مسيرة احتجاج... تونسيات يتوجهنَّ صوب العاصمة سيراً على الأقدام
انطلقت منذ خمسة أيام، 11 امرأة تونسية في رحلة لقطع مسافة 400 كم من منطقة "أم العرائس" بمحافظة قفصة بالجنوب الغربي التونسي إلى قصر قرطاج بالعاصمة تونس سيراً على الأقدام، لإيصال أصواتهن وعرض معاناتهن ووضعهن الصعب على الرئيس قيس سعيد
زهور المشرقي
تونس- .
قالت ليلى زغدود لوكالتنا، بأنها توجهت ورفيقاتها إلى العاصمة للقاء الرئيس قيس سعيد لإيصال أصواتهن التي لم تعد تحتمل الصمت بعد اليوم، مشيرةً إلى أنهن ينوين مقابلة الرئيس لسرد قصصهن المؤلمة مع الفقر ولبحث حلول جذرية لأوضاعهن.
ولفتت إلى أنها سبق أن اعتصمت في مقر المحافظة بقفصة، لكن كل الاعتصامات قوبلت باللامبالاة من الجهات المعنية، وقالت إن "الكأس فاضت ولا مجال للصمت بعد اليوم فالحقوق تفتك ولا تهدى، ونحن صبرنا كثيراً ولم ننل من حقنا في الحياة الكريمة غير الوعود الزائفة".
وأكملت "أن تكوني تونسية متعلمة يتجاوز عمرك الأربعين وتعجزين عن توفير أبسط حاجياتك اليومية لأنك مقصية ومحرومة من حقك في العمل، وحتى عملنا الموسمي في المزارع لا يحل مشاكلنا، ولا نحصل سوى على نسبة قليلة من المال، ونحن في بلد يتشدّق بريادته في ضمان حقوق المرأة".
أما سالمة العيدودي، فقد عبرت عن أملها في أن يقابلهن الرئيس وينجح في إيجاد حل للمعاناة التي استمرت طويلاً، فشبح الجوع يهددهن، مطالبة بضرورة توفير عمل لائق لأبنائهن أيضاً، ومنهم من هو حاصل على شهادات جامعية وظلوا ينتظرون قرابة عقد من الزمن للحصول على وظيفة برغم توالي الحكومات منذ 2011 إلا أنها ظلت غير مبالية.
في بلد يتغنى فيه البعض بمجلة الأحوال الشخصية التي تدافع عن حقوق المرأة، تعيش هؤلاء النساء ظروفاً قاهرة نتيجة الفقر، يمشين حافيات على الطرقات ولهيب الشمس يلفح وجوههن في حر الصيف، حيث بلغت الحرارة 49 درجة مئوية والعطش والجوع رفيقهن في مسيرة الـ 400 كلم.
أما عزيزة القطاري، فتحدثت ولم تتمالك دموعها، عن وضعها الاجتماعي الصعب وعن سياسة التهميش من قبل معتمد الجهة وكذلك من محافظ المنطقة الذي قام بطردها حين احتجت مطالبة بعمل يضمن قوتها ويحفظ كرامتها.
وبدورها عبّرت الناشطة النسوية ورئيسة جمعية "صوت حواء" جنات كداشى عن مساندتها المطلقة للنساء ضحايا الفقر والتهميش، داعية إلى تفعيل الوعود السابقة بتشغيل أبنائهن أو تشغيلهن بما يضمن حداً مقبولاً من حياة الاستقرار، مشددة على أنه من غير المعقول أن تحتفل تونس بالذكرى 65 لصدور مجلة الأحوال الشخصية ونساؤها يعاملن بهذه الطرق المخزية المعارضة للمبادئ الإنسانية، ودعت السلطات المعنية للاستماع إلى مطالبهن والسعي عاجلاً إلى إيجاد حلول لهن.
ومن جانبها، علقت الناشطة بالمجتمع المدني في محافظة قفصة رحمة زغدودي على الاحتجاجات قائلة "عودتنا المرأة التونسية منذ عقود بطريقة احتجاجها الراقية والسلمية، أن نساند النساء ونطالب بتفعيل الوعود التي ظلت حبراً على ورق... جميعنا لن نصمت إزاء مهزلة تجويع نساء بلدتي الفقيرة".
وأضافت "السلطات وكذلك النواب بالبرلمان يعيشون في أبراج عاجية منفصلين عن هموم الفئات المهمشة والفقيرة في البلاد، متنكرين لوعودهم الانتخابية ولا يشعرون بالمعاناة اليومية لهذه الفئات وما تواجهه المرأة الريفية العاملة في المَزارِع من مخاطر جسيمة بسبب صعوبة النقل في المسالك الزراعية حيث تعرضت على مدى السنوات الماضية لحوادث خطيرة إلى جانب الاستغلال البشع لجهودها لأكثر من تسع ساعات يومياً مقابل أجر زهيد للغاية وعادة ما تستقل العاملات شاحنات مكتظة وسيارات رباعية الدفع مفتوحة من الوراء، ما يؤدي إلى تكرر حوادث السير المميتة".
وتساءلت "هل يدرك المسؤولون هذه المأساة؟ وهل يتطلب هذا الوضع التأجيل أو الانتظار؟"
وأعربت عن أملها في أن تجد الجواب من الحكومة، مذكّرة بأن منطقة قفصة هي مركز الإنتاج الرئيسي للفوسفات بتونس الذي يغطي نسبة كبيرة من ميزانية الدولة، ومن غير المنطقي أن يبقى أبناء الجهة ونساؤها بوضع التهميش هذا.
وقال مرافقهن حمدي سلمِي، "إنهن انطلقن منذ أيام من المحافظة قفصة متوجهات إلى العاصمة تونس"، لافتاً إلى أنهن يعشن ظروفاً اجتماعية صعبة في الوسط الفلاحي.
وأفاد بأنهن لا يحظين بما يليق بحجم دورهن في الجهة، ويتعرّضن لاضطهاد اقتصادي واجتماعي كبير، مشيراً إلى أنهن تقدمن بطلب إلى السلطات المحلية لتشغيلهن مقابل راتب يضمن كرامتهن ويوفر قوت العائلات ويقيها مرارة الفقر، إلا أن جل مطالبهن قوبلت باللامبالاة.
وشدد محدثنا وهو مرافق لهن ومساند لنضالهن ضد سياسة التهميش، على ضرورة إيلاء أهمية للمرأة الريفية المهمشة في تلك الجهات التي تعاني الفقر وارتفاع نسب البطالة والخصاصة.