورفاهية المجتمع على اعتبار أن "رفاهية المرأة ورفاهية الدول يسيران جنباً إلى جنب".