مطالبات بتعديل القانون الجنائي لحماية المغربيات من التمييز

انتقدت ناشطات حقوقيات/ون ومحاميات/ون الصيغة الحالية للقانون الجنائي المغربي، واصفات/ين هذا القانون بـ "المتجاوز"، إذ تتعارض نصوصه مع التطور الذي وصل إليه المجتمع المغربي.

حنان حارت

المغرب ـ أكدت حقوقيات وحقوقيون أن المغرب يحتاج إلى قانون جنائي يليق به، ما يفرض ضرورة تغيير القانون الحالي، بما يتوافق مع القانون الدولي الإنساني، لضمان حماية النساء من التمييز والعنف والرقي بحقوقهن الأساسية.

نظمت فدرالية رابطة حقوق النساء بشراكة مع شبكة محاميات ومحامين ضد عقوبة الإعدام، أمس السبت 8 حزيران/يونيو، في مدينة الدار البيضاء، مائدة مستديرة حول موضوع "القانون الجنائي: سؤال المساواة، الحرية والحقوق؟".

وركزت المداخلات على أن هناك حاجة ملحة لمناقشات حاسمة في القانون الجنائي، مع استحضار جهود الحركة النسائية في العالم كما في المغرب، للدفع بالمساواة وترسيخ مقاربة النوع بعد الاستماع المطول لتجارب نسائية ومآسي جعلت الشرائع الدولية تضع انتهاكات الحرمة الجسدية للمرأة ضمن خانة الجرائم.

وقالت المشاركات/ون في الندوة إن المغرب اليوم يوجد على مشارف طريق دقيق لمنظومة جنائية ومدنية، وأن التشبث بكونية الحقوق زادت من مطالب تغيير القانون الجنائي، بحثاً عن قوانين متشبعة بحقوق الإنسان وضمانات الحرية والكرامة، بعد أن مر التشريع الجنائي المغربي بعدة رهانات وتحديات.

وأوضحت عضوة فدرالية رابطة حقوق النساء سعاد بطل، أن مناقشة القانون الجنائي هو مرآة المجتمع واليوم باتت الضرورة ملحة من أجل إعادة صياغة بنوده، في ظل التغيرات المجتمعية التي يعرفها المغرب.

وحول لماذا اليوم يطرح بشدة تعديل هذا القانون، قالت "هذا اللقاء فرصة للانفتاح على المحاميين العاملين على تطبيق القانون ومعرفة ثغراته من أجل المساهمة في تطويره، كما أن هناك الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب، بحيث أن الدستور المغربي في ديباجته نص على سمو الاتفاقيات الدولية عن القوانين الوطنية، وبالتالي التشريعات الوطنية لم تعد اليوم تتماشى وتتلاءم مع ما يعيشه المواطنين/ات المغاربة".

وبينت أنه ارتباطاً بالعمل الميداني الذي تقوم به فيدرالية رابطة حقوق النساء، وبالنظر إلى مظاهر العنف التي تعرفها النساء تطرح مجموعة من الأسئلة مثل أية حماية وحقوق وحريات يضمنها هذا القانون؟ "لقد انخرطت فيدرالية رابطة حقوق النساء في ورش تعديل مدونة الأسرة، لهذا لم يعد مسموحاً مناقشة القانون الجنائي في معزل عن مدونة الأسرة ولا مناقشة القانون الجنائي بمعزل عن مدونة الأسرة لأن كل القوانين مرتبطة ببعضها البعض".

وأبرزت أن فيدرالية رابطة حقوق النساء، صاغت العديد من المذكرات وأعطت مجموعة من الاقتراحات بشأن تعديل القانون الجنائي وكذلك المسطرة الجنائية "اليوم يزيل المختصون والمحامون/ات النقاب عن الثغرات التي يعرفها القانون الجنائي في مجتمع متطور لم يعد يصلح فيه تطبيق هذا القانون".

 

 

بدورها قالت المحامية نبيلة جلال، إن القانون الجنائي لصيق بالإنسان؛ وبالتالي مطروح للنقاش ومطلوب من كل المواطنين/ات وكل المكونات المغربية أن تناقش هذا الموضوع، لأن له ارتباط بحرية وسلوكيات الإنسان اليومية "من حق المجتمع ككل أن يساهم في هذا النقاش العمومي"، لافتةً إلى أن هناك أيضاً إشكاليات أخرى في القانون الجنائي تتعلق بالحرية والمساواة وكل ما يتعارض مع ما هو حقوقي.

وعن تنظيم هذا اللقاء بشراكة بين فيدرالية رابطة حقوق النساء وشبكة محاميات ومحامون من أجل مناهضة عقوبة الإعدام، قالت "كحركة حقوقية كل له منظوره وزاويته وطريقة معالجته، فالجمعيات النسائية تعمل على كل ماله علاقة بالقضية النسائية من داخل منظومة القانون الجنائي، فيما الشبكات المناهضة لعقوبة الإعدام تعمل من داخل القانون الجنائي على إلغاء عقوبة الإعدام انسجاماً مع التوجه الدولي والمغربي، لهذا يبقى التنسيق بين هذه المكونات ضروري من أجل مزيد من الضغط والدفع نحو التعجيل بتعديل القوانين التمييزية".

وأبرزت أنه اليوم باتت الضرورة ملحة من أجل تعزيز الترافع لإلغاء عقوبة الإعدام، لأنها تتعارض مع الحق في الحياة، مشيرة إلى أنه في المغرب برغم أن القضاء ينطق لعقوبة الإعدام، إلا أنه لا يتم تنفيذها.

وحول التوصيات التي خرجت بها الندوة، أوضحت أن أول توصية يتم رفعها هي ضرورة ملاءمة القانون الجنائي مع الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب والتركيز على فلسفة القانون الجنائي، بما يضمن حرية الأفراد ويضمن سلامة وحماية النساء والمساواة بين النساء والرجال في جميع الحقوق والواجبات على مستوى هذا القانون.

وبينت أن المطلوب هو وضع قانون جنائي جديد يجيب على كل الإشكاليات المطروحة على المجتمع المغربي، وألا يقيد الحرية وأن يكرس المساواة وأن يكون منسجماً مع اختيارات المملكة المغربية التي تصنف نفسها اليوم في مصاف الدول الديمقراطية التي تسعى لتكريس حقوق الانسان "كأفراد يجب أن نلامس التغييرات على مستوى القوانين والتشريعات التي تنظم حياة الأفراد".